ربما تمكن البعض من رواد الأعمال من تحويل أفكارهم إلى مشاريع تجارية على أرض الواقع، ويبدو أن العملاء راضون عن الخدمات التي تقدمها تلك المشاريع، ولكن هل يعد ذلك نجاحًا كبيرًا؟ نعم، ولكن ألا تحتاج هذه المشاريع إلى المزيد لكي تضمن البقاء والاستمرارية في ظل المنافسة الشديدة التي يشهدها السوق العالمي؟ بكل تأكيد، فعملية البقاء ليست بالأمر السهل كما يظن البعض، فهي معادلة تكاد تكون صعبة لكن ليست مستحيلة، فهناك الكثير من الأمور التي ينبغي على رواد الأعمال وأصحاب المشاريع إتقانها.
ويُمكننا تشبيه الشركات أو المؤسسات التجارية بالبيوت التي تُبنى من خلال بطاقات اللعب، فوضع بطاقة بطريقة صحيحة ربما يستغرق الكثير من الوقت والجهد والتركيز والدقة والصبر، لكن ربما مع أول نسمة هواء شاردة، يتحطيم كل شيء وإهداره على الأرض من جديد، وكأن الشيء لم يكن من الأساس، فالشاهد من ذلك التشبيه أن عملية تحويل الأفكار إلى مشاريع تجارية على أرض الواقع تستغرق الكثير من الجهد والتعب والشقاء والتركيز والصبر، فلا مجال للإهمال أو ارتكاب الأخطاء.
لذلك؛ في هذا المقال نتحدث تفصيليًا عن أبرز الأخطاء التي قد يقع فيها البعض من رواد الأعمال وأصحاب الشركات أو المؤسسات التجارية لتجنبها.
عدم فهم المستهلكين
أبرز الأخطاء التي يرتكبها رواد الأعمال وأصحاب الشركات أو المؤسسات التجارية، هي عدم فهم الجمهور المستهدف والعملاء، ففي ظل التطور الكبير والمتسارع لتكنولوجيا المعلومات ومع تطور الشبكات الاجتماعية، أصبح العملاء أكثر فهمًا ودراية بكل ما يتعلق بجودة المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات؛ لذا فأول خطوة لتقديم تجربة أفضل لهم هي فهم احتياجاتهم.
ويمكن لأصحاب الشركات التجارية تحقيق أقصى نجاح إذا تمكنوا من فهم توقعاتهم بدقة، فبلا شك أن معرفة العملاء تؤثر بشكل كبير في عملك، وهي تعني أن يكون لديك تصوّر جليّ حول ديمغرافيتهم وميولهم واتجاهاتهم والبيانات العامة عنهم.
هناك الكثير من الوسائل التي يمكن من خلالها فهم العملاء وتوجهاتهم، ولعل أبرزها تجميع وتحليل البيانات ذات الصلة التي تمتلكها عن عملائك، وأن تطلع على تعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال إجراء استطلاعات الرأي، والدراسات الاستقصائية، والتحدث مع الناس ومع فريق خدمة العملاء.
عدم التركيز على جودة المنتج
إن جودة المنتجات أو الخدمات التي تقدمها الشركات أو المؤسسات التجارية، من الأمور التي لا تقبل أي خلاف أو نقاش، فهي واحدة من أهم الأدوات التي بلا شك تجذب العملاء وتكسب ثقتهم، فيمكننا القول إن جودة المنتج هي علامة تنافسية لكل الشركات التجارية، تؤثر في قرارات الشراء وتحسين الربحية، وتساعد في الزيادة المحتملة بالحصة السوقية بالإضافة إلى توفير التكلفة، وهي واحدة من أهم الخصائص التي تحدد الطلب على المنتج ولها أهمية استراتيجية لصحة اقتصاد الشركات، إذن فهي الشيء الأكثر أهمية الذي يضمن رضا العملاء والجمهور.
ومن أكثر الأخطاء التي يرتكبها أصحاب الشركات أو المؤسسات التجارية، هي عدم التركيز على الجودة في المنتج الذي يقدمونه، وبسبب ذلك يقامرون بخسارة ثقة العملاء، فجودة الخدمات والمنتجات تعتبر واحدة من الطرق التي تساعدك في جعل المستهلكين يشعرون بالتقدير والثقة فيما تقدمه.
وفي هذا الصدد، أفادت بعض الدراسات المتخصصة في المجالات التسويقية، بأن العلامات التجارية عالية الجودة ستحقق عمليات شراء أكثر، فإنفاق المزيد من الوقت والمال والجهد من أجل تحسين جودة المنتج قبل طرحه في السوق يقلل من شكاوى العملاء ويرفع نسبة العائدات.
وكن على علم بأن عملاءك ينتظرون منك تقديم منتجك بجودة أعلى وبمواصفات عالمية، ولو فشلت فسوف يبحثون بسرعة عن البدائل، ويُمكن أن يؤدي سوء جودة الخدمة أو فشل المنتج إلى حملة مضادة من طرف المستخدمين، والتي قد تلحق في نهاية المطاف ضررًا كبيرًا بسمعة مؤسستك أو شركتك التجارية.
التقليل من أهمية التسويق
التسويق هو سر بقاء الشركات، بمعنى آخر يمثل التسويق أحد أهم الأنشطة التي تقوم بها الشركات التجارية والتي تعتمد على إيجاد المنافع لضمان الاستمرارية، كما أن تسويق المنتجات أو الخدمات التي تشبع حاجات العملاء هو القاعدة لخلق المنافع، ففي هذا الصدد، يقول «بيتر دراكر»؛ كاتب ومتخصص في الشئون التسويقية: «إذا ما أردنا أن نعرف ما هو نشاط الأعمال يجب أن نبدأ بتحديد الغرض منه وهذا الغرض يجب أن يقع خارج نشاط الأعمال ذاته»؛ لذلك فمستوى الوعي لدى العاملين يحدد مستوى العبء على قسم التسويق، فكلما كان طاقم الشركة على علم ووعي كامل بمهارات التسويق من اتصالات وقدرة على كسب ثقة العملاء وحسن التعامل والسلاسة في الكلام كان ذلك تسويقًا للشركة.
توقُّع دائمًا بأن العملاء سيبذلون قصارى جهدهم في البحث عنك ومتابعتك عندما يكون السوق بالفعل يعج بالمئات من رواد الأعمال الذين يقدمون خدمات مماثلة واعدة كالتي تقدمها، فالتقليل من أهمية التسويق يُكبدك خسائر كبيرة لمشروعك التجاري.
إهمال الجانب المعرفي
من أكثر الأخطاء التي قد يقع فيها البعض من رواد الأعمال وأصحاب الشركات التجارية، إهمال الجانب المعرفي والمفاهيم الاقتصادية التي تتعلق بالقطاع الخدمي، وهو الأمر الذي قد يتسبب في تراجع مؤسساتهم عن منافسيهم؛ لذلك فالجانب المعرفي ومواكبة المفاهيم الحديثة والمتطورة بسوق العمل إحدى الأدوات التي تُمكنك من التنافسية.
على ضوء التطورات الحاصلة في الكثير من المجالات التكنولوجية، خاصة تكنولوجيا المعلومات، وأهمية مواكبتها من قِبل الشركات أو المؤسسات التجارية بهدف التميز عن أقرانها، يُساعد في نهاية المطاف على تحقيق الإبداع داخل المؤسسة، والذي يُعد من الركائز الأساسية في عملية البقاء والتميز عن المنافسين، إذن، يُمكننا القول بأن الجانب المعرفي من الأشياء الضرورية التي لا يُمكن لأي شركة ترغب في تحقيق النجاح إهماله.
تجاهل المنافسة
إن تجاهل منافسيك وقلة التركيز في عملك الذي يتعلق بشركتك أو مؤسستك التجارية والعمل بدون دراسة السوق بشكل متعمق، سجعلانك عاجزًا عن ختراق هذا السوق ووضع صبغة علامتك التجارية التي تميزها عن باقي المنافسين، لذا ينبغي على رواد الأعمال وأصحاب الشركات التجارية تخصيص البعض من الوقت في دراسة السوق المغمور بالكثير من المنافسين، ومحاولة فهم نقاط القوه والضعف ورسم الخطط ووضع الاستراتيجيات بناءً علي نقاط الضعف لديهم.
فقُبيل البدء في عرض منتجاتك أو خدماتك على العملاء، ينبغي عليك أولًا أن تتبع عددًا من الخطوات المتتابعة من أجل تحديد نقطتين رئيسيتين، تحديد طبيعة السوق، ومعرفة حجم المنافسين؛ من خلال معرفة القيمة الخاصة بالمنافسين، ومنها ستتمكن من تحديد أهم المنافسين وأكثرهم شراسة وتهديدًا للقطاع الذي تستهدفه من السوق.
في نهاية المطاف، لكل مرحلة من مراحل الشركات وتطورها متطلبات مختلفة لمواصلة عملية النجاح تختلف عن متطلبات المرحلة السابقة، وقد تكون تلك المتطلبات اهتمامًا بالجانب المعرفي ودراسة السوق والمنافسين وتطوير الاستراتيجيات والخطط الموضوعة، وبالتالي ستحقق الميزة التنافسية وتضمن البقاء.
اقرأ أيضًا: تحليل مشروعك الريادي.. الخطوة الأولى للنجاح