“عملك سيملأ جزءًا كبيرًا من حياتك، والطريقة الوحيدة التي تكون بها راضيًا عن ذلك هو أن تفعل ما تؤمن بأنه عمل عظيم. والطريق الوحيد لأداء عمل عظيم هو أن تُحب ما تعمل، فإذا لم تصل بعد إلى هذا الشعور في عملك فاستمر في البحث دون توقف، فإن قلبك سوف يتعرف على ذلك العمل عندما تجده”.
كانت هذه مقولة عبقري غيّر وجه العالم باختراعات وأفكار ثورية؛ إنه ستيف جوبز مؤسس شركة أبل، الذي نتعرف على مسيرته ليقتدي به رواد الأعمال الذين بدأوا يسلكون طريق الريادة.
النشأة
وُلد “ستيف جوبز” في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، في الرابع والعشرين من شهر فبراير عام 1955. رائد أعمال في مجال التكنولوجيا، وكان الشريك المؤسس للشركة المعروفة “أبل”.
وتبناه كلُ من بول وكارلا جوبز، فنشأ مع أخته “باتي بول جوبز” التي كانت تعمل في مهنة إصلاح السيارات.
وادي السيليكون
في عام 1961م انتقلت الأسرة إلى موونتن فيو؛ إحدى مدن مقاطعة سانتا كلارا بكاليفورنيا، والتي أصبحت مركزًا للإلكترونيات، وتسمى الآن “وادي السيليكون” نسبة إلى مادة السيليكون المستخدمة في تصنيع بعض الأجزاء الإلكترونية.
ولع ستيف جوبز بالتكنولوجيا
كان ستيف جوبز يحب الاعتماد على نفسه منذ الصغر، وكان مولعًا بالتنافس، ولكنه لم يكن مهتمًا بالانضمام إلى فرق الرياضات المختلفة أو حتى الأنشطة الأخرى، بل بالإلكترونيات والابتكارات، فكان يقضي وقتًا طويلًا في ورشة بجراج جاره، الذي كان يعمل بشركة هوليت باكارد المعروفة بـ” إتش بي”.
بعد تخرجه من المدرسة الثانوية في عام 1927 التحق ستيف جوبز بكلية ريد في بورتلاتد، بولاية أوريجون الأمريكية لمدة عامين. وبعد فصل دراسي واحد سافر إلى الهند في صيف 1974 لدراسة الأديان الشرقية. وفي عام 1975 انضم إلى أحد أندية الكمبيوتر ويدعى “هوميبرو”، وكان يحضر اجتماعات النادي مع شريكه “وزنياك”، الذي اخترع في عام 1976 جهاز كمبيوتر “أبل 1″، بعد عرضه على ستيف جوبز، الذي اقترح بيعه، فقررا -مع شريكهما الثالث “رونالد واين”- إنشاء شركة أبل في جراج بيت ستيف جوبز.
آبل.. والكمبيوتر الشخصي
أدرك ستيف جوبز وجود فجوة هائلة في سوق الكمبيوتر؛ حيث كان أغلب أجهزة الكمبيوتر حينذاك من النوع الكبير “Mainframe”؛ فكان الجهاز بحجم الغرفة تقريبًا ومكلفًا جدًا؛ بحيث لا يستطيع الفرد امتلاكه.
في عام 1977 أعاد ستيف جوبز وصديقه وزنياك تصميم الكمبيوتر الخاص بهما، وأطلقا عليه جهاز أبل 2؛ ليبيعاه للأفراد، فبلغت مبيعاته في عامه الأول 2.7 مليون دولار، وخلال ثلاث سنوات ارتفعت المبيعات إلى 200 مليون دولار.
بحلول عام 1980 بدأ تصنيع الكمبيوتر الشخصى على مستوى كبير؛ ما أجبر أبل على تحسين منتجاتها باستمرار؛ لتبقى في المقدمة بين المنافسين، فأطلقت جهاز أبل 3 لكنه لم يحقق النجاح نفسه الذي حققه أبل 2؛ ليس لوجود مشكلات تكنولوجية فحسب بل مشكلات تسويقية؛ ما اضطر الشركة إلى سحبه من السوق.
في عام 1983 تم الكشف عن جهاز أبل ليزا، ولكنه لم يحقق مبيعات كبيرة؛ لارتفاع سعره مقارنة بالأجهزة المنافسة، خاصة أجهزة “آي بي إم” التي استحوذت على نصف حصة أبل.
ماكنتوش
كان ماكنتوش، أو ما يعُرف بـ”ماك”، ثورة في عالم الحواسيب الشخصية، وكان ذلك في عام 1984 عندما تم إطلاقه كأول حاسوب شخصي للشركة؛ حيث تميز بواجهة استخدام رسومية وفأرة -كانت أداة جديدة وقتها- الأمر الذي جعل من ماكنتوش جهازًا سهل الاستخدام. وبالرغم من ذلك لم يحقق الجهاز المبيعات المتوقعة؛ لافتقاده بعض الخصائص الموجودة في غيره، كالطابعة ذات الجودة العالية.
كان فشل ماكنتوش إشارة إلى بداية سقوط ستيف جوبز الذي ترك شركته “أبل” عام 1985، ولكنه ظل محتفظًا بلقب رئيس مجلس الإدارة.
شركة نيكست
في عام 1988 أسس ستيف جوبز مع مجموعة من موظفيه السابقين شركة “نيكست” لتصنيع أجهزة كمبيوتر خاصة بالتعليم العالى وسوق الأعمال، كانت تتميز بنظام تشغيل إبداعي.
كان الجهاز سهل الاستخدام ويؤدي العمليات بشكل سريع، وكان ذا واجهة استخدام مميزة، ونظام صوتي رائع، ولكنه لم ينجح أيضًا في السوق.
شركة بيكسار
لم تكن “نيكست” نهاية ستيف جوبز ففي عام 1986 اشترى شركة تدعى “بيكسار” المتخصصة في الرسوم المتحركة المنتجة عن طريق الحاسب. وفي عام 1995 تم إنتاج “Toy Story”؛ أحد أفلام الرسوم المتحركة الشهيرة كأول فيلم متكامل يتم صناعته بأكمله باستخدام حاسب ستيف جوبز.
صنعت الشركة بعدها أفلام رسوم متحركة؛ منها الجزأ الثاني من الفيلم نفسه، وحياة حشرة، وأخيرًا شركة المرعبين المحدودة.
نيكست وأبل
في عام 1996 اشترت أبل “السوفت وير” الخاص بـ “نيكست” مقابل 400 مليون دولار. وعاد ستيف جوبز إلى أبل كمستشار للرئيس التفيذي. وفي حدث مفاجئ بعد ذلك بعام دخلت أبل في شراكة مع منافستها مايكروسوفت؛ لتطرح على مدار ست سنوا، عدة منتجات واستراتيجيات تسويقية جديدة.
في عام 1997 أعلن ستيف جوبز عن أن الشركة ستبيع الأجهزة مباشرة إلى المستخدمين من خلال التليفون والإنترنت، فحقق متجر أبل وقتها نجاحًا باهرًا. وخلال أسبوع كان ثالث أكبر متجر خاص بالتجارة الإلكترونية على الإنترنت. وفي سبتمبر عام 1997 سُمي ستيف جوبز المدير التنفيذي المؤقت لأبل.
وبالرغم من وفاة جوبز في الخامس من أكتوبر لعام 2011 عن عمر يناهز 56 عامًا إلا أن أبل لا تزال تواصل مسيرتها الإبداعية بما تطلقه من أجهزة بالأسواق.
نصائح لرواد الأعمال
يعد ستيف جوبز واحدًا من العلامات الرائدة في تاريخ البشرية، لا سيما وقد طال تأثيره الكثير من جوانب حياتنا، وفيما يلي إشارة إلى أبرز نصائحه لرواد الأعمال:
-
افعل ما تحب
“يمكن للأشخاص الشغوفين تغيير العالم إلى الأفضل”، هكذا يقول جوبز، وبالنسبة له فإن الشغف هو حادي النجاح والدرع الواقية ضد الفشل.
ويرى كذلك أنه يمكن لرواد الأعمال المحتملين أن يعملوا في أي وظيفة كانت حتى يعثروا على شغفهم ويتمكنوا من تحديده، بعد ذلك عليهم أن يتبعوا هذا الشغف ويطاردوه في شتى السبل والدروب.
-
استفد من تجارب الآخرين
يشدد “جوبز” على الاستفادة من الآخرين وتجاربهم، فالإبداع يربط الأشياء والأشخاص معًا، والأشخاص الذين لديهم مجموعة واسعة من التجارب الحياتية يمكنهم، غالبًا، رؤية الأشياء التي يفتقدها الآخرون.
-
تجرأ على الرفض
ستيف جوبز كان فخورًا بالكثير من الأشياء التي رفضتها Apple بقدر فخره بالأشياء التي قررت الانخراط فيها، وفي عام 1997 كان لدى الشركة 350 منتجًا ولكنه خفّضها إلى 10 منتجات فقط خلال عامين؛ إنه يبحث عن التميز وهو ما حققه بالفعل.
أشهر مقولاته
“لا يهمني أن أكون أغنى رجل قدر ما يهمني أن أعود للفراش في المساء وأنا أشعر أنني فعلت شيئًا رائعًا!”
“لأن البشر الذين لديهم ما يكفي من الجنون للاعتقاد بأنهم يستطيعون تغيير العالم، هم من يغيرونه فعلًا”.
“وقتك محدود، فلا تهدره في أن تعيش حياة شخص آخر.. تحلَ بالشجاعة لأن تتبع قلبك وحدسك؛ فكليهما يعرف بطريقةٍ ما بالفعل ما تريد حقًا أن تكون عليه. كل ما عداهما ثانوي”.
“أرى المال وسيلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وليس جزءا ممن أكون”.
اقرأ أيضًا: