كشف برنامج “حساب المواطن” الذي أطلقته وزارة المالية نهاية شهر يناير المنصرم بهدف دعم محدودي الدخل،عن مواصلة المرأة السعودية لسلسلة من النجاحات على الصعيدين المهني والأسري؛ إذ تبين بعد أقل من أسبوع على فتح باب التسجيل، أن النساء تُعيل بمفردها نحو 28% من الأسر بالمملكة، وهي نسبة تُعد أقل من المعدل الفعلي، عند الأخذ في الاعتبار عدم التحاق كثير من النساء بالبرنامج بعد.
ولاشك في أن تلك الظاهرة لا تقتصر على المملكة العربية السعودية فحسب، بل تعاني منها أغلب دول العالم المكتظة بنساء يتولين بمفردهن رعاية أنفسهن وأسرهن ماديًا، دون الاستناد إلى رجلٍ بشكل كامل؛ إما لغياب رب البيت، أو لعدم كفاية دخله لاستيفاء متطلبات الأسرة.
ويبرز اهتمام المملكة بهذه الظاهرة نتيجة تصاعد الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة في مُختلف مناحي الحياة خلال الآونة الأخيرة، والذي جعل منها محطة لجذب الانتباه في أي فعاليةٍ، أو حدثٍ، أو قرارٍ تتخذه الحكومة.
وأتوقع أن تشهد معدلات المرأة المعيلة ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس المُقبلة، في ظل رؤية 2030 التي تستهدف رفع نسبة مشاركة النساء في سوق العمل من 5% إلى 28% إبان تلك الفترة.
في السياق نفسه، ينبغي تسليط الضوء على آلية التشغيل الاحترافية لبرنامج حساب المواطن، الذي نجح في استقبال أكثر من 30 ألف طلب في الساعة الواحدة، ولا يزال التسجيل به متاحًا على مدار شهر منذ إنشائه، بهدف رفع كفاءة الدعم الحكومي وضمان وصوله لمستحقيه، بالتزامن مع رفع الدعم تدريجيًا عن منتجات الطاقة؛ لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية المنتظرة بالمملكة، وتنويع مصادر الدخل وفقًا لرؤية 2030.
ولايسعني إلا أن أتوجه بخالص الشكر للحكومة عامة ووزارة المالية خاصة، بعد أن أولت محدودي الدخل اهتمامًا ملحوظًا وعلى رأسهم المرأة المعيلة التي لا ينبغي أن تحظى بدعم مادي فحسب، بل بدعم معنويٍ ونفسيٍ أيضًا، مع منحها حجم التقدير الذي يضاهي ما تبذله من جهد في سبيل تطوير قدراتها وإثبات ذاتها، جنبًا إلى جنب مع إعداد أجيال واعدة قادرة على التأثير الفاعل في المجتمع.