سجلت منظومة الشركات الناشئة في المنطقة العربية نشاطًا ملحوظًا في الجولات الاستثمارية خلال الأسبوع الممتد من 12 إلى 18 أكتوبر 2025. ما يؤكد استمرار تدفق رؤوس الأموال الجريئة نحو القطاعات الواعدة. لا سيما في مجالات التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي.
في حين يعكس هذا الزخم ثقة متنامية من قِبل المستثمرين الإقليميين والدوليين. في قدرة الكفاءات العربية على ابتكار حلول تتناسب مع احتياجات الأسواق المحلية والإفريقية.
وبحسب الرصد الأسبوعي الذي أجراه “رواد الأعمال” فإن إجمالي قيمة الصفقات المُعلنة بلغ 15 مليون دولار في صفقات تمويلية رئيسة. وتجسّد هذه القيمة استمرار جاذبية المنطقة كمركز لتنمية الجولات الاستثمارية في الشركات التقنية الناشئة.
كما يكشف هذا الرصد عن أن الصفقات المُعلنة اقتصرت على أربع صفقات نوعية. ما يشير إلى تركيز المستثمرين على شركات محددة ذات نماذج عمل قوية وقابلة للتوسع السريع.
المغرب يتصدر المشهد بصفقة عملاقة
جاءت الصفقة الأكبر والأكثر ثقلًا في هذه الجولات الاستثمارية من نصيب شركة “Chari”. المتخصصة في التقنية المالية والتجارة الإلكترونية. والتي تتخذ من المغرب مقرًا لها، وتركز على خدمة تجار التجزئة في إفريقيا الناطقة بالفرنسية.
ونجحت هذه الشركة، التي تعد خريجة برنامج “YC S21″، في إغلاق جولة تمويلية من السلسلة “أ” (Series A). بلغت قيمتها الإجمالية 12 مليون دولار.
هذه الصفقة الضخمة التي استقطبتها “Chari” تشكل وحدها ما نسبته 80% من إجمالي قيمة الجولات الاستثمارية المعلنة خلال الأسبوع. وهو ما يبرز الحجم الاستثنائي للصفقة.
بينما يشير هذا التمويل إلى اهتمام المستثمرين المتزايد بالشركات التي تدمج بين التقنية المالية والتجارة الإلكترونية. لتسهيل عمليات البيع والشراء في الأسواق الإفريقية.
استثمار نوعي في تمويل التنقل
وعلى الجانب الآخر من خريطة التمويل، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة. سُجّل استثمار بقيمة مليوني دولار لشركة “Mobility Fintech Group”. هذا الاستثمار جاء من قبل شركة “AHOY” ويركز على قطاع التقنية المالية المتخصصة في تمويل السيارات.
كما يعد ذلك دليلًا على توجه الإمارات نحو دعم الابتكارات التي تعزز قطاع التنقل والخدمات المالية المُرتبطة به. وتستهدف هذه الصفقة فجوة في السوق تتعلق بتمويل وسائل النقل. ما يساهم في تطوير حلول مالية أكثر مرونة وسرعة تخدم هذا القطاع الحيوي والمتنامي.
مصر والذكاء الاصطناعي
وفي جمهورية مصر العربية استحوذت شركة “Nanovate”، المتخصصة في حلول الذكاء الاصطناعي المُتقدّمة. على اهتمام المستثمرين في المراحل التمهيدية. إذ أغلقت جولة تمويلية ما قبل البذرة (Pre-Seed) بقيمة مليون دولار.
فيما يظهر هذا التمويل أهمية قطاع الذكاء الاصطناعي كأحد محركات الابتكار في مصر. كما يشير إلى أن المستثمرين يواصلون دعم الشركات في مراحلها الأولى.
إضافة إلى ذلك يهدف هذا التركيز على التمويل ما قبل البذرة. إلى مساعدة الشركات التقنية الناشئة على تطوير نماذج أولية قوية وتجهيزها للانتقال إلى جولات تمويل أكبر.
التقنية المالية والتأمين التكافلي
وفي تونس سجلت شركة “PayDay Takaful” وجودها ضمن الجولات الاستثمارية المُعلنة. وتعمل هذه الشركة في قطاع التقنية المالية (Fintech) والتأمين التكافلي. وهي تعالج تحديًا ماليًا مُركبًا من خلال دمج الحلول التقنية مع مبادئ التأمين الإسلامي.
كذلك أعلنت الشركة إغلاق جولة تمويلية ما قبل البذرة، على الرغم من أن قيمتها لم تُفصح عنها ضمن الرصد الأسبوعي.
ويسلّط هذا التمويل الضوء على الحاجة الملحة لابتكار حلول تأمينية ومالية تتوافق مع المتطلبات الثقافية والاقتصادية للأسواق في شمال إفريقيا.
الشركة | الدولة | المجال | القيمة بالدولار الأمريكي |
شاري (Chari) | المغرب | تقنية مالية وتجارة إلكترونية | 12 مليونًا |
MFG | الإمارات | التقنية المالية | 2 مليون |
Nanovate | مصر | حلول الذكاء الاصطناعي | 1 مليون |
PAYDAY | تونس | التقنية المالية والتأمين | – |
إجمالي قيمة الاستثمارات المعلنة | 15 مليونًا |
تفوق المغرب واستمرارية الإمارات
يمكن ملاحظة التوزيع غير المتكافئ لقيمة التمويل الأسبوعي؛ حيث استحوذت الصفقة المغربية على الحصة الأكبر. ما جعل المغرب يتصدر قائمة الدول من حيث قيمة التمويل المستقطب.
وفي المقابل تظهر الإمارات استمرارية في دعم الشركات خلال مراحل النمو المتوسطة.
هذا التباين في الأحجام يشير إلى أن المغرب نجح في إنضاج شركته الناشئة “Chari” للوصول إلى مرحلة الاستثمار المؤسسي الكبير (السلسلة أ). بينما تواصل الإمارات جهودها لتعزيز قطاعات متخصصة مثل تمويل التنقل.
الثقة في المراحل المبكرة
تؤكد الصفقات المُعلنة في مصر وتونس أن التمويل ما قبل البذرة لا يزال نشطًا وحيويًا في المنطقة. ويعد هذا النمط من التمويل شريان الحياة للابتكار. حيث يوفر الدعم المالي الأولي اللازم لتحويل الأفكار الواعدة إلى نماذج عمل قابلة للتطبيق.
فيما يعطي استمرار التركيز على تمويل المراحل المبكرة إشارة إيجابية حول مستقبل منظومة الشركات الناشئة. كما يبين أن هناك مستثمرين مستعدين لتحمّل مخاطر المراحل الأولية مقابل الحصول على حصص في شركات ذات إمكانات نمو هائلة.
التكنولوجيا المالية في الصدارة
بتحليل القطاعات التي استقطبت التمويل يتضح أن التكنولوجيا المالية تظل في صدارة اهتمامات المستثمرين الإقليميين والدوليين. إذ كانت ثلاث من أصل أربع صفقات معلنة تندرج تحت مظلة هذا القطاع، سواء كان ذلك في التجارة الإلكترونية، أو تمويل السيارات، أو التأمين التكافلي.
ويعكس هذا التركيز الحاجة الملحة للأسواق العربية والإفريقية إلى حلول مالية رقمية متطورة تعالج تحديات المدفوعات، التمويل، والشمول المالي. وهو ما يضع التقنية المالية كقاطرة رئيسة للتحول الاقتصادي.