تهفو قلوب المسلمين بالعزة والسعادة عند رؤية عَلَم المملكة العربية السعودية عاليًا مرفرفًا مرتفعًا في الآفاق؛ فهو وإن كان يخص دولة عربية شقيقة، إلا أنَّ مضامينه عامل تجميع للصفوف الإسلامية؛ بفضل عبارة التوحيد”لا إله إلا الله محمد رسول الله” التي تفتدي في سبيلها كل أمة بأعز ما تملك من نفوس خيرة أبنائها.
إنها حقًا مناسبة جديرة باحتفاء الأشقاء في المملكة وباقي البلاد الإسلامية بها؛ كقيمة رمزية سامية لعمق الأصالة، وترسيخ الهوية، وصدق الانتماء، وعظيم الاعتزاز، ومصدر الافتخار بالقيم الثابتة التي ترتكز عليها سياسة المملكة، منذ أن أقر الملك عبد العزيز آل سعود في 11مارس 1937 الموافق 27 ذو الحجة 1355 هجرية العَلَم السعودي بشكله الحالي، ثم أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله- عام 2023 الأمر الملكي بأن يكون 11 مارس من كل عام يومًا للعَلَم الوطني السعودي، ثم احتفلت به المملكة لأول في عام 2023.
يصادف الاحتفال بيوم العَلَم هذا العام في المملكة، ارتفاع مستوى التسامي الروحي في نفوس المسلمين مع نهاية العشرة أيام الأولى من شهر رمضان المبارك. وبتضافر هذا التسامي مع الوعي الوطني يتعمق الإلهام الوطني نحو العمل خلف رؤية واضحة ومحفزة لتحقيق مستقبل أفضل، كما يتزامن الاحتفاء مع تأجج مشاعر تضامن المسلمين في مواجهة حملات العداء السافر ضد الشعوب، وانكشاف مؤامرات التوسع في عدد من الدول العربية والإسلامية، واحتدام الصراعات في كثير من مناطق العالم، وهي كلها مجالات تتجسد فيها حيوية نشاط الدبلوماسية السعودية وخبرتها في بذل المساعي الحميدة والقيام بالوساطة الحكيمة لحل النزاعات، كما تبذل جهودًا طيبة لتخفيف معاناة الشعوب بالمساعدات الإغاثية والعلاجية والغذائية والمعونات الإنسانية والحملات الخيرية؛ لمكافحة انتشار مظاهر البؤس والفقر والجوع والمرض، خاصة في قطاع غزة.
ما زال تاريخ السعودية يزخر بكثير من المواقف الدولية اللافتة التي مثَّلت محطات مضيئة في مسار دعم سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية وتعزيز حضورها المؤثر في مجالات التعاون والتنمية والاستثمار، وفي صنع أكثر القرارات أهمية وحساسية في المحافل الدولية؛ وذلك للثقة الدولية التي تحظى بها؛ فبقي العَلَم شاهدًا بشموخه في أعالي مقرات المنظمات العالمية والهيئات الإقليمية والدولية على حب وإخلاص الشعب لوطنه، وعلى الوفاء لقيادته تحت راية تزينها كلمة التوحيد، ولا تعترف بالضعف، بل تحمي كرامة البلاد تحت حد السيف.
إنَّ احتضان المملكة للعديد من المؤتمرات العالمية واللقاءات الدولية ودعمها لمختلف المبادرات الخيّرة، تأكيد عملي على رُقي القيم الإسلامية وسموها، والتي جعلتها المملكة نبراسًا لعملها وسراجًا منيرًا في معاملاتها وتعاملها؛ لذلك وضعتها في صدارة العَلَم؛ حتى لايكون مجرد راية جوفاء.