نحن نعيش في عالم يشهد اتصالات قوية ومُسيّر بشكل كبير عن طريق التكنولوجيا؛ لذلك ليس هناك أسهل من أن تنخرط الشركات في حلقة لا نهاية لها من مطاردة النمو والأرباح. أنا كرجل أعمال جربتُ ذلك كثيرًا خلال نشاطي التجاري وأستطيع فهم تلك الجاذبية، ولكن مع مرور الوقت أدركتُ أن الأمر بالنسبة للشركات الأكثر نجاحًا واستمرارية لا يتعلق فقط بالنتائج النهائية.
الشركات تهتم بما هو أكبر من ذلك، فهم دائمًا مدفوعون بالأهداف، وفيما يلي خمسة أسباب مقنعة تجعل تبني مثل هذا النهج الموجه نحو الهدف في العمل ليس مجرد خيار، بل هو لا بد منه.
1. الأهداف تلهم الفريق
أستطيع القول من خلال تجربتي إنه ليس هناك ما يلهم فريقك ويحفزه أكثر من أن يعرف أعضاؤه أنهم يعملون لتحقيق هدف ذي معنى، فالأمر بالنسبة لهم لن يكون فقط عبارة عن تسجيل الحضور والانصراف، ولكن الشعور بأنهم يشاركون في إنجاز مهمة كبيرة.
عندما يؤمن الموظفون بأهداف مؤسستهم يصبحون أكثر تفاعلًا وإنتاجية ويميلون للبقاء في الشركة لفترة أطول، وهذا ينطبق بشكل أكبر على الموظفين الأصغر سنًا في شركتك.
2. الهدف يجذب العملاء ويحتفظ بهم
يتمتع عملاء اليوم بالذكاء؛ إنهم يفضلون دعم الشركات ذات الأهداف الواضحة، وعندما يكون لدى شركتك هدف واضح ومحدد فذلك بالتأكيد سوف يكون ذا قيمة أكبر بالنسبة لعملائك؛ حيث يشعرون بالارتباط بعلامتك التجارية، ويتجاوز الأمر مجرد الارتباط بالمنتجات أو الخدمات التي تقدمها شركتك.
يجعلك الهدف متميزًا؛ لأنه يتيح لك الوصول إلى قلوب وعقول العملاء الذين يبحثون عن أكثر من مجرد منتج أو خدمة، فالهدف الواضح بدوره يؤدي إلى زيادة ولاء عملائك لشركتك والمنتج الذي تقدمه، وبالتالي ستتمكن من الاحتفاظ بهم.
3. الهدف يميزك في السوق
عندما يكون لشركتك هدف آخر بالإضافة إلى السعي لتحقيق الأرباح فإن ذلك سوف يساعدك في التميز داخل الأسواق المزدحمة، وهذا يمنح الناس سببًا لاختيارك من بين المنافسين، وبالتأكيد هوا تمييز قوي من شأنه أن يمنحك ميزة تنافسية.
كما يمكن للهدف أن يمنحك هوية فريدة، وقصة جميلة ومقنعة ترويها، بالإضافة إلى ذلك هو أيضًا يزودك باتصال حقيقي مع عملائك، وتلك ميزة أخرى يمكن أن تجعلك الأفضل بين المنافسين.
4. الهدف يحفّز الابتكار
عندما يكون الحافز لعملك هو هدف أنت حددته مسبقًا فإن هذا يعني عدم أداء المهام بالطريقة نفسها التي كانت تتم بها دائمًا، بل سوف يدفعك ذلك من أجل إيجاد طرق جديدة لتحقيق هذا الغرض.
عندما يصبح الحافز ذا معنى عميق، ويولد الرغبة في إحداث تأثير إيجابي، فإن هذا يدفعنا إلى التفكير بشكل مختلف واستكشاف إمكانيات جديدة، ويمنحنا القدرة على تحدي الوضع الراهن.
يوفر الهدف أرضًا خصبة للإبداع، كما يشجعنا على طرح الأسئلة بشكل صحيح، والبحث عن حلول أكثر ابتكارًا للمشاكل التي تواجهنا.
5. الهدف مفيد في النتيجة النهائية
عندما يكون الهدف هو دافعك فإن ذلك سوف يكون ذا فائدة أيضًا من حيث تحقيق الأرباح، ووفقًا لدراسة أجرتها شركة Ernst & Young، لخدمات التدقيق والاستشارات، فإنّ الشركات الموجهة نحو هدف محدد شهدت نموًا بنسبة 10 بالمائة في أرباحها قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك على مدى خمس سنوات، مقارنة بنظيراتها.
وعندما تتبنى الشركة إحساسًا قويًا بالهدف فسوف تكون أكثر من مجرد آلة تسعى لتحقيق الربح، وتصبح قوة مساهمة في التغيير الإيجابي حول العالم.
بالإضافة إلى ذلك سوف يتنبه جميع العملاء والموظفين والمستثمرين؛ لأنهم ينجذبون نحو العلامات التجارية ذات الأهداف؛ كونهم يريدون أن يكونوا أيضًا جزءًا من شيء ذي معنى.
لا يقتصر النهج الموجه نحو الهدف فقط على الشعور بالرضا؛ بل هو أيضًا قرار تجاري واستراتيجي؛ ففي مشهد الأعمال دائم التطور سوف تتميز تلك المؤسسات التي تعبّر عن شيء يتجاوز فكرة تحقيق الأرباح.
لذا أنا أشجعك على الرجوع خطوة إلى الوراء، والنظر إلى الصورة بشكل أوضح، ثم اسأل نفسك: ما الهدف من شركتك؟
تذكر أن الهدف هو البوصلة التي ترشدنا، والدافع الذي يحركنا، والجوهر الذي يحدد هويتنا. وبينما نحن نخطط للمستقبل دعونا لا نلاحق المال أو الحجم أو النجاح فقط، بل نسعى خلف الهدف.