تعد مفاوضات تحديد الرواتب مرحلة حاسمة في مسيرة أي موظف؛ إذ تؤثر بشكل مباشر في مستوى المعيشة والرضا الوظيفي. وذلك لتحقيق أفضل نتيجة في هذه المفاوضات. ويجب اتباع استراتيجية مدروسة والابتعاد عن الأخطاء الشائعة
ويعرف اﻟﺘﻔﺎوض بأنه نوع ﻣﻦ اﻟﺤﻮار واﻻﻗﺘﺮاﺣﺎت اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﻃﺮﻓﻴﻦ أو أﻛﺜﺮ ﺑﻬﺪف اﻟﺘﻮﺻﻞ إلى اﺗﻔﺎق ﻳﺆدي إلى ﺣﺴﻢ ﻗﻀﻴﺔ أو ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻧﺰاﻋﻴﺔ ، وفي اﻟﻮﻗﺖ نفسه اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ.
ويتعلق التفاوض بشأن تحديد الرواتب بقبول عرض عمل لوظيفة جديدة، أو بهدف الترقية، أو ببساطة للتأكد من أن راتبك يواكب السوق وخبرتك.
وكذلك فإن التعامل مع هذه المناقشات حول الرواتب يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في مسارك الوظيفي وحالتك المالية. ولسوء الحظ يتجه العديد من المهنيين في مفاوضات تحديد الرواتب إلى التفاوض بمزيج من الخوف وعدم اليقين في كثير من الأحيان، بغض النظر عن صناعتهم أو مرحلة حياتهم المهنية.
قد يؤدي هذا إلى أخطاء شائعة مثل قبول العرض الأول بسرعة ودون مفاوضات حول تحديد الراتب، أو حتى التعامل مع المناقشة بطريقة المواجهة؛ بحيث تلحق الضرر بعلاقات العمل المستقبلية. إن معرفة ما يجب وما لا يجب فعله في مفاوضات تحديد الرواتب يزود المرء بالقدرة على التعامل مع مثل هذه المحادثات بشكل صحيح.
لذا يوضح رواد الأعمال أهمية التفاوض بنجاح على الراتب كالتالي:
أساسيات مفاوضات تحديد الرواتب
إن التفاوض على الراتب عبارة عن محادثة استراتيجية بين الموظف أو المرشح لشغل الوظيفة وصاحب العمل، يجب فيه التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة التعويضات التي تعكس قيمة الموظف ومهاراته ومساهمته في الشركة.
لا تشمل هذه الحزمة الراتب الأساسي فحسب، بل تشمل أيضًا المكافآت والمزايا وأشكالًا أخرى من التعويضات كجزء من عملية التوظيف الأساسية، ومع ذلك ينظر إليها غالبية المهنيين بخوف شديد.
أهمية التفاوض على الراتب
تؤثر عملية تحديد الرواتب بشكل مباشر في مستوى المعيشة، والرضا الوظيفي، والتخطيط المستقبلي. لذا فإن التفاوض على الراتب ليس مجرد مساومة على رقم، بل هو استثمار في مستقبلك المهني والمالي.
الرفاهية المالية
تؤثر بشكل مباشر في الأرباح؛ ما يؤثر بدوره في الاستقرار المالي والمستقبل.
التقدم الوظيفي
إن التفاوض بنجاح على الراتب يمكن أن يشكل خطوة سابقة لزيادات وترقيات مستقبلية، وهذا يجعلك محترفًا استباقيًا وواعيًا بذاته.
القيمة السوقية
تضمن أن التعويض يتطابق مع معدل السوق لدورك وصناعتك، وهو أمر ضروري للحفاظ على المساواة والدافع.
الرضا الشخصي
إن معرفة أنك تحظى بالتقدير الصحيح تزيد من رضاك الوظيفي والتزامك تجاه صاحب العمل.
كيفية التفاوض على الراتب مع الموارد البشرية
قد يبدو التفاوض حول تحديد الراتب مع قسم الموارد البشرية أمرًا شاقًا، ولكن فهم الاستراتيجيات الصحيحة وما يمكن توقعه يجعل العملية أكثر سلاسة وفعالية. فيما يلي بعض النصائح حول كيفية التعامل مع متخصصي الموارد البشرية أثناء مفاوضات الراتب ، والاستجابات النموذجية التي قد تتوقعها.
استراتيجيات التعامل مع خبراء الموارد البشرية
كن مستعدًا
قبل الدخول في المفاوضات اجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول نطاقات الرواتب في الشركة، ومتوسط الأجر لوظيفتك في الصناعة، ومساهماتك وإنجازاتك الشخصية. يُظهر هذا التحضير للموارد البشرية أنك مطلع وجاد بشأن طلبك.
التعبير عن الحماس
أظهر حماسك للدور والشركة. وأخبر قسم الموارد البشرية بأن رغبتك في التفاوض هي جزء من التزامك بالمساهمة الفعالة في الفريق، وليس فقط فيما يتعلق بالراتب.
استخدم التواصل الواضح والمحترم
كن واضحًا بشأن ما تطلبه ولماذا تعتقد أنه عادل. استخدم لغة احترافية وحافظ على النبرة الإيجابية والتعاونية.
كن محددًا
قدم أسبابًا محددة لطلبك للراتب، بما في ذلك: مؤهلاتك وخبراتك وبيانات السوق. هذا يجعل اقتراحك أكثر إقناعًا ويصعب رفضه.
الاستعداد للاستماع
كن مستعدًا للاستماع إلى ما يقوله قسم الموارد البشرية. فقد يقدمون لك رؤى حول سياسات الشركة أو القيود المالية أو عوامل أخرى قد تؤثر في راتبك.
كيفية الاستعداد لردود أفعال قسم الموارد البشرية
القيود الميزانية
قد يوضح قسم الموارد البشرية أن القيود الميزانية تمنعه من تقديم راتب أعلى. استعد للتفاوض على مزايا أخرى مثل: المكافآت أو وقت الإجازة الإضافي أو فرص العمل عن بُعد التي قد لا تؤثر في الميزانية بشكل مباشر.
العروض المضادة
كن مستعدًا لتقديم قسم الموارد البشرية عرضًا مضادًا. وحدد مسبقًا الحد الأدنى للعرض الذي ترغب في قبوله، وفكر فيما إذا كنت مستعدًا للانسحاب إذا لم يتم الوفاء به.
الحاجة إلى الموافقة
غالبًا ما يحتاج قسم الموارد البشرية إلى التشاور مع الإدارة العليا قبل تقديم عرض نهائي. وقد يؤدي هذا إلى تأخير عملية التفاوض. تحلَّ بالصبر ولكن اطلب أيضًا جدولًا زمنيًا للحصول على إجابة.
المكافآت المستندة إلى الأداء
بدلاً من الموافقة على راتب أساسي أعلى قد تقدم إدارة الموارد البشرية مكافآت مرتبطة بالأداء. كن مستعدًا لمناقشة كيفية تقييم هذه المكافآت وما تحتاج إليه لتحقيقها.
المراجعات المستقبلية
في بعض الأحيان يقترح قسم الموارد البشرية مراجعة مستقبلية للراتب بعد فترة اختبار. تأكد من توثيق هذه الاتفاقية واحتوائها على معايير وجدول زمني محدد.
إن فهم هذه الاستراتيجيات والتوقعات يمكّنك من إدارة المفاوضات مع الموارد البشرية بشكل أكثر فاعلية؛ ما يزيد من احتمالية التوصل إلى اتفاق مرضٍ.
نصائح حول التفاوض على الراتب
إن التفاوض على الراتب لا يتعلق فقط بالحصول على الأجر الذي تستحقه؛ بل أيضًا بفهم قيمتك والتواصل بها بشكل فاعل. وفيما يلي بعض الاستراتيجيات الرئيسية لضمان دخولك مفاوضات الراتب وأنت مستعد جيدًا وواثق من نفسك:
1- إجراء بحث شامل
قبل الدخول في أي مفاوضات سلّح نفسك بالمعرفة. ابحث عن الراتب النموذجي لوظيفتك في صناعتك ومنطقتك. ويوفر لك استخدام أدوات مثل: Glassdoor وPayScale وLinkedIn Salary Insights البيانات اللازمة لفهم ما هو معقول ومساعدتك في بناء قضية قوية.
يضمن لك هذا التحضير أن يكون لديك أساس متين للجدال ويساعد في تحديد توقعات واقعية.
2- إبراز قيمتك
إن قدرتك على التعبير عن قيمتك أمر بالغ الأهمية. استعد لمناقشة إنجازاتك بطريقة واضحة وموجزة. وركز على إنجازات محددة مثل: توفير التكاليف أو توليد الإيرادات أو تحسين الكفاءة.
وقدّم أمثلة ملموسة توضح مساهماتك وتشرح كيف تتوافق مهاراتك وخبراتك مع احتياجات الشركة. يساعد هذا صاحب العمل في رؤية الفوائد المباشرة للاستثمار فيك.
3- الممارسة تؤدي إلى الإتقان
قد تكون المفاوضات مخيفة، خاصة إذا لم تكن معتادًا عليها. لبناء الثقة تدرب مع شخص تثق به، مثل صديق أو أحد أفراد الأسرة أو مرشد.
يتيح لك لعب الأدوار في سيناريوهات التفاوض المختلفة تحسين استراتيجيتك وطريقة تقديمك. تضمن هذه الممارسة أن تظل هادئًا ومقنعًا أثناء المفاوضات الفعلية.
4- الحفاظ على الاحترافية
إن الطريقة التي تتفاوض بها يمكن أن تؤثر بشكل كبير في النتيجة. تعامل دائمًا مع المفاوضات باحترافية ولباقة. وأظهر حماسك للدور وعبّر عن امتنانك للعرض. هذا النهج الإيجابي لا يضفي نبرة بناءة فحسب، بل يعزز كذلك بيئة ودية للتفاوض.
5- النظر إلى ما هو أبعد من الراتب
إذا لم يلبِ الراتب المعروض توقعاتك فتذكر أن هذه ليست نهاية المفاوضات. وسّع نطاق المحادثة لتشمل جوانب أخرى من حزمة التعويضات. وتفاوض على المكافآت، والمزايا الإضافية، وساعات العمل المرنة، وفرص العمل من المنزل، أو موارد التطوير المهني. إذ يمكن أن تضيف هذه العناصر قيمة كبيرة إلى الحزمة الإجمالية.
6- المشاركة في الحوار
للحصول على رؤى أعمق وفتح المزيد من طرق التفاوض اطرح أسئلة مفتوحة. على سبيل المثال: كيف تتعامل تعامل الشركة مع المكافآت ومراجعة الرواتب؟ هل يمكنك أن تخبرني المزيد عن كيفية تعامل الشركة مع المكافآت ومراجعة الرواتب؟.
لا تُظهر تلك التساؤلات اهتمامك بممارسات الشركة فحسب، بل تمنحك أيضًا مزيدًا من المعلومات التي قد تكون مفيدة في مفاوضاتك.
من خلال اتباع هذه الإرشادات تكون مجهزًا بشكل أفضل للتعامل مع مفاوضات الرواتب؛ ما يمهد الطريق لعلاقة مهنية ناجحة.
ما لا يجب فعله عند التفاوض على الراتب
إن إدارة مفاوضات الراتب لا تتطلب فقط معرفة ما يجب فعله، بل فهم ما يجب تجنبه. وفيما يلي بعض الأخطاء الحرجة التي يجب تجنبها أثناء مناقشات الراتب:
1- تجنب إعطاء رقم أولي
إن السماح لصاحب العمل بتقديم العرض الأول قد يكون مفيدًا من الناحية الاستراتيجية. فإذا ذكرت رقمًا أوليًا فقد تحدده منخفضًا للغاية؛ ما يقلل من قيمتك، أو مرتفعًا للغاية، فذلك قد يكون مزعجًا. إن انتظار صاحب العمل لتحديد رقم ما قد يوفر لك ميزة ونقطة بداية أفضل لمفاوضاتك.
2- مقاومة ردود الأفعال الفورية
بمجرد تلقي عرض راتب خذ بعض الوقت لمعالجة المعلومات، حتى لو كانت تلبي توقعاتك. قد يؤدي الرد السريع للغاية إلى تفويت فرصة تحسين العرض.
ويشير التوقف المدروس إلى أنك تفكر في الاقتراح بجدية؛ ما قد يدفع صاحب العمل إلى تحسين العرض من تلقاء نفسه.
3- لا تكن غير واقعي
حافظ على منظور واقعي طوال المفاوضات. إن طلب راتب أعلى بكثير دون بيانات داعمة أو إنجازات مثبتة قد يبدو ساذجًا ويضر بمصداقيتك. استند في أهدافك التفاوضية على بحث متين وإنجازات حقيقية لضمان تبرير مطالبك.
4- لا تركز فقط على المال
في حين أن الراتب عامل أساسي فإن التركيز على الجانب المالي فقط قد يكون ضارًا. عبّر عن اهتمام حقيقي بجوانب أخرى من الوظيفة، مثل: الدور نفسه، وديناميكيات الفريق، وثقافة الشركة. يقدر أصحاب العمل المرشحين المهتمين بالمساهمة في الشركة بما يتجاوز مجرد كسب الراتب.
5- كن حريصًا على التوقيت
إن السياق داخل الشركة وقت التفاوض يؤثر بشكل كبير في نجاحه. إذا كانت الشركة تعاني من صعوبات مالية، مثل: تسريح العمال أو خفض الميزانية فربما لا يكون هذا هو الوقت المناسب للتفاوض بقوة للحصول على راتب أعلى.
إن التعامل مع هذه الظروف بحساسية يمكن أن يرشدك إلى كيفية التعامل مع المفاوضات.
6- تجنب الإنذارات النهائية
إن استخدام الإنذارات النهائية في المفاوضات ربما يكون محفوفًا بالمخاطر ما لم تكن مستعدًا للرحيل إذا لم تتم تلبية مطالبك. وفي أغلب الأحيان تؤدي الإنذارات النهائية إلى إغلاق أي نقاش آخر وتتركك دون أي عرض على الإطلاق.
ومن الأفضل قول ذلك في محادثة مفتوحة؛ حيث يتوصل كل منكما إلى حل مشترك يرضي الطرفين.