من الكتب الجديرة بالقراءة، كتاب” مدير الدقيقة الواحدة” لمؤلفيه
د. كينيث بلانكارد Keneth Blanchard ، و د. سبنسر جونسون Spenser Johnso، وتدور فكرته حول “القيادة الناجحة في المؤسسات والشركات ،وكيف يدير القائد العمل بنجاح من خلال إدارة الدقيقة الواحدة” .
كان أحد الشباب المهتمين بتأسيس عمل ناجح، يبحث عن مدير ناجح ليتعلم منه الفاعلية في الإدارة، أثناء بحثه قابل مديرين كثيرين فوجد أن معظمهم يهتمون بأحد أمرين: النتائج أو الموظفين.
اكتشف ذلك الشاب أن المديرين المهتمين بالنتائج فقط، يتسمون عادة بالقسوة والاستبداد ؛ الأمر الذي كان يؤثر سلبًا على الموظفين، ووجد المديرين الذين يهتمون بالموظفين، يوصفون بالديموقراطيين أو الظرفاء، غير أن التأثير السلبي لإدارتهم كان يقع عادةً على نتائج العمل.
كلا النوعين ناجح بشكل جزئي، ولكنهما أنصاف مديرين. وكانت قناعة الشاب بأن “المديرين يديرون أنفسهم ويديرون العاملين معهم لفائدة كلٍ من الشركة والموظفين”؛ فتوصل إلى مدير مميز، وحدد معه موعدًا ليتعلم أسلوبه في العمل، فبادره المدير بعدة نقاط:
- إننا هنا لتحقيق نتائج، فهدف الشركة هوالإنجاز والكفاءة، وبالتنظيم نصبح أكثر إنتاجًا وجودة. إننا نهتم أيضًا بالموظفين، فهما والنتائج متلازمان. وأشار إلى لوحة على مكتبه مدون عليها: ” الواثقون بأنفسهم يحققون نتائج طيبة”. إننا نجز أفضل، عندما نشعر بالرضى عن أنفسنا. ولاشك في أن مساعدة الناس ليرضوا عن أنفسهم هو مفتاح الإنجاز والكفاءة، فإذا كان الإنجاز هو الكيف أو الجودة، فإن الكفاءة هي الكيف والكم معًا.
- نداوم على اجتماع أسبوعي، يعرض فيه الموظفون إنجازاتهم ومشكلاتهم، مع اقتراحات بالحلول، ثم عرض خططهم للأسبوع المقبل.
- لا أتعاون مع الموظفين في حل مشكلاتهم،والتي هي جزء من عملهم؛ لأنهم قادرون على حلها؛ لذا وظفناهم.
سأله الشاب: إذًا، كيف تصف نفسك كمدير؟
فأجاب: أنا مدير الدقيقة الواحدة، وهذا يعني إحراز أفضل النتائج في أقل وقت.
أسرار الدقيقة الواحدة
اكتفى المدير بهذا القدر من اللقاء، وطلب من الشاب التعريف بنفسه عن أسلوب الإدارة عن قرب بالالتقاء بالموظفين أنفسهم؛ فالتقى ثلاثة منهم. وفي اللقاء الأول، علم أن المدير يقابل الموظفين بعض الوقت في البداية عندما يكلفهم بمهمة عمل جديدة يحدد خلالها الهدف (الدقيقة الواحدة). وهذا أول أسرار إدارة الدقيقة الواحدة، وتدور فكرته حول تلخيص مهمة العمل في صفحة واحدة تُقرأ في دقيقة واحدة. وبهذا يمكن مراجعة المستوى المتقدم، والمسؤولية، وحدود الصلاحية، وأسلوب الأداء الجيد؛ ما يعني: وضوح معايير الأداء.
وتتمثل طريقة وضع أهداف الدقيقة الواحدة في:
1- القناعة بالهدف. 2- تخيل صورة السلوك المناسب. 3- كتابة الهدف في ورقة مستقلة. 4- قراءة كل هدف أكثر من مرة في دقيقة واحدة في كل مرة. 5- مراجعة أداء كل هدف لمدة دقيقة يوميًا. 6- رؤية ما إذا كان سير العمل متقنًا في تحقيق الأهداف.
في مكتب الموظف الثاني، علم الشاب السر الثاني وهو (ثناء الدقيقة الواحدة). أثناء العمل يلاحظ المدير عمل الموظف عن قرب، ثم يوضح له مدى تقدمه عبر شعار “ساعد العاملين لتصل لأقصى طاقة لديهم”. وقاعدة “زُرهم وهم يعملون شيئًا ما بإتقان”. بعكس المؤسسات التي يراقب فيها المديرون موظفيهم لضبطهم وهم يرتكبون الأخطاء، فإننا نركز على الجانب الإيجابي؛ فنراقب الموظفين وهم يفعلون شيئًا جيدًا، وهذه هي اللحظة التي تتلقى فيها “ثناء الدقيقة الواحدة”، وطريقة أدائه كالآتي:
1- تقول للعاملين في البداية إنك ستخبرهم بما يفعلونه.
2- تثني على العاملين فور إجادتهم، موضحًا سعادتك بمدى إجادتهم لإفادة الشركة.
3- تشجعهم على بذل المزيد من الجهد وتصافحهم وتؤيد نجاحهم.
في المكتب الثالث، أخبرته الموظفة التي التقاها عن السر الثالث وهو (لوم الدقيقة الواحدة). فما أن يعلم المدير بالخطأ حتى يأتي إليك موضحًا الخطأ ونتائجه وشعوره تجاه ذلك في دقيقة واحدة، ويتم كالآتي:
1- الشطر الأول: 1) أن تلوم الموظف فورًا وتخبره بخطئه بوضوح.
2) تخبره بشعورك نحو خطئه، ثم تصمت لمدة دقيقة؛ ليشعر بك وبالموقف.
3- الشطر الثاني: 1) صافحه للتأكيد على أنك أمين معه وفي صفه، وذكِّره باحترامك وتقديرك له ولعمله، وأنك تحسن الظن به.
2) عندما ينتهي اللوم ينتهي كل شئ، غيَّر المشاعر إلى نحو إيجابي.
بالعودة إلى مكتب المدير لمناقشة ما لمسه الشاب من واقع التجربة، وعما علمه من أسرار إدارة الدقيقة الواحدة لخص المدير رؤيته كالآتي:
– تحديد هدف الدقيقة الواحدة يُعرِّف الموظفين بمهمتهم وأسلوب الأداء، وأشار إلى لوحة مدون عليها: “إن أفضل دقيقة أقضيها تلك التي استثمرها في الموظفين أنفسهم”.
إن وضوح أسلوب الأداء، ورفع الكفاءة هي أساس النجاح، فبالرغم من إنفاق معظم الشركات نحو 70% من الأموال على رواتب الموظفين؛ فإن الإنفاق على التدريب ورفع الكفاءة يقل عن 1% في معظم الأحوال. هؤلاء المديرون لايهتمون بتوجيه موظفيهم بطريقة مفهومة، فيما يلومونهم في حالة الإخفاق في تحقيق المستوى المطلوب.
تدور فكرة ثناء الدقيقة الواحدة حول مراقبة الفرد وهو يعمل بشكل مناسب وتشجيعه على تعلم الأداء الممتاز. إننا نحقق نتائج طيبة عندما نطبق هذا الأسلوب مع الأطفال، لكننا ننساه عندما نتعامل مع الكبار. يخطئ المديرون عندما ينتظرون الموظفين حتى يبرعوا في العمل قبل أن يوجهوا لهم الشكر؛ لذا لا يحاول بعض الموظفين تحسين أدائهم كمًا أو كيفًا. ومايفعله المديرون مع الموظفين الجدد، أنهم يتركونهم يصرفون شؤونهم بلا توجيه، ثم يلومونهم ليحرزوا تحسنًا. وهذا الأسلوب أسميه: “اتركه وشأنه ثم وجه له اللوم”، فبدلًا من أن تلجأ للعقاب مع شخص تنقصه الخبرة أو الثقة وهو لايعرف بالضبط المطلوب منه، يلزم الرجوع لوضع هدف الدقيقة الواحدة والتأكد من فهمه لأسلوب الأداء الصحيح، ثم الثناء عليه ودعمه.
وبعد التدريب وانتظام العمل، يعد التعليق الفوري على الأداء الضعيف درسًا هامًا في النجاح؛ لأن الموظف يمكنه أن يفهم تقييم الأداء والسلوك الوظيفي بشكل محدد، بعيدًا عن الهجوم على شخصه؛ ومن ثم لا يشعر بالحاجة للدفاع أو التبرير. ويتم ذلك بتوافر ثلاثة عناصر:
1- إخبار الموظف بما ارتكبه من أخطاء.
2- إخباره بشعورك نحوه.
3- تذكيره بقيمته وأنه جديرٌ بالاهتمام.
يحتاج الموظف لأن يرتبط بمن يهتمون به ليشعر بأنه مقبول وذو قيمة، وكذلك لمن يسانده ويهتم به عندما يجانبه الصواب.
“نحن لا نمثل سلوكياتنا فقط ، بل نمثل أيضًا الإنسان الذي يوجه سلوكياتنا”.