تحقيق/ حسين الناظر
زاد عدد مشاريع الفرنشايز في المملكة خلال السنوات العشر الأخيرة، وباتت أكبر سوق في الشرق الأوسط؛ إذ تتصدر المركز الأول عربيًا وشرق أوسطيًا من جهة عدد مشروعات الفرنشايز بنحو 15 ألف مشروع ؛ حيث تستأثر بحوالي 60% من حجم قطاع الفرنشايز في دول الخليج، فيما يبشر المستقبل بالكثير من الفرص، خاصة في ظل اهتمام رؤية 2030 بالفرنشايز، وجملة الإصلاحات الاقتصادية التي أحدثت حراكًا كبيرًا في ظل توجه الشباب السعودي لريادة الأعمال.
ويفتقر قطاع الفرنشايز إلى قانون متخصص ينظم العمل به، ويوفر الحماية لطرفي العقد: المانح والممنوح؛ حيث باتت الحاجة ملحة لسرعة إصدار قانون واحد وشامل يحكم القطاع وينظمه.
ومن خلال هذا التحقيق الذي نطالع فيه آراء عدد من الخبراء ومستشاري الفرنشايز ورواد الأعمال، نقف على جوانب مشكلة غياب القانون والنتائج المترتبة عليها، وما يمكن أن يضيفه القانون لقطاع الفرنشايز من عوامل تدفع العمل للأمام لما فيه صالح المانح والممنوح، وبالطبع سيكون المستفيد الأساسي هو الاقتصاد الوطني ..
عبدالفتاح القحطاني : قليلو الخبرة أكثر المتضررين من غياب القانون
يقول رائد الأعمال عبدالفتاح القحطاني: ترجع أهمية وجود قانون للفرانشايز إلى كونه يضبط العلاقة بين المانح والممنوح ويوضح الحقوق والواجبات ومسؤوليات من الطرفين، فغياب القانون يفتح الباب للاجتهادات الفردية،؛ ما قد يخلق مشاكل مستقبلية قد تؤدي لفشل أي مشروع.
وأضاف أن غياب القانون في مثل هذا القطاع، قد يتضرر منه قليل الخبرة، مانحًا كان أو ممنوحًا، وأقصد بقليل الخبرة أكثر المتضررين من غياب القانون، إذا كان المانح خبيرًا في المجال ولديه خبرة 15 أو 20 سنة، وأتاه من لا يملك الخبرة فقد يتلاعب به في تحميله مصاريف إضافية، أو يأخذ منه نسبة عالية من المبيعات، أو يحملها على التسويق أو غيره ، فإذا كان هناك نظام صريح وواضح سيقل التلاعب الذي قد يفقد الأعمال استمراريتها، وتتم المحافظة على حقوق الطرفين.
وأشار إلى أن غياب القانون يعطي الفرصة في تلاعب المانح في مدة العقد أو في أسباب إنهاء عقد الفرنشايز، فإذا كان هناك قانون يوضح أسبابًا صريحة وواضحة لإنهاء العقد فسيقل التلاعب.
ياسر محمد : الفرنشايز الذي لا يسبقه بنية تحتية قوية مصيره الفشل
ويؤكد ياسر محمد؛ المدير الإبداعي لمجموعة فانتسي لتطوير الأعمال أن إصدار قانون لا يسبقه بنية تحتية قوية للفرنشايز مصيره الفشل، معتقدًا أن هذا السبب الرئيس في تأخره للآن، لإيمان القائمين على إصدار القانون بأهمية وجود بيئة داعمة متكاملة لضمان نجاح القانون في رسالته.
وأضاف أن الفرنشايز لا يمكن فصله عن بيئة معينة، فالبيئة القوية والداعمة هي التي ساهمت في خلقه وتطوره بالولايات المتحدة الأمريكية، فالذي جعله يزدهر هناك وجود أنظمة وقواعد ولوائح موحدة تقريبًا في كل تصنيف من تصنيفات المشاريع؛ بمعنى لو لدي مطعم فلابد من الالتزام بنموذج معين وبنظام محاسبة معين، وأقوم بالتوظيف فيه وفق حد أدنى للأجور والرواتب والمسميات الوظيفية .
ومن الضروري- وفق ياسر محمد- الالتزام بجداول الصيانة، لوجود رقابة قوية، ومراجعة لتقارير صيانة المعدات والآلات ووسائل الأمان وغيرها، ورقابة صحية على الأغذية والمشروبات لضمان جودتها، وهو ما نفتقده، فكل صاحب مطعم لدينا يستخدم نظامًا محاسبيًا مختلفًا، وبعضهم ليس لديه نظام محاسبي بالمرة، علاوة على أن تباين هيكل الأجور والرواتب إلى حد كبير بين المطاعم، مع اختلاف السياسات والإجراءات التنظيمية والتشغيلية، وليس ذلك في السعودية فقط ، بل في بكل بلدان الشرق الأوسط.
بيئة داعمة
ويرى أن المشرّع السعودي يعرف ذلك جيدًا؛ لذا لا يريد الاستعجال في وضع نظام قد يظهر ضعيفًا في ظل عدم وجود بيئة داعمة، وقد يجلب مشاكل أكثر مما يحل، وهو ما يتطلب إصلاح البيئة والبنية التحتية حتى لا يترك شيئًا عائمًا للتاجر أو صاحب المشروع .
ويضيف أن نجاح نظام الفرنشايز مرهون بوجود سياسات وإجراءات ودليل تشغيلي احترافي في كل أنشطة المشروع : موارد بشرية، إدارة، محاسبة، تكنولوجيا، تشغيل، تسويق، وغيرها.
ويلفت ياسر النظر لأهمية وضع الطرفين المانح والممنوح في موقع المسؤولية، ففي أمريكا لا تظهر مثل هذه المشكلات؛ لأن النظام والمعايير واضحة ومعروفة ولا بد من تطبيقها كما تريد الحكومة، وليس وفق ما يريد المانح، فالحكومة تلزم طرفي الفرنشايز بقوائم مالية وفق نموذج معين، مع إجراء العملية المحاسبية بصورة محددة ومتفق عليها في المطاعم ، علاوة على ضمان سلامة الأطعمة والمشروبات وفق سياسات معينة أيضًا ، فهي بذلك قلصت المساحة التي قد يتلاعب فيها المانح أو الممنوح.
عبدالله الكبريش: تجربة واقعية .. وعدم وجود قانون ضيع حقي
ويسرد لنا رائد الأعمال؛ عبدالله الكربيش؛ عضو المجلس التأسيسي لشركة طريق الامتياز التجاري للاستثمار، تجربة واقعية وأحد نماذج المشكلات الناجمة عن عدم وجود قانون للفرنشايز فيقول: لي تجربة سيئة نتمنى الاستفادة منها لتلافي المخاطر القانونية؛ حيث حصلت على فرنشايز ووقعت عقد امتياز لشركة خليجية ودفعت 400 ألف ريال، وكان من المفترض أن أحصل على الامتياز بمنطقة جدة، وحسب الاتفاق بيني وبين الرئيس التنفيذي ومدير الحوكمة والاتصال المؤسسي بالشركة، اتفقنا على منحي شهرًا لتحديد المناطق المحمية وخطة العمل.
ولكن للأسف- والكلام لعبدالله الكربيش- بعد العودة إليهم وجدت أن الرئيس التنفيذي ومدير الحوكمة والاتصال المؤسسي قد تركا العمل دون إشعار ممنوحي الامتياز بالتغير الجذري، ووجدت أن الشركة منحت ممنوح امتياز آخر لتطوير نفس المنطقة، وفوجئت لاحقًا بأن الشركة التي في الإمارات- وهي المالك الأساسي للعلامة التجارية- قد منحت شركة سعودية ماستر فرنشايز منذ عامين؛ وبالتالي -حسب العرف العالمي المعروف للجميع- يكون الاتصال ومنح الفرنشايز للشركة التي تملك الماستر فرنشايز، وليس الشركة المالكة للعلامة التجارية؛ وبالتالي كان عدم وجود شفافية ووضوح من قبل الشركة الإماراتية من ناحية، وعدم وجود نظام وقانون واضح في المملكة، أحد العوامل التي لم تمكني من الحصول على منهم.
ويضيف أن عدم وجود نظام مؤسسي أو قانون ينظم العلاقة بين أطراف العقد، يسبب كثيرًا من المشكلات في الإدارة والتسويق والعمل التجاري.
مثال آخر: يمتلك أصدقاء كثيرون علامات تجارية في مجال المطاعم، وكلهم يتمنون منح الامتياز، والسبب الرئيس وراء إحجامهم عن منح رخص الامتياز التجاري، عدم وجود قانون يساعد على حفظ حقوقهم؛ لأنهم يتخوفون من المشكلات؛ إذ من السهل على الممنوح في مجال المطاعم أن يعرف الخلطة السرية وطريقة الطهي الخاصة بك، ويقوم الممنوح في اليوم التالي بتغيير اللوحة ورفع اسمك بكل سهولة دون وسيلة تحفظ حقوقك.
د. محمد دليم القحطاني: القانون يدفع الشركات المحلية إلى ضبط بوصلتها
يقول الدكتور محمد دليم القحطاني؛ خبير واستشاري الامتياز التجاري: إن سوق الفرنشايز العالمي ــ حسب الدراسات ــ سيصل حجمه إلى 5 تريليون دولار بحلول عام 2020، كما ستواصل أهم العلامات التجارية العالمية التي تعمل بنظام الفرنشايز انتشارها في معظم دول العالم، بينما تجاوز حجم صناعة الفرنشايز في الشرق الأوسط حتى نهاية 2016 حاجز الـ 100 مليار دولار، وسيتضاعف في عام 2020.
واضاف: أمامنا المملكة فرص واعدة بمضاعفة نصيبها من هذه الأرباح، حيث تتمتع بعوامل جذب جعلت من الفرنشايز عالمًا للفرص لرواد الأعمال والمستثمرين، أهمها الدعم الذي توفره المملكة لهذا القطاع والبنية الاقتصادية القوية، وامتلاك رواد الأعمال ما يكفي من رأس المال للاستثمار في قطاع الفرنشايز، علاوة على قلة المخاطرة في هذا القطاع ، وتوافقه مع الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يشكل حجمها 99,2% من إجمالي الشركات العاملة في السعودية.
البيئية التشريعية
ويضيف ” القحطاني” بالرغم من سعى الجهات الرسمية والحكومية لإزالة العوائق التي تواجه رواد الأعمال عمومًا- وبالأخص في هذا القطاع- إلا أن هناك عدة عوائق في مقدمتها عدم وجود البيئية التشريعية المهيّأة لدعم الفرنشايز، والافتقار إلى قانون محدّد ينظم الفرنشايز، وينظم العلاقة بين المانح والممنوح، كما هو الحال في كثير من دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا.
فقانون الفرنشايز الذي نريده هو نظام يضبط وينظم العلاقة القانونية بين المانح والممنوح، وبينهما وبين بيئة الأعمال المحلية لضبط عقد الفرنشايز بين طرفيه، وتحديد مسؤوليات وواجبات وحقوق كل طرف.
فللآن لا توجد قوانين محدّدة تسهم في دعم صناعة الفرنشايز في المملكة، فمانح الفرنشايز “الفرنشايزور” الذي يدخل المملكة تحكمه وتنظمه قوانين ولوائح وتشريعات مختلفة؛ حيث ينظم الفرنشايز “قانون وكالة التجارة” التابع لقانون التجارة السعودي.
ويدعو الدكتور محمد دليم القحطاني الجهات المختصة إلى سرعة إصدار القانون، لتفادي الأخطاء التي مرت بها دول المنطقة، ولضمان حقوق كافة الأطراف؛ لنجذب العلامات الأجنبية المتميزة للسوق ، والتي تنسجم وتوجهات القطاعات الثمانية التي حددتها رؤية 2030، فضلًا عن أن وجود القانون سيدفع بالشركات المحلية إلى ضبط بوصلتها في عالم الفرنشايز الفسيح.
نجيب الطريقي: توافر الاشتراطات الاحترافية لدى مانح الامتياز يضمن نجاح الفرنشايز
يقول نجيب الطريقي؛ خبير الامتياز التجاري: قطاع الفرنشايز له أهمية كبيرة كأي قطاع آخر؛ حيث يُعد هو الخيار الأوفر حظًا في تقليل نسبة البطالة حال تضافر جهود القطاعات الحكومية في دعم هذا القطاع المتمثل بالدعم المادي للمستثمرين في العلامات التجارية والدعم اللوجيستي في تسخير بعض القوانين والتشريعات لتطوير وتعزيز نمو الفرنشايز؛ لما يحقق من عوائد مادية كبيرة لمانح الامتياز وللدولة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ في أمريكا لعام 2016 م؛ هناك أكثر من 800 ألف علامة تجارية تعمل بنظام الفرنشايز، وفرت نحو 9 ملايين فرصة عمل لكل من المانح والممنوح بشكل مباشر، كما وفرت نحو 14 مليون فرصة عمل بشكل غير مباشر للموردين وشركات الدعم اللوجيستي، وغيرها؛ ما حقق إيرادات لملاك العلامات التجارية بلغت حوالي 800 مليار دولار ؛ أي 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
وأضاف الطريقي: إذا راجعنا هذه المعطيات؛ فإن الفرنشايز يعد قطاعًا ناجحًا بكل المقاييس متى توفرت جميع الاشتراطات الاحترافية لدى المانح في تطبيقه للنظام، واحترافيته في تشغيل منافذ التسويق لعلامته التجارية، والتي تُعد حقًا من حقوق الممنوح.
إزالة العقبات
ويعتبر نجيب الطريقي أن عدم وجود قانون للفرنشايز من أهم العقبات التي تعترض التوسع في ذلك القطاع بالمملكة؛ إذ تجعل الممنوح خاضعًا لقانون المانح وحدهُ واتفاقية الامتياز(الإذعان) الخاصة بالمانح.
ويرى الطريقي من تجربته الشخصية تخبطًا في تطبيق نظام الفرنشايز لدى عدد كبير من العلامات المحلية، وبما أن الطموح لدى المانح، وفي ظل غياب قانون للفرنشايز هو بيع أكبر عدد ممكن من رخصة استخدام العلامة التجارية دون مراعاة تطبيق نظام الامتياز أو مبدأ الخبرة والتميز في المنتجات والعرض الجيد للعلامة التجارية أو مبدا الشفافية والاحترافية مع ممنوحي الامتياز، سيكون حال الامتياز التجاري الفرنشايز هو التخبط العشوائي وانعدام منح الحقوق إلى الممنوح في توزيع وتحديد المهام والمسؤوليات والواجبات؛ لذا على وزارة التجارة والاستثمار إنشاء لجنة تقوم بالتدقيق والإشراف والمتابعة لتطبيق الفرنشايز لدى المانح، ولكف العابثين في تجاوزاتهم، والنتيجة في حالة بقاء الوضع كما هو ستكون هناك فجوة كبيرة لدى مانح الامتياز في حالة إصدار القانون بين الممنوحين قبل إقرار القانون وبعده، وسؤالي هو: كيف باستطاعة مانح الامتياز التوفيق بينهما؟.
فاضل النصار: الانطلاقة ستكون قوية جدًا بعد سن القانون وتدشين جمعية الفرنشايز
ويرى فاضل النصار؛ المدير التنفيذي لـ “Middle east franchising” أن عدم وجود قانون للامتياز التجاري بالمملكة يعد من أهم التحديات التي تواجه العاملين في هذا القطاع، فعدم وجود قوانين وتشريعات لحفظ حقوق جميع الأطراف له الكثير من الانعكاسات السلبية على القطاع؛ حيث يُعقّد غياب القانون الأمر على كثير من الجهات الداعمة التي تحاول دعم هذا القطاع؛ مثل هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأرامكو، وبنك التسليف.
ويشير إلى أن عدم وجود قانون يحد من كيفية تعامل هذه الجهات الداعمة مع المقبلين على خوض التجربة في هذا القطاع؛ لأن عقود الفرنشايز ذات طبيعة مختلفة عن الشراكة العادية، وتخضع لقوانين وقواعد المانح، وقوانين التجارة العالمية، كما أنه في حالة النزاع يلجأ المتضرر للمحاكم الاعتيادية؛ حيث تستغرق الدعوى القضائية عدة سنوات، لذلك فالدعم هنا غير مجدٍ، فلو تغلبت على مشكلة، وقعت في مائة أخرى.
ويؤكد أن الجهات الداعمة ترغب بالفعل في تقديم الدعم لمشروعات الفرنشايز، لكن افتقاد التشريع يحول دون ذلك، لكن أتوقع بعد سن القانون، وتدشين عمل الجمعية السعودية للفرنشايز قريبًا ستكون الانطلاقة قوية جدًا.
ويضيف ” النصار” : رغم أن قطاع الفرنشايز شهد تطورًا كبيرًا خاصة في العلامات التجارية الوطنية، إلا أن غياب القانون في دول الخليج والمملكة يحد من نجاح هذه الشركات مستقبلًا، فمثلًا لو اجتهدت بصفة شخصية في وضع قوانين داعمة لعقود الفرنشايز، فإنها لا تضمن حفظ الحقوق. وقد شهدنا نجاح علامات تجارية، ولكن بسبب ضعف الوعي وغياب التشريعات، وضعت أنظمة للفرنشايز بطريقتها الخاصة، فأصبح هذا الحراك رهن الربح والخسارة.
ويشير إلى أنه ليس في كل دول العالم قوانين للفرنشايز، لكن لديها قوانين لحفظ الملكية الفكرية، تؤطر ثقافة الناس بالامتياز التجاري، إضافة لما تبذله جمعيات الامتياز التجاري في نشر ثقافة هذا النوع من الاستثمار بأنشطة خاصة منذ عشرات السنين، لتخريج أجيال لديهم معرفة نوعية بهذا القطاع، أما في حال عدم وجود بنية تحتية لهذا القطاع من جمعيات وخبراء بالمجال ودراسات، تؤدي لعدم وجود مرجعية للمهتمين بخوض التجربة في هذا القطاع، فقد يضطر الشخص لاتخاذ قرار عشوائي يضر بمسيرة مشروعه.
ومن ناحية النمو، هناك نمو كبير حصلت عليه العلامات الأجنبية، ويجب أن نميز بين النمو في قطاع الأغذية والأزياء، والنمو في قطاع الفرنشايز الذي يخص هذه الأنشطة.
ويؤكد النصار أن القانون سيسهم بشكل كبير في تشجيع الناس للتوجه نحو الفرنشايز، فعندما ترغب في تأسيس مشروع، لا تبحث عن مانحين من الخارج بقدر ما تبحث عن مانحين من الداخل، فلو لدينا مثلًا ألف شركة من أمريكا، فوجودها سيطور العمل من ناحية النوعية والتدريب ويسهم في نقل المعرفة والخبرات.
من ناحية الاقتصاد، هناك ثغرة مالية في أن كل هذه المستحقات المالية تخرج خارج البلد؛ ما يتطلب إيجاد عدد أكبر من المانحين من داخل المملكة، وهذا يتطلب سن قانون للفرنشايز يشجع على ذلك.
أمامي تجارب لشركات كثيرة منحت فرنشايز، ثم توقفت لوقوعها في مشكلات كثيرة مع الممنوحين، تعثر حلها وديًا، فنلجأ للمحاكم؛ حيث تظل الدعوى القضائية مدة طويلة، يظل خلالها الممنوح يعمل باسم المانح ، ويمكن أن يضر بسمعته وعلامته التجارية في السوق، دون وجود قانون يسعفه ويحميه.
لذا فوجود قانون متخصص يحل النزاعات بين الطرفين، ويوفر الأمان للمانحين، ويحمي العلامات التجارية، في حالة حدوث نزاع، والعكس صحيح فكثيرٌ من الشباب قليلي الخبرة ممن يرغبون في عمل مشاريع جديدة، يتخوفون من حدوث مشكلات، فيما يساعدهم القانون ويعطيهم الثقة في أن العقود ستخضع للقانون السعودي، وتتوافق مع النظم في المملكة، فتكون فرص النجاح أعلى، ويزداد الإقبال على تأسيس المشاريع.
ويؤكد “النصار” أن القانون سيحل ويطور، لكنه ليس كل شئ، ففي أمريكا مثلًا قوانين جاهزة تعالج كل صغيرة وكبيرة كالإفصاح والتخارج وغيرها، فلنفترض أنه خلال الستة أشهر التالية لبدء الفرنشايز بدأت أشهد كمانح انخفاض حاد في المبيعات أو مشكلات إدارية أو خلافًا بين الشركاء، فتأتي أنت كممنوح تطلب مني أوراق الإفصاح، فأعطيك إياها، فتجد من خلالها أن كل شئ تمام، لكن في الواقع هناك هبوط في مستوى العلامة التجارية.
وجود القانون في هذه الحالة، جيد في حد ذاته، ولكنه ليس كل شئ، ولا يوفر كل الحماية للممنوح؛ لذا على الممنوح دراسة الأمر بشكل أكبر، ويطلب معلومات إضافية، ويسأل في السوق جيدًا، فالقانون فعلًا مهم في حل المشكلات؛ إذ يمثل 60 – 70% من القضية، لكنه ليس كل شئ، فلا يجب إهمال بقية العوامل.
ماذا بعد القانون؟
ويجيب فاضل النصار عن سؤال: ماذا بعد القانون؟ فيقول: إن المرحلة التالية المهمة هي أهمية نشر الثقافة بالقانون؛ من خلال تنظيم الندوات والمؤتمرات التي تغطي جميع مناطق المملكة لنمكن الجميع من المعرفة والاستفادة من الاستثمار الأمثل في هذا القطاع؛ لأن ضعف نشر الوعي بالفرنشايز ونظمه وقوانينه يعد مشكلة مكملة ومهمة يجب التغلب عليها.
محمد المعجل: أتخوف من استمرار الضبابية بعد اعتماد القانون
يؤكد محمد المعجل؛ رئيس لجنة الفرنشايز بغرفة الرياض أن الفرنشايز أحد أنماط البيزنس (الأعمال) الذي يعتمد عليه الاقتصاد الوطني، فله خصائص تستدعي تحفيز وتشجيع الدخول فيه، خاصة وأن غالب المشاريع التي تقوم عليه تكون منشآت صغيرة، وهي دعامة لا يستهان بها في الاقتصاد، باعتبار أن أكثر من 80% من الاقتصاد يتركز في المنشآت الصغيرة. ونحن لا نطلب أن تتحول كل المنشآت لنظام الفرنشايز، لكن يمكن اعتبار النظام داعمًا لمسيرة هذه الشريحة العريضة من المنشآت.
ويرى “المعجل” أن عدم وجود قانون أفرز غياب النظام لدى الشارع التجاري، وأدى إلى الخلط بين الوكالة التجارية والامتياز التجاري.
ويكشف “المعجل” أنه: “بحسب مشاوراتنا مع بعض مسؤولي وزارة التجارة والاستثمار، فقد تم وضع خمس مواد في نظام الوكالات التجارية خاصة بنظام الفرنشايز، رغم أنه من المفترض أن تكون بنظام مستقل، لوجود اختلافات في جوهر النظام بين الفرنشايز والوكالة التجارية.
ويحذر المعجل من عدم قدرة تنظيم الفرنشايز على مواجهة أية عوائق متوقعة؛ فذلك يهدد نظام الفرنشايز ككل، مشيرًا إلى أن جهل البعض بالفرنشايز أدى إلى وجود خلط بين الفرنشايز والوكالة التجارية، فهناك تجار أعطوا ما كانوا يظنون أنه فرنشايز لأكثر من ممنوح وبضوابط تخالف شروط “الفرنشايز”؛ لذا أتخوف من أن تستمر هذه الضبابية إلى ما بعد اعتماد النظام المرتقب؛ وهو ما قد يخلق ثغرات تعيق العمل بالأسلوب الصحيح، فهناك مثلًا شروط وضوابط لعقود الفرنشايز في الولايات المتحدة الأمريكية لا تقل عن 70 صفحة ويصل بعضها إلى 400 صفحة، بينما لا تزيد هذه الضوابط لدينا عن 4 صفحات فقط.