لم يعد قطاع الشركات الناشئة داعمًا لاقتصاد الدول فحسب بل عصبًا وأساسًا، فهو يضخ ثلاثة تريليونات دولار سنويًا على مستوى العالم، وتبرز قوته الحقيقية أثناء الأزمات المالية التي قد تنهي حياته أو تمنحه شهادة ميلاد جديدة.
ولا يمكننا الحديث عن أزمة أقسى من جائحة كورونا التي رفعت دين ذلك القطاع إلى 4 تريليونات دولار وفق بيانات “بنك التسويات الدولية” في أكتوبر الماضي، وأعادت مصطلح “البجعة السوداء” إلى السطح، والذي يعني: “وقوع حدث مفاجئ يقلب الموازين وذي تداعيات كارثية”. فهل نحن أمام “انقراض جماعي” لهذا القطاع وفق تقرير مناخ الشركات العالمي الأخير أم سيحتمي باستراتيجيات وقائية؟
“الضارة النافعة” قادت بعض الشركات إلى تحقيق أرباح طائلة بسبب الاستغلال المثالي للأزمة، فعالميًا تطبيقات التعليم والتواصل، مثل “Zoom” و”Teams” و”Tik Tok”، تصدرت الإيرادات، لامتلاكها مسارًا واضحًا لجني الأرباح في وقت الأزمات؛ ما يخدم أهدافها للتنمية المستدامة.
وصارت إدارة الأزمات على رأس أولويات المؤسسات الناشئة؛ حيث جعلتها في حالة مراجعة مستمرة لنفقاتها وبرمجياتها، وفيما يلي جمعنا أهم الاستراتيجيات التي اعتمدتها هذه الشركات لحماية نفسها:
- تقليل مخاوف العميل وتقديم تسهيلات استثنائية؛ عبر تحمل جزء من المخاطر طويلة الأمد، على حساب تحفيز المبيعات على المدى القصير، وهذا يتم بدعم من احتياطي “التمويل الجريء”؛ أي عوائد استثمارات الصناديق الخاصة بالشركات الناشئة، بالإضافة إلى دعم البنوك وشركات التأمين والتمويل الحكومي.
- رقمنة البنية التشغيلية، فمئات الشركات الناشئة اقتصرت على متاجرها الإلكترونية، أو تحولت إلى وسيطة بين تجار التجزئة والمستهلك وهو ما يعرف بـ “Market Place”، مثل “نعناع” السعودية و”دبشي” التونسية و”مكسب” المصرية، وجميعها شهدت نموًا غير مسبوق في الربع الأول من عام 2020 وما بعده، لكن هذه الرقمنة تقلق الاقتصاديين؛ كونها تهمل العنصر البشري وترفع معدلات البطالة.
- صفقات الاندماج والاستحواذ؛ حيث أدى نمو الخدمات المقدمة عبر شركات التكنولوجيا المالية بسبب تقييد “الكاش” إلى مضاعفة صفقات الاستحواذ من قِبل كيانات مالية ومصرفية على شركات ناشئة في هذا القطاع؛ إذ استحواذ قطاع التكنولوجيا المالية في 2019 على 13% من جميع الصفقات المبرمة في الشرق الأوسط والبالغة 704 مليون دولار.
- ربط الشركات بأسواق جديدة، كما فعلت حكومة أبو ظبي ضمن خطتها لتنمية الشركات الرقمية الناشئة في الإمارات؛ عبر اتفاقية مع شركة “Microsoft” لفتح تطبيقات برنامج “GrowthX Accelerator” وربطها بعملاء جدد.
وهناك شركات شرق أوسطية كثيرة قاومت ولا تزال في وجه الوباء، لكن أخرى انهارت وأعلنت تصفيتها، مثل شركة “Sprii” المتخصصة في منتجات الأمهات والأطفال، ومنصة التجارة الإلكترونية “Awok.com”، ومتجر الأزياء “The Modist”. وأهم ما يمكن تقديمه لهذا القطاع، وفق خبراء، استخدام معيار تقييم أداء جديد يضع توقعات منطقية في ظل الركود الحالي.
اقرأ أيضًا:
تطوير المشاريع والشركات الناشئة والحفاظ على نموها
أخطاء عند افتتاح متجر إلكتروني يجب الحذر منها