تؤدي الأحداث غير العادية إلى زيادة الطلب غير المتوقع على سلع، كانت تُعاني من الكساد قبل هذه الأحداث، كما تُقلص الطلب على سلع أخرى، كانت تتمتع برواج كبير. نظرية اقتصادية تُلقي بظلالها على أرباح المتاجرين بهذه السلع، فيخرج البعض من هذه الأحداث غير العادية عضوًا في نادي المليونيرات أو نادي المُفلسين.
من أشهر هذه الأحداث انشغال العالم حاليًا بفيروس كورونا أو ما أُطلق عليها كوفيد-19، مثلما انشغل سابقًا بأخواتها من فيروسات سارس، والإيدز، والجمرة الخبيثة، وجنون البقر، وكل من أنفلونزا الطيور والخنازير، وغيرهما.
ورغم أن انتشار هذه الأمراض سيُسبَّب العديد من المشاكل الاقتصادية لكثير من الدول والشركات والأفراد، فإنه سيفتح في الوقت نفسه أبواب الفرص أمام أطراف أخرى تركَّز على استغلال هذه الأحداث، وعلى رأسها شركات الأدوية، كما أن الرعب الذي أصاب الجميع، سيساعد بعض رواد الأعمال في تحقيق أرباح غير مسبوقة؛ إذ تجد- على سبيل المثال- الكمامات، والقفازات، والمطهرات من الرواج والفرص التصديرية السانحة، مثلها مثل منتجات الكيماويات، والبلاستيك، والحديد للأسواق العربية والأفريقية لتعويض المنتجات الصينية.
منتهزو الفرص
في أوقات الحروب أيضًا- كأحداث غير عادية- يتولد فيها أغنياء جدد، مع أهمية التفرقة بين منتهزي الفرص الأشرار الذين يزدادون تُخمة على حساب دماء المحرومين والمُضارين؛ بسبب الأمراض، أو الحروب، أو الكوارث، وبين صائدي الفرص الذين يتمتعون بُحسن التوقع، والتخطيط؛ لاغتنام الفرص المتاحة كرواد أعمال مجتهدين.
فكرة إبداعية
من الحوادث الطريفة التي أتذكرها في هذا المقام، أنه أثناء التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان، توصل شاب أفغاني بسيط إلى فكرة حولت مجرى حياته؛ حيث كان يصعد يوميًا إلى جبل خارج قريته ويضع كشافًا صغيرًا وسط الصخور؛ لتأتي الطائرات الأمريكية وتطلق وابلًا من صواريخها باتجاه ضوء الكشاف البسيط، ثم يأتي الأفغاني ساحبًا عربة في الصباح؛ لتجميع الحديد المتخلف عن الصواريخ، ويقوم بتخزينه. فعلها أكثر من مرة، حتى إذا انتهت الحرب، قام ببيعه لجهات مختلفة، ليتحول إلى شريحة مختلفة عن عالمه السابق.
أغنياء الكوارث
وأذكر أيضًا أغنياء الكوارث الذين باعوا أجزاءً من مكوك كولومبيا على الإنترنت، ومن قبلهم الذين انشغلوا بالغبار الذي نتج عن تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وغطَّى سماء الولايات المتحدة؛ حيث فكَّروا سريعًا في كيفية تحويل هذه ” الذرات العالقة من الغبار” إلى “ذهب” يحصدون من ورائه ثروات طائلة، بخلاف مبيعات الهدايا والزهور، لتقديم التعازي لأسر الضحايا؛ ما أدى إلى زيادة أرباح بائعي الزهور؛ إذ زاد الإقبال على الهدايا والزهور بنسبة 92%.
وهكذا، فإن أفكار هذه المشروعات الناجمة عن تفشي الأوبئة وحدوث الحروب والكوارث، لم يكن بعضها بحاجة إلى تمويل ضخم، ولكن كانت استثمارًا لفرص هذه الأحداث.
إن صائدي الفرص هم “صُنَّاع المظلات” الحاذقون، الذين ينتظرون الغيوم الممطرة؛ ليجنوا الأرباح مع سقوط أول حبَّة مطر، فهل يمكن أن تكون منهم؟!
اقرأ أيضًا:
فيروس كورونا وعولمة المرض.. كوكب الأرض في خطر