يناقش كتاب Soonish قضايا جادة ولكن في قالب ساخر، وهو على الرغم من ذلك لا يقدم سوى الحقائق الخالصة، لا نعني بهذا أن كل ما أتى به المؤلفان: العالمة كيلي وينرسميث ورسام الكاريكاتير في شركة SMBC زاك وينرسميث؛ مسلّم به أو بديهي ولا يمكن دحضه.
وإنما قصدنا أن هذين المؤلفين _وهما زوجان بالمناسبة_ عمدا إلى تقديم حقائق واقعية، ناهيك عن سؤالهما الخبراء والمختصين في كل مجال من المجالات التي تطرقا إليها.
ولعل التوجه الأساسي في كتاب Soonish هو ما يمكن تسميته «نسيان الحاضر»؛ فالمؤلفان كانا منشغلين تمامًا بالبحث عن الماهية التي سيكون عليها مستقبلنا، وهل سنكون قادرين على العيش وفق هذه المعطيات المتخيلة الجديدة؟
ولا شك أيضًا، كيما نكون موضوعيين، أن الحاضر كان على الرغم مما فات نقطة ارتكاز وانطلاق أولية؛ فما كان في مقدور كيلي وينرسميث وزوجها زاك وينرسميث تخيل هذه الأنماط والطرائق التي تخيلاها من دون وجود هذه الابتكارات التي نعيش في كنفها الآن.
اقرأ أيضًا: كتاب The Motive.. دوافع ومهام المدراء التنفيذيين
استشراف المستقبل
يمكن من دون كبير جهد إدراج كتاب Soonish ضمن الكتب التي تحاول استشراف المستقبل، وهو بلا شك واحد من المراجع الأساسية _على الرغم من هزلية قوالبه السردية_ التي لا مفر بالنسبة للمعنيين بأمر المستقبل من تصفحه وربما دراسته دراسة دقيقة متأنية.
والحق أن استشراف المستقبل، لا سيما بالطريقة التي يقدمها كتاب Soonish، مهمة أساسية خاصة في عصر التحولات الكبرى؛ إذ لا تقدم بدون استشراف المستقبل، الذي هو ليس كشفًا ولا تخمينًا وإنما محاولة لاجتراح أفق مغاير وعالم جديد.
وفضلًا عن ذلك يحاول كتاب Soonish استكناه مستقبل البشرية، والوضع الذي يمسي عليه الإنسان في عام 2067، كما يسأل المؤلفان سؤالًا قد يبدو ساذجًا وإن انطوى على اهتمام وفضول علمي كبيرين: هل يمكن الخروج من كوكب الأرض.. ذاك الكوكب المأزوم، والمنهك، والمفعم بالمشاكل؟!
ففي أحد الفصول يتحدث مؤلفا كتاب Soonish عن تعدين الكواكب، بالإضافة إلى تفكيرهما الطويل في كيفية بناء مستعمرة على القمر مثلًا! هذه التأملات تقوم، ويا للغرابة، على حقائق علمية، وتسندها آراء باحثين وخبراء بارزين.
وهو ما قد يشير إلى إمكانية حدوث هذه التغيرات؛ حيث يمكننا في وقت من الأوقات الهجرة من الأرض إلى غيرها من الكواكب، وحينها لا يكون كتاب Soonish إلا مجرد طرح عفا عليه الزمن؛ فما تخيله المؤلفان قد أمسى واقعًا بالفعل؟!
اقرأ أيضًا: كتاب Company of One.. جدوى التوسع والنمو
مباحث كتاب Soonish
يبحث كتاب Soonish في عشرة مجالات ناشئة مختلفة؛ من المادة القابلة للبرمجة إلى الواقع المعزز، من المصاعد الفضائية إلى البناء الآلي؛ وذلك في محاولة من المؤلفين لتخيل شكل العالم الذي قد يكون في المستقبل.
يتعمق كيلي وزاك؛ مؤلفا كتاب Soonish، في كل جانب من جوانب التكنولوجيا التي يناقشانها، مثل القدرة على تحمل التكاليف، والفائدة، والتأثيرات، والعملية الكاملة لصنع التكنولوجيا، ثم متى سيتم تنفيذها في حياتنا.
وإذا لم يكن ذلك كافيًا فإنهما يراجعان أيضًا المقابلات التي أجرياها مع مبتكري كل هذه التقنيات الحديثة الرائدة.
ولأن المؤلفين قد حصرا كتابهما على عشر تقنيات فحسب، فإنهما ذيّلاه _أي كتاب Soonish_ بفصل أخير أسمياه “مقبرة الفصول المفقودة”، وهي مناقشة للتقنيات التي لم تدخل في الكتاب لسبب أو لآخر.
ويتضمن ذلك الفصل، من بين ما يتضمنه، الطاقة الشمسية المستندة إلى الفضاء، والتي استنتجوا أنها “غير مرغوب فيها حتى في ظل أفضل ظروفها”، وذلك أساسًا لأنها ليست اقتصادية مثل الطاقة الشمسية الأرضية، وهي وجهة نظر يشاركها العديد من المشككين في الطاقة الشمسية القائمة على الفضاء.
اقرأ أيضًا: كتاب Measure What Matters وطرق تحقيق المعجزات
اليوتوبيا أم الكارثة؟
الحقيقة أن كتاب Soonish يحاول أن ينأى بنفسه عن هذه الثنائية: اليوتوبيا أم الكارثة؟ فلا هو يرى أن مستقبلنا البشري قاتم السواد، ولا يعتبره فردوسًا مفقودًا علينا إعادة اكتشافه، وإنما هو _وتلك واحدة من أبرز نقاط قوته_ يعمد إلى اتباع نهج عملي برجماتي حتى النخاع.
فالأسئلة التي تطرح على طول كتاب Soonish وعرضه: ما أهمية هذه التقنية المستقبلية؟ وما هي تكلفة إنشائها؟ وكيف ستؤثر في حياتنا؟.. إلخ.
إذًا لا يميل كتاب Soonish كثيرًا إلى اليوتوبيا؛ فهو عملي حول احتمالية عمل أي من هذه التقنيات التي تم تناولها بالفعل، وحول فرص البشرية العالية في إفساد كل شيء.
ولكنه لا يزال يشير أيضًا إلى إمكانية صنع مستقبل مشرق، ولكن طبعًا إن نحن أحسنا استخدام هذه التقنيات وتجنيدها لصالحنا الجنس البشري بشكل عام.
اقرأ أيضًا:
كتاب Delivering Happiness.. تجربة رائد أعمال
كتاب First Break All the Rules.. كيف ينجح القادة باختلافهم؟
كتاب The Courage Habit.. كيف تتحدى الخوف؟