تحتاج المجتمعات الراغبة في التطور إلى نوعية خاصة من المعرفة المتخصصة في مجالات معينة تتسم بالديناميكية عندما تكون هناك حاجة ملحة إلى سد فراغ ثبت أنه موجود بعد دراسات وتجارب عديدة.
وقد جاءت فكرة إصدار مجلة “رواد الأعمال”، بعد أن استشعرنا ضرورة تغيير كثير من الأفكار والقرارات لدى شباب المملكة وشباب وطننا العربي؛ إذ كان الفكر السائد تقليديًا جامدًا، يركز على الحصول على وظيفة؛ عبر طابور انتظار طويل في إطار فرص محدودة تحول الشاب إلى سجين بقيود من فضة.
كان التحدي الأول، ابتكار طريقة معرفية لمخاطبة العقول الشابة، وتحريرها من قيود الفضة، وإنارة الطريق لها وتسهيله إلى مناجم الذهب، وتحويل أفكارهم في اتجاه اكتساب المعرفة، وتحويل المعرفة المكتسبة إلى ابتكارات في شكل مشاريع تفيد المبتكر، وتنمي المجتمع، وتساهم في حل مشكلاته.
إنَّ طلب العلم والمعرفة قيمة عليا من قيم الإسلام دعا إليها، وحرص عليها، وحصنها وثبتها، وجعلها قيمة لا يعلو عليها قيمة؛ إذ جاءت هذه الدعوة الخالصة قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا، فكان هدفنا الأول هو إعادة تأكيد تلك القيمة، وأنْ نساهم معًا في توطينها وإعادة تثبيتها؛ لتصبح هدفا ووسيلة في آنٍ واحد؛ لأنَّ حاجتنا إليها توازي حاجتنا إلى المشرب والمأكل والمسكن، بل قد تفوقها؛ لأنها الطريق الأوحد لتحقيق الآمال، وبلوغ الغايات، وتوفير الرفاهية لنا ولأجيالنا القادمة.
لسنا غائبين عن المشهد والدعوة التي تسود عالم اليوم بتحويل كل النشاط الإنساني إلى نشاط معرفي، نحن من حمل رايتها، وأوقد مصابيحها، ولكن أهملناها؛ لذ قد آن الأوان لنعيد إيقاد شعلتها من جديد وبقوة أكبر وإصرار أقوى، وعزيمة لا تلين.
لم يكن الطريق إلى النجاح سهلًا، استنادًا إلى نوعية الرسالة التي اخترنا أن نوجهها؛ لأنَّ الشريحة المستهدفة حساسة وتمثل كل المستقبل، والهدف المراد تحقيقه كبير، فكان لزامًا اختيار كل الأدوات بعناية ودقة؛ إذ ينبغي أن تكون الرسالة الإعلامية المعرفية واضحة، وسهلة، وذات قيمة علمية وعميقة في الوقت نفسه.
من هذا المنطلق، احتجنا إلى اختيار هيئة تحرير متميزة، ورسائل تساعد في ترسيخ وتدعيم ثقافة العمل الحر وتعميم مفهوم ريادة الأعمال، فسرنا وسط العقبات والصعاب بصبر وإصرار وعزيمة؛ حتي تمكنَّا من توفير أكبر محتوى معرفي باللغة العربية في مجال ريادة الأعمال علي شبكة الإنترنت، إضافة إلي مرجعية علمية
مميزة، تمثلت في إصدار مائة عدد من المجلة، عبر مسيرة امتدت لعشر سنوات، استطعنا من خلالها امتلاك المبادرة في المجال، ومساعدة الشباب والراغبين في دخول مجال العمل الحر، في تحويل أفكارهم وطموحاتهم إلى مشاريع ساهمت في إشعال روح الإبداع والتحفيز لدى أفراد المجتمع، مع مساهمتها الملموسة في دعم الناتج القومي الإجمالي، وإيجاد حلول جذرية لبعض المشكلات الاقتصادية.
إن رسالة المجلة- طوال مسيرتها الممتدة- كان التركيز الاستراتيجي على تنمية الفكر، وتطوير المهارات ،وزيادة المعرفة لرواد الأعمال والشباب كخارطة وخطة تُرشدهم إلى الطريق الصحيح بين نقطتين: أولها “أين أنت الآن؟”، والأخرى “أين ترغب أن تكون في المستقبل، وكيف تحقق ذلك سعيًا إلى تحقيق الاستجابة الدقيقة لتوجيهات المجتمع واحتياجاته”؛ لذلك صار هناك ارتباط وثيق بين المجلة وتقديم المعرفة، حسب احتياجات البيئة والمجتمع.
إنَّ مجلتكم “رواد الأعمال”، لن تتوقف عن تقديم معارف جديدة مستحدثة تهتم بتطوير إمكانيات رواد الأعمال الشباب في كل مجالات الحياة بأسلوب علمي طبقًا لرؤية موسعة تستوعب كل متغيرات مجتمعنا والعالم من حولنا، وننظر إلى المستقبل باعتباره تحديًا أقوى وأكبر من الماضي نحتاج فيه إلى تجويد رسالتنا الإعلامية وتطوير أساليب طرحها، وزيادة مساحته وإلى تطوير إمكانياتنا الذاتية؛ لتسهم في تأسيس قاعدة انطلاق تتوفر لكل راغب في دخول مجال ريادة الأعمال.
الجوهرة بنت تركي العطيشان