انطلاقًا من أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للنشاط الاقتصادي، تأتي أهمية توفير التمويل اللازم بما يحقق لها مقومات النجاح والنمو.
وفي ظل قصور البنوك عن حل إشكالية تمويل هذه المشروعات بالقدر الكافي؛ بسبب الضمانات القانونية وتجاهل المعايير الموضوعية- كأهمية التدفقات المستقبلية وآليات العرض والطلب في محيط هذه المشروعات- ظهر البديل، وهو رأس المال المخاطر الذي يعتمد على المشاركة في المخاطر (ربحًا وخسارةً)، ليس بتقديم التمويل المالي فقط، بل والمساهمة في الإدارة، بما يحقق النجاح المستهدف لهذه المشروعات.
ويدفع توفير الغطاء التمويلي لمثل هذه المشروعات، إلى مزيد من توسع الاقتصاد القومي وتنشيطه، فضلًا عن المساهمة بجدية في علاج وتقليص مشكلة البطالة، بجانب نقل التقنيات العالمية، وتبني ودعم الابتكارات الحديثة.
وليس أدل على الأثر الإيجابي لتمويل المشروعات بأسلوب رأس المال المخاطر، من الازدهار الكبير في كل من الثورات الصناعية، والإلكترونيات، والمعلومات الدقيقة والتقنيات الحديثة، وغيرها من التخصصات الريادية؛ ما دفع هذه الصناعات والمؤسسات الريادية إلى مصاف الصناعات الكبرى.
ويحقق هذا الأسلوب التمويلي معادلة: مخاطر أكبر تساوي عائدًا مرتفعًا، ويتسم بسمات تتفق مع طبيعة المجتمعات الإسلامية؛ كونه يتفق مع مباديء الشريعة الإسلامية التي تحرم التعامل بالربا.
وعلى الرغم من الأهمية التمويلية لرأس المال المخاطر للمشروعات الريادية، إلا أنه يواجه العديد من التحديات أهمها: تحدي مؤسسي لعدم وجود الكيانات الكافية لتقديم التمويل أو عدم وجود مؤسسات تدعم فاعلية هذه الكيانات؛ لتحقيق المستهدف لها، خاصة لمواجهة التحديات التي تقف حجر عثرة أمام نجاح واستمرار المشروعات الريادية، بما يتطلب التحرك السريع والتكامل بين كل من القطاع الخاص والجهاز المصرفي، فضلًا عن مؤسسات التمويل بأسلوب رأس المال المخاطر.
وإدراكًا من المملكة لأهمية التمويل بأسلوب رأس المال المخاطر في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر؛ تم تأسيس صندوق الصناديق برأس مال 4 مليارات ريال، بهدف الاستثمار في صناديق رأس المال المخاطر والملكية الخاصة وفق أسس تجارية؛ لدعم وتحفيز الفرص الاستثمارية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر؛ وذلك إيمانًا من الحكومة بأهميته في دعم قطاع المؤسسات الريادية بما يحقق أهداف رؤية 2030؛ من خلال رفع مساهمة هذا القطاع الحيوي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 20% إلى 35%.
وتزداد فعالية هذه الآلية إذا أديرت بشكل علمي؛ ومن ثم إنشاء الكيانات المكملة لها؛ مثل جمعية مهنية تعني برفع المستوي المهني والاحترافي في قطاع رأس المال المخاطر والملكية الخاصة، بما يؤدي إلى الارتقاء بمستوي المنشآت الريادية فنيًا وتقنيًا ومهنيًا؛ لصنع جيل من رواد الأعمال المتميزين.
ولا شك في أن دعم قدرات المشروعات الريادية، يتطلب وضع رؤية وتصور متكامل؛ لإيجاد حلول جذرية للتحديات المختلفة، بما يدعم تنمية وتطوير أهم قطاعات الاقتصاد الوطني، في مقدمتها إنشاء كيانات كافية لتقديم الدعم الفني بجانب الدعم المالي؛ لمواجهة نقص الخبرات الإدارية أو التسويقية لدى رواد الأعمال، ووضع الرؤى المستقبلية اللازمة لكل مشروع ، بما يستلزم تنمية الكفاءات المنوط بها تقديم مثل هذا الدعم الفني ليواكب المستجدات والمتطلبات الحالية محليًا وإقليميًا ودوليًا.
وختامًا، نؤكد على أهمية التمويل بالنسبة للمشروعات الريادية؛ ما يتطلب تذليل العقبات التي تواجهها، بتوفير آليات تمويلية مثالية كمًا ونوعًا، فضلًا عن مراعاتها لظروف هذه المشروعات، وخاصة في بدايتها، حتي تكون ذات أثر إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني، وتدعم متطلبات رؤية2030.