خضع تطور البريد الإلكتروني لسلسلة طويلة من التغيرات والتطورات، فالوضع الذي هو عليه الآن يمكن إرجاعه لتاريخ طويل، بل يمكن ربطه بتاريخ فعل الكتابة ذاته.
من السهل، بطبيعة الحال، ربط تطور البريد الإلكتروني بانتشار أجهزة الكمبيوتر الشخصية والإنترنت في منتصف التسعينيات، لكن التحقيب التاريخي يبين أن المسألة أعمق من هذا حقًا.
كانت الأشكال المبكرة للبريد الإلكتروني المتبادلة عبر شبكة مغلقة موجودة منذ الستينيات، وصُيغت كلمة “بريد إلكتروني” نفسها لأول مرة في عام 1982. إن تطور البريد الإلكتروني ومكانته في عالمنا اليوم هي قصة امتدت لأكثر من 40 عامًا.
سوى أننا في «رواد الأعمال» سنحاول الغوص في تحقيب تاريخي أعمق؛ لنقف على جذور فكرة التراسل والتواصل الكتابي ذاتها.
اقرأ أيضًا: ماذا يمكن أن تتعلم من مواقع التواصل الاجتماعي؟
تاريخ التواصل الكتابي
في حين أن البريد الإلكتروني هو وسيلة اتصال جديدة نسبيًا، إلا أنه يعتمد على وسيلة عمرها آلاف السنين؛ إذ يعود تاريخ اللغة المكتوبة إلى سومر القديمة بين 4100-3800 قبل الميلاد، عندما تم استخدام العلامات التي تم ضغطها على الألواح الطينية كسجلات للأرض والماشية والحبوب.
ومع تطور الكتابة أصبحت كتابة الرسائل الوسيلة الأكثر موثوقية للاتصال البعيد المدى، وأصبح التأكد من تسليم الرسائل أمرًا بالغ الأهمية.
وبحلول عام 900 قبل الميلاد طورت الصين خدمة بريدية لتسليم الرسائل؛ لضمان الاتصال بين الإدارات الحكومية المختلفة، وفي عام 100 بعد الميلاد استخدمت روما سعاة لتوصيل الرسائل إلى زوايا الامبراطورية.
وخلال العصور المظلمة، طورت الأديرة الأوروبية نظامًا مخصصًا للرسائل، وأرسل الرسل الملكيون الرسائل بين القادة الحاكمين، سوى أنه يمكن ملاحظة أن هناك طريقة واحدة منظمة لإرسال واستقبال الرسائل لعامة الناس، الذين ظل الكثير منهم أميين، على مدى قرون.
وحتى القرن السادس عشر، عندما بدأت أنظمة البريد الخاصة بالظهور في أوروبا والمستعمرات الأمريكية، كان يتم تسليم البريد عن طريق إرسال الرسالة إلى فرد واحد في الاتجاه الذي كان من المفترض أن تصل إليه الرسالة تقريبًا، على أمل وصولها.
وتم استخدام العديد من الأنظمة البريدية الفردية في المستعمرات المختلفة في وقت مبكر من عام 1673، ولكن لم يكن الأمر كذلك حتى عام 1775، عندما أصبح بنجامين فرانكلين أول مدير عام للبريد في الولايات المتحدة وتم تشكيل خدمة بريد الولايات المتحدة؛ حيث تم تشكيل نظام واحد متماسك.
وفي عام 186م تم إنشاء فرع Pony Express للخدمة البريدية كوسيلة لتوفير تسليم بريد سريع وموثوق إلى المناطق الغربية؛ حيث صار من الممكن إيصال الرسائل من ميسوري إلى كاليفورنيا في غضون عشرة أيام، وهو إنجاز لا يُصدق تقريبًا في ذاك الوقت.
وأدت التطورات التكنولوجية، مثل الطائرات والقطارات والسيارات، إلى تقصير الوقت الذي يستغرقه تسليم البريد في جميع أنحاء العالم، لكن خدمة البريد ظلت محدودة بحلول الوقت الذي يستغرقه وصول الرسالة من كاتب إلى متلقٍ.
اقرأ أيضًا: أشهر مواقع البريد الإلكتروني في العالم.. خدمات متطورة
تطوير البريد الإلكتروني
يعود تاريخ الرسائل المرسلة إلكترونيًا إلى عام 1832 وهو وقت اختراع التلغراف، ويمكن إرجاع ما نسميه البريد الإلكتروني إلى عام 1965؛ حيث أنشأ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “MAILBOX”، وهو امتداد لنظام كان موجودًا بالفعل منذ عام 1961م.
ويسمح MAILBOX للمستخدمين بإرسال الرسائل مباشرة إلى بعضهم البعض عبر شبكة اتصال هاتفي مترابطة، وكان هذا تحسينًا على نظام CTSS الأصلي؛ حيث لا يمكن وضع الرسالة إلا في دليل مشترك يمكن عرضه بواسطة أي شخص لديه إمكانية الوصول إلى الشبكة.
وكانت تلك الطريقة أول اتصال بالبريد عبر استخدام أجهزة الكمبيوتر، وكان معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أول من استخدم MAILBOX لكنه سرعان ما انتشر بين الكليات والمعاهد الأخرى، مولدًا عصرًا جديدًا من الاتصالات الإلكترونية.
وفي عام 1969م كشفت وزارة الدفاع الأمريكية النقاب عن شبكة وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة التابعة لها التي كانت تسمى ARPANET.
وكانت الفكرة وراء هذا المشروع _الذي هو إحدى المراحل المهمة في تطور البريد الإلكتروني_ إنشاء مكان يمكن للمستخدم من خلاله الاتصال بأي مستخدم آخر دون الحاجة إلى التبديل بين محطات الكمبيوتر المخصصة.
وكانت الطريقة الوحيدة للتحدث إلى مستخدم آخر عبر الإنترنت هي استخدام جهاز كمبيوتر مخصص أو مرتبط حصريًا بجهاز كمبيوتر آخر. ومع ARPANET، لم يعد المستخدمون مضطرين للتبديل بين المحطات المخصصة للتواصل، وما يحتاجونه فقط هو الاتصال بالشبكة.
وعلى مدار السنوات التالية تطورت تكنولوجيا الكمبيوتر والإنترنت والبريد الإلكتروني جنبًا إلى جنب. وفي عام 1982م أصبح بروتوكول نقل البريد البسيط معيار الإنترنت للبريد الإلكتروني، وفي عام 1988، أصبحت Microsoft أول شركة تقدم مجموعة بريد إلكتروني تجارية مع Microsoft Mail.
اقرأ أيضًا: قصص إنستجرام.. ذكريات لا تُمحى
ظهور الإنترنت
وفي عام 1991م تم توفير شبكة الإنترنت العالمية للجمهور، في ذلك الوقت، كان هناك القليل من الاهتمام العام، لكن ذلك سيتغير قريبًا.
ومع تزايد عدد الأشخاص المتصلين بالإنترنت زاد الطلب على البريد الإلكتروني، وفي عام 1993م، قامت AOL وDelphi بتوصيل أنظمة البريد الإلكتروني الخاصة بهما بالإنترنت؛ ما يسمح للمستخدمين بالاستفادة من وسيلة الاتصال السهلة والسريعة هذه.
وفي عام 1996م أصبح Hotmail أول خدمة بريد إلكتروني مجانية تعتمد بالكامل على الويب، وبعد ذلك بعام، صدر Microsoft Outlook 97، وهو برنامج بريد إلكتروني تم تحميله مسبقًا بنظام Windows.
تلك هي بعض من مراحل تطور البريد الإلكتروني الذي أمسى الطريقة الرئيسية في الاتصالات بعيدة المدى، والذي يتلقى أكثر من 100 مليار رسالة وإرسالها يوميًا.
المصدر: https://www.bookyourdata.com/
اقرأ أيضًا:
أغرب 4 مواقع تواصل اجتماعي في العالم
منافسو فيسبوك.. مميزات تُقدمها منصات بديلة
تسويق المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي