أردت ترك وظيفتي عدة مرات، لكن كان علي أن أؤسس مشروعي الخاص؛ إذ كنت أحلم دومًا بتأسيس مركز علاجي (سبا)، فقرأت مقالًا بعنوان ““The Number One Secret to Life Success: Baby Steps” (أول أسرار الحياة الناجحة: خطوات صغيرة).
الصبر مفتاح النجاح
ركز المقال على التحلي بالصبر كمفتاح لتحقيق أهدافك؛ لذلك، أردت أن أبدأ بمشروع المركز العلاجي (سبا) بخطوات صغيرة؛ إذ قررت إطلاق علامتي التجارية لمستحضرات التجميل أولًا، ثم أفتتح بعدها المركز. اعتقدت أن اختيار علامة تجارية ناجحة، سيتيح لي تأسيس المركز، فتكون فرصة رائعة؛ وهنا كان الحساب الخاطئ.
عندما اخترت علامة تجارية للتجميل، قمت بذلك بناءً على تجربتي الشخصية للمنتجات؛ فقد كنت أؤمن دائمًا بفعالية المكونات العضوية والطبيعية، فرأيت ذلك كافيًا لاختيار هذه العلامة التجارية وجعلها مفتاح النجاح لمركزي العلاجي المستقبلي، فبدأت طلب الحصول على حق امتياز لإحدى العلامات التجارية.
الكلمة نفسها كبيرة، وتحمل تفاصيل كثيرة لم أدرسها بشكل كافٍ، فالوقت الذي استغرقته في التفاوض على اتفاقية منحي حق امتياز العلامة التجارية المرغوبة 15 يومًا فقط؛ وهو ما لم يكن كافيًا لاتخاذ هذا القرار الكبير.
اتفاقية الفرنشايز
في 11 أكتوبر 2015، وقعت اتفاقية الفرنشايز التي قرأتها عدة مرات؛ للتأكد من أن جميع البنود التي ناقشتها مع المحامي، مكتوبة بالفعل، وليس للتأكد مما إذا كنت قادرة على تنفيذ كل شروطها، ولكن وقعت الاتفاقية دون استيعابها جيدًا.
وهنا كان الخطأ الأول؛ فقد اخترت العلامة التجارية القائمة على تجربة منتجين فقط، ثم قررت إحضارها إلى بلدي تحت اسمي. في الواقع، لا يمنحني حق الفرنشايز سلطة اتخاذ قرار أو التحكم في العلامة التجارية من حيث المكونات أو التغليف أو أية تحسينات رئيسة على المنتج؛ لأنني لا أملكها، ولكني استخدم اسمها فقط في بلدي، وليس أكثر كما كنت أعتقد، فكان البدء بهذه الخطوة تحديًا كبيرًا، كما كان مؤشرًا على أنني سأواجه صعوبات في هذا المجال.
كانت الاتفاقية شاقة جدًا، ولكنني كنت متحمسة ومستعدة للانطلاق، فكانت الخطوة الأولى بعد توقيع الاتفاقية، البحث عن متجر وفق معايير معينة؛ كوجوده داخل مركز تجاري كبير، وبمقاييس محددة لكلٍ من المتجر والمركز التجاري، فلم تكن رحلة البحث عن المكان المناسب، سهلة على الإطلاق.
مخاطر وتحديات
كان هذا الوضع محفوفًا بالمخاطر والتحديات، فقد تواصلت مع جميع مراكز التسوق الكبيرة، واكتشفت أن هناك قائمة انتظار، وأنَّ علي انتظار دوري، الذي قد يستغرق عامًا؛ فكان الأمر صادمًا جدًا لي!
فكرت كثيرًا، كيف أنتظر لمدة عام، وقد نصت الاتفاقية على بدء العمل في غضون شهر؛ وهنا عرفت خطأي الثاني؛ وهو موعد بدء تنفيذ الاتفاقية، فلماذا وافقت على البدء بعد شهر، وليس بعد عام من التوقيع؛ حتى يكون لدي وقت للعثور على المكان المناسب وفقًا للشروط والمواصفات الواردة في الاتفاقية؟!
ما فعلته، هو العثور على مركز تجاري دون المعايير والشروط المطلوبة؛ إذ طلب المانح صورًا للمركز التجاري؛ لمطابقتها بالمعايير المتفق عليها. في البداية، لم يكن مقتنعًا تمامًا، لكنني تمكنت من التفاوض والحصول على موافقته؛ للمضي قدمًا في ذلك، فكنت سعيدة جدًا لأنني استطعت إقناع المانح والحصول على موافقته.
في ذلك الوقت، اعتقدت أنني قد وفرت مبلغًا كبيرًا من المال؛ باستئجار هذا المتجر بنصف سعر المتاجر الأخرى التي وجدتها من قبل، لكن كان ذلك خطأً؛ إذ لم أفكر في العملاء الذين يتسوقون في هذا المركز التجاري؛ فهم ليسوا من العملاء المستهدفين؛ لذلك، كان هذا الخطأ الثالث لكارثتي المحققة.
عدم وجود فكرة واضحة عن عملائي المستهدفين، وتغيير عملائي من أفراد إلى مراكز تجميل في بداية المشوار، كبَّدني خسائر كبيرة؛ إذ قادني ذلك إلى اتجاه مختلف في السوق؛ وبالتالي، قللت من قيمة العلامة التجارية التي جعلتني أتعثر في السوق؛ فكان ذلك مربكًا لي وللعملاء السابقين.
الاستقرار في السوق
لقد تعلمت أن الاستقرار في السوق، وبناء أساس قوي؛ هو الخطوة الأولى التي يجب أن تبدأ بها مهما كلفك الأمر. خلال فترة التغيير والانتقال الذي حدث بين العملاء المستهدفين، ثبت لي أنني لم أتعرف عليهم جيدًا، ولكن لتقليل الخسائر، كنت أحتاج للتعرف جيدًا على عملائي، قبل القيام بأي خطوة.
لقد تحولت من استهداف الأفراد، إلى التركيز على الصالونات ومراكز التجميل؛ فكان ذلك خطأ؛ لأن المنتجات مصممة للأفراد؛ إذ تأتي في عبوات صغيرة للاستخدام الفردي. ومع ذلك، كنت أبيعها إلى مراكز التجميل بنفس الأحجام، مع محاولة تقليل السعر؛ لأتمكن من بيع كمية أكبر؛ وهذا ما قصدته من أن امتلاك حق الفرنشايز (الامتياز التجاري) قد يعني أحيانًا عدم التحكم في المنتج.
لقد دخلت هذا المشروع، دون شركاء، أو مرشد أرجع إليه عند الحاجة، لاسيما خلال المراحل الأولى من انطلاق المشروع؛ وهو ما كلفني الوقت والمال والجهد. كانت أمي هي السبب الوحيد الذي جعلني أتمكن من متابعة ذلك، على الرغم من افتقارها للتجربة؛ إذ قامت هي بتصميم المتجر ليكون مطابقًا للمتجر الرئيس في الخارج بالضبط، كما أنها عزمت على الحصول على الموافقات الحكومية، وترخيص المحل التجاري، فكانت هي المرشد والداعم الأساسي الذي اكتسبته في تجربتي العملية بالكامل.
أهمية الشريك
إن أهمية وجود شريك ليس فقط لمساعدتك، بل لمشاركتك نفس الهدف، شريطة أن يكون لديه خبرات مختلفة، كما يمكنك توزيع المهام معه حسب الخبرات المتاح؛ وهذا ما كان ينبغي أن يكون عليه الحال في مشروعي.
لقد كانت خطتي المالية أو ميزانيتي هي أكبر تحد واجهته؛ فقد حصلت على قرض بنكي كبير جدًا، وهو الحد الأقصى الذي يمكنني الحصول عليه، فلم يكن ذلك بناءً دراسة جدوى؛ لمعرفة المبلغ المناسب الذي يجب أن أبدأ به، فلابد من وجود خطة موضوعة بناءً على البحث والدراسة لتبين ما كنت كنت على المسار الصحيح أم لا.
صندوق تمويل
كان ينبغي علي البحث عن صندوق تمويل بطرق مختلفة، سواء مع مستثمر أو شريك أو حتى شركات مختلفة تقدم قروضًا بفوائد أقل، فلم أدرس الخطة المالية بشكل صحيح؛ كون تركيزي الرئيس في هذا العمل، لم يكن على إدارة أموالي، بل على الخطة التسويقية.
اختيار الأسلوب التسويقي
الخطأ الذي وقعت فيه؛ هو أنني بدأت باستضافة أحد المشاهير المؤثرين اجتماعيًا لتجربة عدد قليل من منتجاتي، والإعلان عنها في مواقع التواصل الاجتماعي؛ من خلال مشاركة تجربتها الشخصية مع الجمهور؛ كونها كانت مفيدة ومجدية لفترة زمنية قصيرة، ولكن بمجرد أن يتحدث هذا الشخص المؤثر عن منتجات مختلفة، ينسى المتابعون منتجاتك، ويركزون على آخر منتج تم الإعلان عنه؛ لذا لم يكن هذا هو الأسلوب التسويقي الصحيح الذي كان يجب علي أن أبدأ به.
فكيف إذًا أضع خطتي التسويقية بشكل علمي صحيح؟ تابعوا المقال القادم.
العنود حاتم بن سعيد
أخصائية ريادة الأعمال النسائية
اقرأ أيضًا
تعليق واحد
الاعتراف بالخطأ شجاعة وشكرا لمشاركتنا هذه الشجاعة لنتفاداها مستقبلا، مقال ملهم وفي انتظار التكملة.
مع تمنياتي لك بالنجاح