تعد حاضنة الأعمال “ابني” أحدث الحاضنات التكنولوجية في مصر، حيث أطلقتها جمعية “اتصال” التي تعمل في خدمة ودعم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منذ إنشائها عام 1997م، إيمانا من القائمين عليها بأهمية حاضنات الأعمال في إنجاح المشاريع الناشئة وعلى الأخص في هذا القطاع الواعد، وأنها تعد تجربة وليدة إلا أن رؤيتها ونشاطاتها وما تقدمه من جديد لرواد الأعمال في مصر يعتبر بعدا جيدا متجددا وهذا تؤكده معطيات الحوار التالي مع تامر أحمد المدير التنفيذي لحاضنة “ابني”
كيف جاءت فكرة “ابني”؟
جمعية “اتصال” لها تاريخ طويل في خدمة قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري، وجميع أعضاء مجلس الإدارة يتشاركون قيم ريادة الأعمال، فكلهم يديرون أعمالاً خاصة، ومنهم الكثيرون من رواد الأعمال المتميزين وهم يعلمون جيدا المشكلات التي يعانيها السوق المصري.
لقد تحدثنا طويلاً مع رواد أعمال في مصر والمنطقة، ودرسنا نماذج كثيرة من حاضنات ومسرعات الأعمال في مصر والعالم، ووصلنا إلى برنامج يتناسب في هيكله مع كل من بيئة العمل المصرية، وكذلك المتطلبات الخاصة لرواد الأعمال.
ما الاحتياج الذي تسديه أو ما الفائدة من ورائها؟
نحن نحتاج في مصر لحاضنة أعمال تستطيع نقل الشركات المصرية إلى العالمية، وتستطيع فتح أبواب جديدة لنموذج ريادة الأعمال من منظور اجتماعي لا يهدف للربح، ولكن يؤمن بنظرية الإبداع في مصر والمنطقة، وتفتح أبوابها لجميع رواد الأعمال من جميع الشركات الناشئة؛ كي يستفيدوا بخدمات “ابني”.
ما الدعم الذي تقدمه الحاضنة لرواد الأعمال الشبان؟
أولاً نحن نضع رواد الأعمال أمام مجتمع تكنولوجيا المعلومات في مصر باعتبارنا أفضل جمعية أهلية تمثل هذا المجتمع، وتستطيع تجميع خبرات جميع أعضاء الجمعية؛ كي تصل إلى رقم كبير من سنوات الخبرة وتنوع الخبرات يجعل “ابني” تستطيع تقديم خبرات الدعم الفني وخبرة السوق لرواد الأعمال من الشباب.
كما نقدم دعماً مالياً يصل إلى خمسين ألف جنيه لكل شركة في برنامجنا، ويكفي أن تعرف أن هذا المبلغ قد تم تعديله من المقترح المبدئي حيث كان 35 ألفا بناءً على طلب إدارة المشروع من أعضاء مجلس إدارة اتصال، بل أبدوا استعدادهم لتقديم المزيد من الدعم لمن يستحق.
ونقدم أيضا مكان عمل يساعد على الإبداع تتوافر به أحدث الأجهزة التي يحتاج إليها صناع الهاردوير كالطابعات ثلاثية الأبعاد، وقواطع الليزر وأجهزة المعامل الإليكترونية، بحيث يستطيع رواد الأعمال استخدام كل ما يحتاجون إليه.
ومن خلال اتفاقيات العمل المشترك نوفر للشركات استخدام معامل وورش عديد من كليات الهندسة في مصر.
أما أهم ما نقدمه لرواد الأعمال فهو فريق متخصص من الخبراء في مجالات:
Product design, ergonomic design, growth hacking, hardware design, Algorithms, sourcing, system integration , UX/UI , IP and legal, Finanacial planning and business modeling and more
هؤلاء الخبراء يقدمون خبراتهم مجانا لكل رواد الأعمال في مصر، وبدعم كامل من “اتصال” و”ابني” وبهدف الوصول بشركاتهم إلى النجاح، وكل ما على رواد الأعمال هو مراجعة موقع “ابني” بصفة دورية لمعرفة مواعيد الخبراء والتحدث معهم، إما وجها لوجه أو من خلال موقعنا على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لمن يريد، كما نقوم بتحديث تلك الخدمات بصفة مستمرة مع زيادة عدد الخبراء وتنويع مجالاتهم، وموقع “ابني” يحتوي على مدونة متخصصة لرواد الأعمال يكتب بها فريق الخبراء وعديد من أعضاء الجمعية، حيث تركز على السوق المصري ودراساته واحتياجاته والخبرات المطلوبة لرواد الأعمال، وكذلك تقدم برامج تدريبية محددة في كل ما يحتاج إليه رواد الأعمال، فأساس عملنا سيكون open innovation
ما أسس اختيار رواد الأعمال للالتحاق بالحاضنة؟
قواعد الاختيار عندنا صارمة، وتهتم أولا بفريق العمل؛ فنحن نتأكد أنهم يستطيعون القيام بما يحلمون به، كما نحاول توفير ما قد ينقصهم، ونحن لا نقبل فرداً بذاته؛ فكما قلت إنشاء الشركات عمل مجهد، ولنا في قصة العربي وإخوته أفضل مثال. نريد فريقا متكاملاً لا يقل عن اثنين ويفضل ثلاثة أو أربعة من المؤسسين ونحن نختبر المؤسسين نفسياً للتأكد من ملاءمتهم للعمل الحر؛ فكما قلت هذا العمل ليس للجميع.
كما أننا نطلب من المؤسسين خلال البرنامج طلبات محددة ومعروفة سلفا من البرنامج كل ثلاثة شهور، ونقوم باستبعاد من لا يوجد لديه الجدية الكافية أو القدرة اللازمة، ولكن بعد أن نقدم له كل عون وتدريب خلال فترة البرنامج. “ابني” تقدم برنامجا متميزا كما أن لها متطلبات تتناسب مع ما تقدمه من خدمات لأعضاء البرنامج.
ما الصعوبات التي واجهتكم؟
من أكبر الصعوبات أن نجد رواد أعمال مناسبين للبرنامج، نحن لا نقبل سوى من نقتنع بقدرته على الوصول بشركته إلى ما يناسب طموحه، ونحاول دائما التركيز على التدريب ورفع مستويات المعرفة لدى رواد البرنامج والعمل مع المبتكرين مبكرا باعتبارهم رواد أعمال محتملين.
التمويل أحد المشكلات الكبيرة.. فكيف تسهمون في حل هذه المشكلة؟
أحد أهم أسباب اختيارنا لمجال الهاردوير هو أن معظم الشركات المصرية التي حصلت على تمويل خلال السنوات الخمس الأخيرة كانت شركات عاملة في هذا المجال، كما أن التمويل الجماعي من خلال مواقع مثل com .kickstarter,
com .indiegogo يقدم الآن بديلاً لتمويل الشركات الناشئة، فلأول مرة في تاريخ الصناعة نجد أن المستهلك يشتري المنتج قبل تصنيعه ويدفع ثمنه كاملاً؛ لأن هذا المنتج يلبي احتياجاته، حيث يطلقون على هذا العصر العصر الذهبي للهاردوير حيث أصبح التصنيع -من خلال تكنولوجيات متقدمة ومتوافرة ورخيصة نسبيا- سهلاً ومتاحا للعالم كله؛ فأنا في مصر أستطيع تصميم دائرة إلكترونية وتصنيعها في الصين، وتصنيع الهيكل الخارجي في إيطاليا، والمحرك في ألمانيا، ثم تجميع وبيع المنتج النهائي بتكلفة أقل نسبيا، وبجودة عالية، ودون أن أغادر مكاني، والمكاسب مجزية للغاية؛ بسبب القيمة المضافة العالية في التصميم والتنفيذ.
التسويق إحدى المشكلات الكبرى وراء فشل المشروعات، فكيف تساعدون الرواد في التغلب عليها؟
جمعية “اتصال” بها أهم العملاء في هذا المجال؛ لذلك فأعضاء الجمعية أنفسهم يشكلون قوة شرائية كبيرة تستطيع دعم المشروعات الحقيقية، كما أننا نستهدف العالم بأكمله كسوق لمنتجاتنا، خاصة من يطلق عليهم المستهلكون المبكرون أو early adaptors .
إن منصات التمويل الجماعي تلعب دورا مهما، ونحن من جانبنا سندعم كل المشروعات من خلال خبراء تسويق عالميين متخصصين في هذا المجال يستطيعون وضع استراتيجية ناجحة للحملات على تلك المواقع، كما نقوم بدعم مشاريعنا بصناعة كل مواد التسويق والدعاية من أفلام ومواقع إنترنت ورسومات توضيحية ومدونات، وكذلك حضور المعارض والمؤتمرات الدولية المناسبة لمجالهم.
بم تتميزون عن بقية الحاضنات؟
نحن أول حاضنة أعمال في الوطن العربي متخصصة في مجال الهاردوير، كما أننا مؤسسة غير هادفة للربح؛ ولذلك لدينا ميزة العمل المجتمعي الذي يحافظ على تعظيم القيمة المجتمعية وعلى استمرارية العمل في الوقت نفسه، وبرنامجنا يعتمد على الإبداع مفتوح المصدر، وبالتالي فنحن قوة جاذبة لعديد من الخبرات والشركات. ونستند على تاريخ “اتصال” المميز في خدمة مجتمع التكنولوجيا في مصر وأعضاء الجمعية كعصب للسوق في هذا المجال.
حاضنة أعمال “ابني” هي نموذج لريادة الأعمال الاجتماعية.. فما أهمية ريادة الأعمال الاجتماعية لمصر في الوقت الحالي؟
بالطبع فهي تتبع جمعية “اتصال”، وهي جمعية غير حكومية، وغير هادفة للربح، ونحن نهدف لتعظيم دور رواد الأعمال في الاقتصاد، خاصة شركات تكنولوجيا نظم المعلومات والاتصالات والإلكترونيات، إن ريادة الأعمال الاجتماعية تعني: أن المكاسب المادية يجب أن يعاد استثمارها في المزيد من التنمية المجتمعية، وفي حالتنا فإن هذا يعني المزيد من الشركات التي نحتضنها ونصل بها للعالمية.
نحن نريد التخصص والتركيز على صناعات يمكن تصدير منتجها النهائي وبقيمة مضافة عالية. ورغم أن السوق المصري يبدو سوقا كبيراً، ولكن الحقيقة أنه ضعيف نسبيا في مجال نظم المعلومات، وبالتالي لا بد لنا من التوسع في إنشاء شركات تركز على العالم كسوق من اليوم الأول لإنشائها.
ما هي نماذج الرواد والمشروعات التي أعجبتكم؟
هناك شركة “انتجرايت” الناشئة التي استطاعت الحصول على تمويل جماعي بلغ 85 ألف دولار من موقع Kickstarter.com، هذا مثال رائع لشباب واعد استطاعوا في فترة قصيرة تغيير منتجهم الأولي، والوصول إلى منتج عالمي كان معظم من اشتروه من خارج مصر، بل ومن خارج المنطقة العربية بأسرها. وهناك عديد من المشروعات المماثلة التي تعمل حاليا داخل حاضنة أعمال “ابني” على تنميتها.
معظم الشباب يشكون من قلة الفرص والدعم، فما رأيكم؟
أرى أن الفرص قليلة كيفاً وليس كماً؛ فلقد افتتحت في مصر الكثير من حاضنات ومسرّعات الأعمال، ولكن ينقصها أيضا الكثير من الخبرة المطلوبة لهذا النوع من الأعمال، خاصة أن حاضنات الأعمال في حد ذاتها هي نشاط جديد نسبيا على عالمنا، حيث لم تبدأ الفكرة في الولايات المتحدة إلا منذ عشر سنوات فقط، وهذا يجعل كم الخبرات المتوافرة لدينا في مصر قليلا نسبيا، ولكن ما أستطيع أن أوضحه أن هناك في هذا العالم دائما فرصاً كثيرة، لكنها تحتاج إلى مجهودات ضخمة، ويكفي أن تعرف أن نسبة نجاح الشركات الناشئة في العالم كله لا تتجاوز 10%، أي أن من بين كل عشر شركات هناك واحدة فقط ستحقق الهدف!.
إنها مشكلة محيرة؛ أليس كذلك؟!
بالطبع؛ لأن هذا يعني أنني كممول لحاضنة أعمال علي أن أضع كل أملي في أن من بين عشر شركات أقوم بتمويلها لا بد أن واحدة على الأقل تحقق نجاحاً رائعاً يعوض ما تم صرفه على الشركات التسع الأخرى، وهذا يعني أن تلك الشركة لا بد أن تحقق عائدا على رأس المال يتجاوز إجمالي ما تم صرفه على عشر شركات؛ كي نحقق ربحاً معقولاً يسمح لنا بالاستمرار في العمل.
ما خططكم المستقبلية للتوسع والتطوير في المشروع؟
نحن نود أن نصل إلى عديد من محافظات مصر، ويساعدنا في ذلك وجود “اتصال” في أربع محافظات هي القاهرة والإسكندرية والمنصورة وأسيوط. ولدينا طموحات بالوصول إلى المزيد، وكذلك إقامة مقر مستمر لحاضنة الأعمال في الصين؛ لتسهيل عملية التصنيع مع شركائنا هناك.
وكذلك نعمل حاليا على توحيد جهود حاضنات الأعمال المصرية والعربية بهدف تبادل الخبرات وتقوية النظام الداعم ككل.