يُشير مفهوم الميزة النسبية الكامنة إلى الوضع الاقتصادي الذي تتسم فيه تكاليف عوامل الإنتاج لقطاع صناعي معين، في دولة، ما بقدرة تنافسية عالية على الصعيد الدولي. ما يعني أن هذه الدولة تمتلك ميزة نسبية في هذا القطاع، تستند إلى بنية مؤهلات عوامل الإنتاج المتوفرة لديها.
علاوة على ذلك، فإن هذه الميزة لا تقتصر على قدرة إنتاج سلع أو خدمات بتكلفة أقل فحسب، بل تمتد لتشمل القدرة على تقديم منتجات ذات جودة عالية وتنافسية في الأسواق العالمية.
من ناحية أخرى، تبرز أهمية الميزة النسبية الكامنة في قدرتها على توجيه السياسات الاقتصادية للدول، حيث يمكن للدول من خلال التعرف على مواطن قوتها وميزاتها النسبية، أن تركز على تطوير القطاعات التي تتمتع فيها بقدرة تنافسية عالية. مما يؤدي إلى زيادة الصادرات، وتحقيق النمو الاقتصادي، في حين أن الدول التي تتجاهل هذه الميزة قد تجد نفسها في وضع تنافسي ضعيف بالأسواق العالمية، ما يؤثر سلبًا على اقتصادها.
الميزة النسبية الكامنة
كذلك، يمكن أن تكون الميزة النسبية الكامنة مصدرًا لخلق فرص عمل جديدة، حيث إن تطوير القطاعات التي تتمتع فيها الدولة بميزة نسبية. يؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة في هذه القطاعات. بينما يمكن أن يؤدي تجاهل هذه الميزة إلى فقدان فرص العمل؛ حيث إن القطاعات التي لا تتمتع فيها الدولة بميزة نسبية قد تواجه صعوبات في المنافسة. ما يؤدي إلى تقليص حجمها وتسريح العمالة.
كما أن الميزة النسبية الكامنة لا تقتصر على القطاعات الصناعية فحسب. بل يمكن أن تشمل أيضًا القطاعات الخدمية والزراعية. فعلى سبيل المثال، قد تتمتع دولة ما بميزة نسبية في قطاع السياحة، بسبب وجود مواقع سياحية فريدة. أو في قطاع الزراعة بسبب توفر أراض زراعية خصبة ومناخ مناسب.
تحديات وتطلعات في الأسواق العالمية
ونظرًا لارتفاع تكاليف المعاملات المتعلقة بالأنشطة اللوجستية، والنقل، وتدبير الطاقة، التي تعد من الركائز الأساسية للصناعة. بجانب التكاليف التي يفرضها الروتين الحكومي، فإن الصناعة تجد نفسها في وضع غير تنافسي بالأسواق المحلية والخارجية.
علاوة على ذلك، فإن هذه التكاليف المتزايدة تؤدي إلى تآكل الميزة التنافسية الظاهرة، وتحويلها إلى ميزة نسبية كامنة. حيث تصبح القدرة التنافسية الفعلية للقطاع أقل من إمكاناته الحقيقية.
من ناحية أخرى، فإن هذا الوضع يعيق قدرة الدول على الاستفادة الكاملة من مواردها وميزاتها النسبية. ما يؤثر سلبًا على نموها الاقتصادي.
تحديات التنافسية
وثمّة مثال صارخ على ما سبق، وهو ما يتمثل في الدول النامية، التي تمتلك في كثير من الأحيان ميزات نسبية ظاهرة في الصناعات كثيفة الاستخدام للأيدي العاملةـ مثل: صناعة الملابس. حيث يشكّل عنصر العمل أحد أهم مكونات التكلفة.
في حين أن هذه الدول تمتلك القدرة على إنتاج هذه السلع بتكلفة منخفضة. فإن عددًا كبيرًا منها لا يحقق التنافسية على أرض الواقع، نتيجة لارتفاع تكاليف المعاملات المذكورة سابقًا.
وبينما يمكن للدول التي تتمتع بميزة نسبية ظاهرة أن تحقق نموًا اقتصاديًا كبيرًا، من خلال التركيز على تطوير القطاعات التي تتمتع فيها بقدرة تنافسية عالية. فإن الدول التي تواجه تحديات في تحويل ميزتها الكامنة إلى ميزة ظاهرة، قد تجد نفسها في وضع تنافسي ضعيف في الأسواق العالمية.
كما أن تحول الميزة الظاهرة إلى كامنة يؤدي إلى فقدان فرص العمل؛ حيث إن القطاعات التي لا تتمتع فيها الدولة بميزة نسبية ظاهرة قد تواجه صعوبات في المنافسة. وهو ما يؤدي إلى تقليص حجمها وتسريح العمالة.
فرصة اقتصادية هائلة للدول
في نهاية المطاف يتضح أن الميزة النسبية الكامنة تمثل فرصة اقتصادية هائلة للدول. ولكن تحقيق الاستفادة القصوى منها يتطلب تذليل العديد من العقبات والتحديات. ومن بين هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى خفض تكاليف المعاملات، وتحسين البنية التحتية، ومكافحة الفساد. وتطوير السياسات الاقتصادية التي تشجع على الاستثمار في القطاعات ذات الميزة النسبية.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الدول أن تتبنى استراتيجيات تنموية شاملة تأخذ في الاعتبار أهمية تحويل الميزة النسبية الكامنة إلى ميزة ظاهرة. وذلك من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، وتطوير التكنولوجيا، وتعزيز الابتكار.
وتذكر أن تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة يتطلب من الدول أن تولي اهتمامًا خاصًا للميزة النسبية الكامنة. وأن تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لاستغلالها على النحو الأمثل. فالدول التي تنجح في تحويل ميزاتها الكامنة إلى ميزات ظاهرة، ستكون قادرة على تحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام. وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى معيشة مواطنيها.