على الرغم من أن المسؤولية الاجتماعية هي الجوهر الأساسي، أو قل هي الأساس الذي تقوم عليه المنظمات غير الربحية، فإن كثيرًا من هذه المنظمات تميل إلى تجنب عبارة “المسؤولية الاجتماعية للشركات”؛ لأنها تعتقد أنها مرتبطة بمصطلحات تجارية بحتة، أو ربما تعتبرها وصمة عار مرتبطة بإدارة أشياء مثل الأعمال التجارية.
في حين أن هذا محض خطأ، والواقع ليس كذلك، فالمسؤولية الاجتماعية لا تقتصر على الشركات والمنظمات الهادفة للربح، ولا هي واجهة يتم التدرع بها من أجل إخفاء بعض الممارسات الخاطئة، وإنما الأمر مختلف تمامًا؛ إذ أن هذه الأنشطة الاجتماعية المسؤولة نابعة من شعور المنظمة _سواءً كانت هادفة للربح أم لا_ بواجبها تجاه المجتمع، وحتمية قيامها بدور إيجابي فيه.
ولا يعني حديثنا عن المسؤولية الاجتماعية للمنظمات غير الهادفة للربح أننا نعمد إلى التفرقة بين نوعي المنظمات _الهادفة للربح وغير الهادفة له_ فيما يتعلق بالواجب الاجتماعي الذي على كل واحدة منهما النهوض به، وإنما نحاول أن نجلّي الأهمية الكامنة لهذه الأنشطة الاجتماعية حتى بالنسبة للمنظمات غير الهادفة للربح، وأن نزيل بعض اللبس والخطأ المرتبط بهذه المسألة.
اقرأ أيضًا: مميزات المشاريع البيئية.. إيجابيات تتعدى الربح
أهمية المسؤولية الاجتماعية
ويرصد «رواد الأعمال» بعض جوانب أهمية المسؤولية الاجتماعية بالنسبة للمنظمات غير الهادفة للربح، وذلك على النحو التالي..
-
تحديد الهوية
أولى الفوائد التي يمكن ذكرها في هذا الصدد هي كون المنظمة غير الهادفة للربح ستتمكن؛ عبر ممارسة دور اجتماعي مسؤول، من تحديد هويتها على نحو أكثر دقة وتحديدًا.
ليس هذا لنفسها فحسب؛ أي أن هوية المنظمة غير الربحية لن تكون واضحة لها وحدهما، وإنما سيتضح الأمر للجمهور وأعضاء المجتمع كذلك.
وهو مكسب تسويقي وأبعد من ذلك أيضًا؛ فمن خلال هذه الأنشطة الاجتماعية المسؤولة سوف تنتشر رسالة المؤسسة وتفيض بين الناس، فضلًا عن جذب العملاء المستهدفين إليها، وتعزيز إيمان العملاء الحاليين بها.
اقرأ أيضًا: برنامج “ديوان الابتكار” وتأمين الحلول للتحديات الاجتماعية
-
زيادة نسب التطوع
وإن آمن الجمهور بما تفعله المؤسسة، بل إن تأكدوا من صدقها فيما تدعيه، فسيكونون أكثر حرصًا على التعاون والتعاطف معها، بل سيعمدون إلى التسويق لها ومحاولة نشر رسالتها.
وهو الأمر الذي يعني، بالتبعية، زيادة نسبة التطوع في المؤسسة، وبهذا لن تنتشر رسالة المؤسسة فحسب، وإنما ستكسب كل يوم أرضًا جديدة، وأنعم بهذا من مكسب وأكرم.
-
تعزيز التأثير
وتخيل مدى التأثير الذي تتركه مؤسسة كهذه في المجتمع المحلي الذي تعمل فيه، وهو بلا شك تأثير كبير وعميق، وهو الأمر الذي يقودها إلى التأثير حتى على الصعيد السياسي؛ إذ ستكون كلمتها قوية وقرارها منفذًا.
ومن شأن المنظمات غير الهادفة للربح، والتي تطبق المسؤولية الاجتماعية بشكل صحيح ودقيق، أن تستخدم هذا التأثير الذي تحطى به في التوجه إلى مناطق جديدة، والعمل على تقديم خدمات أكثر للمجتمع الذي تعمل فيه.
اقرأ أيضًا: المبادرات البيئية في السعودية 2021.. نموذج مختلف
-
تقارير التأثير الاجتماعي والشفافية
المفترض أن المنظمات غير الهادفة للربح، والتي تعمل وفق أسس ومبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات، تقدم، بشكل دوري ومنتظم، تقاريرها الخاصة بالتأثير الاجتماعي، وهي بمثابة جرد لما قدمته المؤسسة خلال فترة معينة.
من شأن هذه التقارير أن تعمل على تعزيز الشفافية، والحوكمة والأخلاقيات والتواصل، وكلها بمثابة مفاتيح لإنجاح المنظمات غير الربحية.
-
جذب واستقطاب المواهب
يمكن للمنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية جذب المزيد من المواهب والجهات المانحة المرموقة، والسماح للمستثمرين برؤيتهم على أنهم يتمتعون بسمعة طيبة وذات مصداقية.
وكل ذلك نتيجة لأدوارها الاجتماعية المسؤولة، وأنشطها وأعمالها الخيرية التي تقوم بها لصالح المجتمع الذي تعمل فيه.
اقرأ أيضًا: جهود المملكة في المسؤولية الاجتماعية 2021
-
تقييم النتائج
مع زيادة مشاركة المنظمات غير الربحية في تقارير التأثير الاجتماعي ستكون لديها عملية منظمة سنوية للتراجع وتقييم النوايا والنتائج والرؤية والنتائج العملية للبرامج الاجتماعية.
بمعنى أنه سيكون لديها فرصة مزدوجة؛ مرة لكي تبرز نتائجها الإيجابية ونجاحها وقدرتها على التأثير وما إلى ذلك، ومرة أخرى لكي تتراجع أو تعيد ترتيب أوراقها إن هي اكتشفت خطأً من الأخطاء في ممارساتها المختلفة.
ويساعد تطبيق المسؤولية الاجتماعية في المنظمات غير الربحية في الحصول على ميزة تنافسية على المنظمات غير الربحية الأخرى في السوق التي لا تفعل ذلك؛ لذلك يتعين على جميع المنظمات غير الربحية الانتباه إلى هذا الأثر الإيجابي للأنشطة الاجتماعية المسؤولة.
اقرأ أيضًا:
المشاريع غير الربحية.. الواقع والأهمية
تحديات المسؤولية البيئية للشركات
أمور يغفل عنها رائد الأعمال بشأن المسؤولية الاجتماعية
لماذا يجب على رواد الأعمال تبني “الرأسمالية الواعية”؟
الجوهرة العطيشان: العمل الاجتماعي يعدّ رافدًا أساسيًا من روافد التنمية الوطنية