تنطوي المسؤولية الاجتماعية للشركات على حمولة دلالية واسعة وفضفاضة؛ وذلك من جهتين، الأولى أن الجانب الاجتماعي فيها يحوي تحته العديد من الجوانب الأخرى سواءً كانت صحية أو بيئية أو اقتصادية.
والثانية أن أي مسؤولية يجب أن تكون عامة، لا سيما إذا كنا نعمل على الصعيد الاجتماعي. وعلاوة على ذلك فإنه على الشركات الآن أن ترتاد مناطق جديدة، وتجرب خوض غمار أنشطة اجتماعية جديدة لم تجربها من قبل.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية للشركات.. تطوع أم إلزام؟
المسؤولية الاجتماعية للشركات والقضاء على التدخين
قد يُرى أنه ما ثمة رابط قوي بين المسؤولية الاجتماعية للشركات والقضاء على التدخين؛ إذ إن هذه المسألة (القضاء على التدخين) خارج نطاق اهتمام الشركات، كما أن الاهتمام بمثل هذه القضايا لن يدر عليها نفعًا من أي جهة.
لكن المؤكد أن تصورًا كهذا محض خطأ؛ فمن ناحية عملية بحتة: من مصلحة الشركات المساعدة في القضاء على التدخين؛ حيث إن المدخنين أكثر الناس عرضة للإصابة بالأمراض الخطيرة، والسرطان على رأسها بطبيعة الحال، كما أنهم أقصر الناس عمرًا. وذلك وفقًا لأكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران.
ناهيك عن تردي كفاءتهم الصحية، وهو الأمر الذي يؤثر جزمًا في أدائهم بالعمل وجودة ما يقدمون، ومن ثم لو ساعدت الشركة في القضاء على التدخين فإنها بهذا تحقق مكاسب من جهات عدة: أولًا: تحافظ على كفاءة قوتها العاملة، طالما أن الموظفين لديها جزء من المجتمع العام الذي تعمل على محاربة التدخين فيه، وثانيًا: تحافظ على الأجيال الناشئة وغير المدخنين من أضرار ومخاطر التدخين السلبي، وثالثًا: تعزز مكانتها وسمعتها الاجتماعية في المجتمع الذي تعمل فيه؛ إذ ليس شيء أهم عند الناس من الاهتمام بصحتهم، فكيف بشركة توعيهم بأهمية ذلك؟!
اقرأ أيضًا: كيف يستفيد الموظفون من المسؤولية الاجتماعية للشركات؟
أبعاد وآثار اقتصادية
ولكنك ستكون مخطئًا إن تصورت أن المسؤولية الاجتماعية للشركات فيما يخص محاربة التدخين ذات بُعد صحي أو اجتماعي فحسب، ولكن هناك بعدًا آخر هو البعد الاقتصادي.
فمن المعروف أن المدخنين هم أكثر الناس إصابة بأمراض السرطان، كما أسلفنا القول في ذلك أعلاه، وبالتالي فإنهم يكبدون الدولة مبالغ طائلة في علاجهم وإجراء العمليات لهم، وبالتالي فإن محاربة التدخين _كجزء من المسؤولية الاجتماعية للشركات_ سوف يوفر على الدولة هذه المبالغ الطائلة التي يمكن الحفاظ عليها من خلال القضاء على التدخين.
والمؤسف في الأمر، كما تشير أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران، أن أغلب العلاجات للأمراض التي يسببها التدخين _والسرطان على وجه الخصوص_ لا يجدي نفعًا، وبالتالي فإن هذه الأموال المنفقة على معالجة المدخنين تُلقى في فوهة العدم، ومع ذلك ما من بد من بذل الوسع معهم من أجل نجاتهم.
أضف إلى ذلك أن الأمراض التي تصيب المدخنين، بما هي أمراض مستعصية، تؤثر في كفاءتهم العملية، وبالتالي فإنهم يؤثرون في العمل سلبًا، ويكبدون الشركات والمؤسسات التي يعملون لصالحها خسائر جمة.
اقرأ أيضًا:
4 أخطاء شائعة في المسؤولية الاجتماعية للشركات
نماذج من واقع المسؤولية الاجتماعية للشركات
مفاتيح النجاح في المسؤولية الاجتماعية للشركات