حوّلت “تامول بليتس”، وهي واحدة من المؤسسات الاجتماعية في شمال الهند، أوراق النخيل المتساقطة إلى أطباق ورقية صديقة للبيئة يمكن الاستفادة منها.
أثناء عملية تحويل النفايات إلى منتجات ملهمة نجحت “تامول بليتس” في أمر أكثر جمالًا وهو إتاحة فرص عمل للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.
وكانت الشركة قد تمكنت على مدار السنوات الثماني الماضية من توفير نحو 2850 فرصة عمل، لأولئك الذين يعيشون في فقر مدقع؛ ما أدى إلى تسارع نموها من خلال استثمار شركة Upaya Social Ventures فيها.
وركز ذلك النمو خاصة، على تمكين رواد الأعمال الذين ينشئون أعمالًا توظف الفقراء.
وعلى الرغم من أن الشركة المُستثمرة واصلت جني أرباح استثمارها الذي مكنها لاحقًا من الاستثمار في المزيد من رواد الأعمال، مثل الرئيس التنفيذي لشركة Tamul Plates؛ Arindam Dasgupta؛ فإنها كانت تعلم علم اليقين بأن دعمها يجب أن يتجاوز المال؛ لذا شرعت شركة Upaya في بناء برامج المواهب والمهارات لجميع المستثمرين فيها.
وفي مؤتمر أسواق رأس المال الاجتماعي لعام 2018، تحدثت الرئيس التنفيذي لشركة Upaya؛ كيت كوكران، في حلقة نقاش عن هذا الموضوع تحديدًا، وقالت: “رأس المال ليس سوى جزء من أحجية التسارع”.
واستكملت “كوكران” حديثها: “بينما نواصل دعم المزيد من رواد الأعمال الذين ينشئون أعمالاً مسؤولة اجتماعيًا نخلق فرص عمل لأشخاص يعانون من الفقر، كما تعلمنا أن هناك حاجة أيضًا إلى دعم آخر وهو دعم الإدارة بالمهارات الإستراتيجية لتمكين التوسع”.
لا شك أن النهج الذي انتهجته شركة Upaya يعتبر سابق لعصرنا، وهو ما أظهرته نتائج الأبحاث الحديثة بأن مثل هذه الاستثمارات في الأشخاص الذين يقفون وراء الشركات قد تكون في الواقع الطريقة الأكثر فاعلية لدعم الشركات الناشئة في مرحلة النمو.
بيانات مقنعة
في تقرير هو الأول من نوعه صدر أواخر العام الماضي، جمعت شبكة “آسبن لرواد الأعمال التنمويين” (ANDE)، بالشراكة مع “أرجيديوس” و “مركز النمو الدولي” (IGC)، بيانات حول قيمة هذا النهج عندما تم طرحه للإجابة على سؤالين أساسيين:
• ما مدى فاعلية التدخلات التي تدعم الشركات الصغيرة والمتنامية؟
• عندما تنمو الشركات الصغيرة، هل تخلق فرص عمل تقلل من الفقر؟
وقدم التقرير بعض البيانات المقنعة، وإن كانت مبكرة، مما يشير إلى أن الاستثمار في البشر قد يكون أفضل الاستثمارات عندما يتعلق الأمر بخلق فرص العمل.
ووفقًا لما أشار إليه التقرير: “لقد كان التدريب محوريًا في مناهج الممارسين لتسريع نمو الشركات وبناء مهارات تنظيم المشاريع”، ومع ذلك، ليست كل مبادرات بناء المهارات متساوية.
وتوسع التقرير في هذا الأمر بالقول: “تشير الأبحاث الحالية إلى أن التدريب في الفصول الدراسية ومشاركة المعلومات وحدهما لا يؤديان إلى تحسين الأداء، ولكن التفاعل الشخصي (من خلال الاستشارات والإرشاد) يمكن أن يسرع نمو عمل الهيئات الإدارية المدرسية”.
وفي عام 2012، أظهرت تجربة مراقبة عشوائية للشركات الصغيرة والمتوسطة أجرتها جامعة “ييل”، ومعهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا، و “البنك الدولي” أن الخدمات الاستشارية المدعومة (المعروفة أيضًا باسم المتطوعين القائمين على المهارات المجانية) كان لها تأثير مادي في دعم نمو المؤسسات الصغيرة: “باستخدام تقييم عشوائي مع 432 مكسيكيًا”.
وأوضحت هذه التجربة أن الوصول إلى الاستشارات الإدارية أدى إلى أداء أفضل للشركات؛ حيث أظهرت نتائج العام الواحد آثارًا إيجابية على العائد على الأصول وإنتاجية العامل الإجمالي.
كما حقق الملاك زيادات كبيرة في “روح المبادرة” (مؤشر الثقة الإدارية لرواد الأعمال).
وباستخدام بيانات الضمان الاجتماعي المكسيكي وجد التحليل زيادة كبيرة في عدد الموظفين وإجمالي فاتورة الأجور بعد عدة سنوات من البرنامج.
ما نوع جهود بناء المهارات الأفضل؟
أظهرت إحدى الدراسات المشار إليها في تقرير ANDE أنه مقابل كل 2000 دولار مستثمرة في الخدمات الاستشارية، تُنشأ وظيفة جديدة (مقارنة بما يتراوح بين 17 ألفًا إلى 60 ألف دولار للتدريب المهني لخلق وظيفة جديدة).
ويدعم هذا التقرير النتائج التي توصلنا إليها في MovingWorlds؛ حيث نقوم بتمكين المؤسسات الاجتماعية في مراحلها المبكرة من خلال مساعدتها في الوصول إلى شبكة عالمية من المستشارين والمدربين المحترفين والمجانيين في “بيانات الاستبيانات الخاصة بنا”.
وكذلك من خلال أداة تحليل فجوة المهارات لدينا، والتي نستخدمها لتثقيف المؤسسات حول كيفية دعم المستشارين المجانيين عملهم على أفضل وجه، لنجد أن المؤسسات وقادتها يستفيدون من مشاريع الاستشارة والتدريب، خصوصًا عندما ترتبط بمساعدة المنظمة على الاستعداد لجهود التوسع وتحسينها.
وعلى نحو أكثر تحديدًا، تحتاج المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر التي تنتج إيرادات إلى المساعدة بواسطة عاملين من أساسيات العمل البسيطة من أجل زيادة استدامة أعمالها وتأثيرها الاجتماعي وهما:
- الحصول على المنتجات/ الخدمات للعملاء بصورة أكثر ربحية.
- توظيف القادة وتطوير مهاراتهم الإدارية، حتى يتمكنوا من الارتقاء بالمؤسسة إلى المستوى التالي.
من المؤكد أن الاستشارة أمرًا رائعًا لكلٍ من العاملين سالفي الذكر؛ لأنها ستمكن من تحسين عملية صنع القرار الاستراتيجي، وتنفيذ العمليات والفاعلية التشغيلية، ومساعدة القادة على استخدام أطر عمل منظمة لتحديد أولويات العمل على طول هذه المبادرات، ومراقبة نجاح هذا العمل.
كما سلط تقرير ANDE الضوء على نوع الدعم المهني الذي قد يكون أكثر فائدة وهو “التعلم من الأقران الذي يعمل على تحسين أداء الشركة، والشركات تتعلم أفضل من أولئك الذين يشبهونها، ولكنهم أكثر تقدمًا قليلاً”.
وهذا سبب آخر يجعل المهنيين المهرة الذين “كانوا هناك وفعلوا ذلك” في غاية الأهمية لدعم نمو المؤسسات الاجتماعية.
ببساطة، يمكن للمستشارين الذين يركزون على أفضل الممارسات عبر وظائف الأعمال الحيوية، ثم يدربون أعضاء الفريق على تجسيدها، أن يكون لهم تأثير دائم عبر مجالات المهارات الأساسية اللازمة لنمو المؤسسات، بدءًا من استراتيجية الأعمال والمبيعات، ومرورًا باستراتيجية التسويق، ووصولاً إلى مرحلة التوريد والتوزيع.
وبنفس الطريقة التي قد توظف بها شركة ناشئة قابلة للتوسع في “وادي السيليكون”، استشاريين للمساعدة في أبحاث المستخدمين، وتوسيع نطاق التكنولوجيا والموارد البشرية.
على سبيل المثال، يجب على المؤسسات الاجتماعية المتوسعة أن تبحث عن نفس دعم الخبراء في الحالة المحتملة التي لا يمكن فيها الوصول إلى هذه الموهبة أو بأسعار معقولة، فإن العثور على مستشارين ومدربين مجانيين على استعداد للسفر و/أو تقديم الدعم الافتراضي يمكن أن يوفر الدعم المطلوب.
لذا، يمكن للاستشاريين في كثير من الأحيان تقديم قيمة في غضون يومين من خلال مشاركة أفضل الممارسات والأطر الفعالة، مثل التدريب المنظم.
كما أن العديد من المشاريع أيضًا لا تتطلب سوى فترة قصيرة، ويمكن للاستشاريين المتطوعين فيها التركيز على مبادرة محددة للغاية لإجراء تحليل، وتقديم توصيات استراتيجية، ومن ثم، نقل المعرفة لتنفيذ و/أو تحسين العمليات والأدوات.
ورغم أن هذا النوع الأخير من المشاريع قد لا يكون مثيرًا للاهتمام مثل المساعدة في إطلاق موقع “ويب” جديد أو بناء منتج، إلا أن مثل هذه الاستراتيجية و/أو التحسينات التشغيلية توفر فوائد طويلة المدى نظرًا لمدتها قصيرة الأجل؛ حيث توفر هذه المشاريع الوقت مع تأهيل أعضاء الفريق الجدد وثقافتهم.
ما الذي يمكننا القيام به لبناء المواهب في هذا القطاع؟
إن البحث عن دعم خارجي لرأس المال البشري، يمكن أن يوفر فوائد طويلة الأمد، ويقلل من حجم رأس المال المالي المطلوب، ويضمن استخدامًا أكثر كفاءة لرأس المال هذا عند شرائه.
ولكن رغم أن جهود بناء المهارات هي محركات مؤكدة للتسريع، فإن هذه النقطة هي التي يواجه فيها قطاع المؤسسات الاجتماعية تحديًا؛ لأن مبادرات بناء القدرات والتدريب والاستشارات تعاني من نقص التمويل إلى حدٍ كبير.
ووفقًا لتقرير ANDE أظهرت بيانات المراقبة أنه “رغم هذه التأثيرات الإيجابية، فإن الشركات تبدو غير راغبة في دفع تكاليف الاستشارات الفردية على الرغم من الفوائد المثبتة”، إننا نراقب هذا القطاع عن كثب، وعلى علم بمبادرة تمويل واحدة واسعة النطاق لمواجهة “تحدي المواهب”، الذي مضى عليه ما يقرب من ثلاث سنوات ولم يتكرر.
ونحن نرى في MovingWorlds ثلاثة مسارات متوازية للأمام لدعم الشركات الملهمة:
١ – تمكين المؤسسات الاجتماعية من فهم أكبر فجواتها:
فقد تنطبق مقولة “أنت لا تعرف ما لا تعرفه” على رواد الأعمال في المراحل المبكرة أكثر من أي مجموعة أخرى، نظرًا لأن العديد من رواد الأعمال يواجهون تحديات لم يواجهوها من قبل.
وفي ظل وجود الكثير من الأمور المجهولة، يجب تقديم الدعم لمساعدتهم على تحديد أكبر الفجوات التي يعانون منها.
على سبيل المثال، توفير الأدوات مثل: تشخيص المواهب من خلال شركة Open Capital Advisors، وشركة Village Capital Talent Playbook للمديرين التنفيذيين للشركات الناشئة، وتمكين الأشخاص من شركة Siemens Stiftung.
كما يعد التقييم الذاتي لـ Network (epN)، وتقييم فجوة المهارات في MovingWorlds خطوات في الاتجاه الصحيح.
ولكن لابد من بذل المزيد من الجهود لمساعدة المؤسسات الاجتماعية على اتباع نهج استراتيجي في حل التحديات التي تواجهها في مجال رأس المال البشري.
٢ – يجب على المنظمات التنموية وضع ميزانية لبناء القدرات:
تكون الاستثمارات في رأس المال البشري في بعض الأحيان أكثر فاعلية في خلق فرص العمل من العديد من التدخلات الأخرى. لذا، يجب على المنظمات التنموية أن تتطلع إلى دمج جهود بناء المهارات إلى جانب مبادراتها الحالية.
على سبيل المثال، ترعى شبكة epN برنامج سفر المستشارين المجانيين للمستثمرين في الشبكة من خلال شراكتها مع شركة MovingWorlds، لتمكين الأشخاص، وخدمة الخبراء.
ووفقًا للمشرف على البرنامج؛ “ديفيد هوفمان”، توفر الشبكة أيضًا أكثر من 20 ألف دولار أمريكي لكل مستشار في دعم بناء القدرات، في حين تعمل أيضًا على إيجاد الخبرة لرواد الأعمال الاجتماعيين التي لا يمكن الوصول إليها بأي طريقة أخرى.
على سبيل المثال، تمكنت BEMPU، وهي مؤسسة اجتماعية في الهند تبيع جهازًا منقذًا للحياة لمنع وفيات الرضع الناجمة عن انخفاض حرارة الجسم، من الوصول إلى خبرات عالمية في التصميم الجرافيكي من محترف ذي مهارات عالية سافر إلى الهند لتقديم خبرته مجانًا.
٣ – الاستفادة من الشراكات في مجال المواهب:
لا شك أن الأمر يقتضي إنشاء المزيد من الشراكات لإطلاق العنان للخبرات، مع الأخذ في الاعتبار أن معظم المهنيين الذين لديهم المهارات المطلوبة من المرجح أن يوظفوا ويعملوا في أدوار بدوام كامل.
ولنأخذ على سبيل المثال برنامج Microsoft MySkills4Afrika، الذي يساعد الشركات الناشئة، والجامعات، والشركات الصغيرة والمتنامية، وحتى الهيئات الحكومية على الوصول إلى موظفي شركة “مايكروسوفت” العالمية للحصول على التدريب والدعم القائم على المهارات.
ويوفر هذا البرنامج الحائز على جوائز، والذي شاركت في تصميمه وإدارته شركة MovingWorlds، تجربة تطوير القيادة للموظفين، وفرص تطوير السوق لشركة “مايكروسوفت”، ونقل المهارات الأساسية إلى المؤسسات عبر أكثر من 20 دولة.
خلاصة القول
تستدعي الحاجة إلى ثلاثة مكونات لمساعدة المؤسسات الاجتماعية على التوسع وهي:
• منتج/خدمة يمكن بيعها.
• فريق عمل يمكنه العمل بفاعلية لإيصال المنتج/الخدمة إلى العملاء، والحصول على أرباح.
• رأس المال المالي لتمويل النمو.
كما يشكل رأس المال البشري، عنصرًا أساسيًا يجب إدراجه ضمن كل هذه المكونات السابقة.
تناولت السطور السابقة تفصيلاً الرؤى اللازمة حول كيفية عمل مختلف أصحاب المصلحة بالشراكة بفاعلية، لصنع القادة والمديرين اللازمين لإطلاق المشاريع الاجتماعية الجديدة وتوسيع نطاقها.
وإذا تصرف أصحاب المصلحة هؤلاء بناء على النتائج المشار إليها، فسوف يكون بوسعهم أن يجعلوا العالم مكانًا أفضل، ويستحدثوا فرص عمل نتاج هذه العملية.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال: