أصبحت الثقافة ملمحاً مهماً من ملامح مدينة الرياض، إذ تشهد على مدار العام نشاطاً ثقافياً محموماً، وإذا نظرنا إلى الأحداث الثقافية التي شهدتها في الفترة الأخيرة، نجد أنها تؤكد أن الرياض غدت مصدر إشعاع ثقافي لا على مستوى الوطن، ولا على المستوى العربي، وإنما على مستوى العالم.
وسأقف عند ثلاث مناسبات ثقافية تحمل صفة العالمية، فجائزة الملك فيصل العالمية أصبحت حدثاً ينتظره المفكرون والعلماء في كل بقاع الأرض، ويحدو المبدعون منهم الأمل في نيلها، بعد أن اكتسبت سمعة عالمية لصرامة معاييرها، وجدية القائمين عليها، وحرصهم على أن تكون مكافأة حقيقية للإبداع الفكري والعلمي أياً ما كان منبعه، ومما يؤكد موضوعية المعايير أن كثيرين من الذين نالوها حصلوا على جائزة نوبل في مجالي الطب والعلوم، التي هي أرفع الجوائز العالمية.
ويأتي مهرجان الجنادرية ليؤكد الصبغة الثقافية العالمية للرياض، فهو لم يعد احتفاءً بالتراث الحضاري للمملكة فحسب، وإنما صار محفلاً عالمياً لتداول القضايا المعاصرة في هذا الكون على امتداده، ووضعها على طاولة النقاش، من خلال أكبر المختصين والخبراء.
وعلى مدار 29 عاماً ناقش المفكرون والعلماء في الجنادرية أدق المشكلات التي تواجه الإنسانية، وبحثوا عن حلول لها، فكان اجتماعهم في حد ذاته حواراً بين الحضارات قارب المسافات وأزال كثيراً من سوء الفهم، ولا يزال المهرجان يمضي في كل عام من نجاح إلى نجاح أكبر محتفظاً بعنفوانه وحيويته.
وفي معرض الرياض الدولي يحتفي أهل الثقافة والفكر بالجديد من الإصدارات التي أسهمت فيها كبريات دور النشر، ويطرحون الموضوعات الفكرية الساخنة، ويتناقشون بصوت مسموع حول آخر المستجدات على الساحة الثقافية والفكرية في العالم، بل إن المعرض لم يعد يقتصر على الإصدرات المطبوعة، وإنما يعنى –كذلك- بعرض أحدث التطبيقات الإلكترونية التي تسهم في الارتقاء بالوعي، وتشبع رغبات الأجيال الصاعدة التي لها لغتها الخاصة، واهتماماتها التي تختلف عن ذلك الشغف المقيم بالكتاب لدى جيل الآباء والأجداد.
إن الرياض التي كان احتفالها بحمل صفة عاصمة الثقافة العربية في عام 2000 أصبحت اليوم مدينة تتنفس فكراً وثقافة في كل آن، وغدت مدينة للثقافة يتطلع العالم في كل يوم إلى الجديد الذي ستبدعه.
صيته بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود