شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا لافتًا في التعاملات الآسيوية المبكرة، اليوم الأربعاء، ليلامس أقوى مستوى له منذ أكثر من شهرين. ويأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بتصاعد مخاطر الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة؛ ما أثار مخاوف جديدة لدى المستثمرين وعزز الطلب على العملة الأمريكية كملاذ آمن.
وفي مؤشر على قوة العملة، ذكرت “رويترز” أن مؤشر الدولار -الذي يقيس أداء العملة أمام سلة من ست عملات رئيسية- ارتفع بنسبة 0.3% ليصل إلى 98.91. وهو أعلى مستوى له منذ 5 أغسطس. علاوة على ذلك، جاء هذا الصعود بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإجراء عمليات فصل جماعي للموظفين الفيدراليين وسط حالة الجمود السياسي الراهنة.
تدهور المعنويات واحتمالات إنهاء الإغلاق
في هذا السياق، كتب محللون من بنك ويستباك (Westpac) في تقرير بحثي أن “مع عدم وجود أي حلّ في الأفق لإنهاء الإغلاق الحكومي. تدهورت معنويات الأسواق المالية”. ويؤكد هذا على تأثير الأزمة السياسية على الاستقرار الاقتصادي.
كذلك، ومع دخول الإغلاق الحكومي أسبوعه الثاني، بلغت احتمالات انتهائه خلال الأسبوع المقبل نحو 26% فقط، وفقًا لبيانات موقع المراهنات Polymarket. وهذا يشير إلى توقعات باستمرار الجمود على المدى القريب.
مفاجأة المركزي النيوزيلندي
من ناحية أخرى، هبط الدولار النيوزيلندي “الكيوي” بنسبة وصلت إلى 1% ليسجل 0.5739 دولار أمريكي. وجاء هذا التراجع الحاد بعد أن فاجأ بنك الاحتياطي النيوزيلندي (RBNZ) الأسواق بقرار خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس دفعة واحدة. وهو أكبر من التوقعات السائدة.
وفي هذا الإطار، قال جوزيف كابورسو؛ رئيس قسم أبحاث العملات والاقتصاد الدولي في بنك الكومنولث الأسترالي، الذي كان قد توقع هذا الخفض بدقة: “كانت السوق تمنح فقط احتمال 30% لخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس اليوم. لذا كان من الحتمي أن يتراجع الدولار النيوزيلندي”.
توقعات بتراجع الدولار النيوزيلندي
وأضاف كابورسو أن العملة النيوزيلندية قد تواصل الهبوط عند افتتاح السوق اللندني بعد ساعات قليلة. مشيرًا إلى أن هناك “فرصة قوية لأن تنخفض إلى ما دون 57 سنتًا”. وهذا يؤكد الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها العملة النيوزيلندية.
كما تراجع الدولار الأسترالي بدوره، متأثرًا بالبيانات الاقتصادية الضعيفة في المنطقة. مسجلًا انخفاضًا بنسبة 0.4% ليصل إلى 0.65595 دولار أمربكي.
الدولار مقابل الين والسياسات اليابانية الجديدة
وفي مقابل الين الياباني، تم تداول الدولار الأمريكي عند 152.535 ين، مرتفعًا 0.4% عن مستويات الإغلاق الأمريكية السابقة. ويظل الدولار حول أقوى مستوى له منذ فبراير. بينما يقيّم المستثمرون توجهات السياسة الاقتصادية لرئيسة الوزراء الجديدة ساناي تاكايتشي.
كذلك، فاجأت تاكايتشي الأسواق بفوزها في انتخابات قيادة الحزب الحاكم نهاية الأسبوع. لتصبح رئيسة وزراء اليابان المقبلة. وقد أثار هذا تساؤلات حول ما إذا كانت ستتبنى سياسات تحفيزية مماثلة لسلفها شينزو آبي، قد تدعم الأسهم ولكن تضعف الين الياباني.
ارتفاع المعادن الثمينة
وفي أسواق المعادن الثمينة، سجلت ارتفاعات جديدة مع لجوء المستثمرين إلى الملاذات الآمنة. وشهد الذهب ارتفاعًا قياسيًا؛ حيث تجاوز سعر الذهب الفوري حاجز 4,000 دولار للأونصة للمرة الأولى.
وكتب محللون من ING في مذكرة بحثية: “الضبابية المحيطة بالاقتصاد العالمي تمثل أحد المحركات الرئيسية. كما أن الإغلاق الحكومي الأمريكي لا يساعد في تعزيز الثقة أيضًا”؛ ما يفسر الاتجاه نحو الذهب.
عائدات الخزانة وتوقعات الفيدرالي
كما ارتفع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.1307% مقارنةً بإغلاق يوم الثلاثاء عند 4.127%. ويأتي هذا الارتفاع الطفيف في ظل توقعات خفض الفائدة.
وفي النهاية، لا يزال من المتوقع على نطاق واسع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر؛ حيث تشير بيانات CME FedWatch إلى احتمال 94.6% لخفض بمقدار 25 نقطة أساس. وتراجع اليورو بنسبة 0.3% والجنيه الإسترليني بنسبة 0.2%. في حين انخفض اليوان الصيني الخارجي بنسبة 0.1% مقابل الدولار.