شهدت ثورة مشاركة العملاء تحولًا جذريًا في عصر الإشباع الفوري لرغباتهم؛ حيث الوقت الثمين والمعلومات، وتصدر الحديث عن الدليل الشامل للتسويق التحادثي المشهد بقيادة جيل من روبوتات الدردشة المتطورة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ومنصات خدمة العملاء الذكية التي هي في طليعة هذه الثورة.
وبينما تسعى الشركات إلى تبسيط قنوات الاتصال وتعزيز التفاعل مع المستهلكين أثبتت تقنيات التسويق التحادثي أنها استطاعت تغيير قواعد اللعبة، فهي لا تساعد العلامات التجارية في تلبية التوقعات دائمة التطور للمستهلكين اليوم فحسب، بل تعيد أيضًا رسم الخريطة التي تتواصل بها مع جماهيرها.
الدليل الشامل للتسويق التحادثي
وكُنت كرست وقتي خلال الفترة الماضية لتجميع بعض رؤى قادة التسويق الرقمي لاستكشاف استراتيجيات فعالة لتسخير قوة تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومحاولة رسم الدليل الشامل للتسويق التحادثي.
وتمكنت من استخلاص أهم بعض النصائح التي قدموها حول كيفية تقديم قادة الأعمال تجارب مخصصة للعملاء في الوقت الفعلي التي أدت إلى المشاركة والنمو، وذلك على النحو التالي:
1- الدقة في تكامل الذكاء الاصطناعي
“تريسي ديفلين” مؤسسة حلول الويب Brandesigns
حددت “تريسي ديفلين”؛ مؤسسة شركة “براند ديزاينز ويب سولوشن”، ومستشارة تصميم وتطوير مواقع الويب والتجارة الإلكترونية، التحديات الحاسمة التي تواجهها الشركات عند دمج التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل روبوتات الدردشة، في أطر التسويق الرقمي الخاصة بها.
وتتمثل إحدى أهم القضايا التي سلطت عليها “تريسي” الضوء هي احتمالية إساءة تفسير البيانات، الأمر الذي يمكن أن يعرقل جهود التخصيص التي من المفترض أن تعززها هذه التقنيات.
وأشارت إلى أن “ضمان الدقة المتناهية أمر بالغ الأهمية في إعداد مساعديك الرقميين”، مؤكدة أهمية وجود محترفين ماهرين يمكنهم سد الفجوة بين المجالين التكنولوجي والتسويقي بشكل فعال.
لا شك أن هذا النهج يعد ضروريًا للحفاظ على الكفاءة وتعزيز تجربة المستخدم دون المساس بجودة الخدمة أو المعايير الأخلاقية.
كما حددت “تريسي” مجموعة من المقاييس المتطورة التي يمكن للشركات استخدامها لتتبع الفعالية وعائد الاستثمار؛ للمزيد من التعمق في منهجيات قياس نجاح جهود التسويق التحادثي؛ بدءًا من معدلات المشاركة والتجاوب، ووصولًا إلى مقاييس التحويل ودرجات رضا العملاء.
ولفتت إلى أن اختيار المقاييس يجب أن “يتماشى مع أهداف عملك والسياق المحدد لجهودك التسويقية التحادثية”، وبالطبع لا يضمن كل هذا التوافق الاستراتيجي قياس الشركات لتفاعلات عملائها بدقة فحسب، بل يمكنها أيضًا تحسينها.
وبالنظر إلى المستقبل تتوقع “تريسي ديفلين” حدوث تحولات كبيرة نحو أشكال أكثر تقدمًا من الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء، وتحديدًا التقدم من الذكاء الاصطناعي إلى الذكاء العام الاصطناعي أو AGI.
كما تتوقع أن يُحدث الذكاء الاصطناعي العام ثورة في التسويق من خلال الارتقاء بالتخصيص إلى مستوى جديد، وأتمتة إنشاء المحتوى، وتعزيز تحليل البيانات، وهو ما صرحت به قائلة: “سوف يأخذ الذكاء الاصطناعي العام التخصيص إلى مستوى آخر”.
أما عن تطلعاتها فهي تخطط لتقليد الفكر البشري والقدرة على التكيف، في حين يتوقع المسوقون تكتيكات أسرع وأكثر مرونة مع الذكاء الاصطناعي العام والتي تشبه إلى حد كبير الذكاء البشري وتحفز المشاركة الإبداعية للعملاء.
ومع ذلك ستحتاج الشركات إلى الاستعداد للتقدم السريع من خلال تبني هذه التقنيات؛ للتكيف والازدهار في المشهد الديناميكي لمشاركة العملاء.
2- عائد الاستثمار والاستراتيجيات المستقبلية
“جيفري شيفر” المدير التنفيذي للعمليات في Phonexa
أوضح “جيفري شيفر”؛ المدير التنفيذي للعمليات في شركة “فونيكسا” المشرف على برنامج تتبع الأداء والتسويق على مستوى الشركات، أن التحدي الرئيسي هو دمج التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل برامج الدردشة الآلية، في أطر التسويق الرقمي كخطوة أولية من النظرية إلى الممارسة.
وأكد “شيفر” أن الذكاء الاصطناعي ليس حلًا سحريًا، بل أداة يجب تنفيذها بشكل استراتيجي وهو ما صرح به قائلًا: “التحدي الأكثر انتشارًا في الوقت الحالي هو الانتقال من صفر إلى واحد”.
وسلط الضوء على أهمية تحديد واختبار الذكاء الاصطناعي ضمن العمليات الحالية قبل الالتزام بإصلاحات أكبر للبنية التحتية؛ لأن هذا النهج يضمن إمكانية دمج الذكاء الاصطناعي بشكل فعال دون تعطيل وظائف العمل الأساسية.
كما ناقش “شيفر” كيف يمكن للشركات قياس النجاح وعائد الاستثمار لجهود التسويق التحادثي، واقترح التركيز على مقاييس محددة خلال الفترات التي عادةً ما تكون غير نشطة، مثل خارج ساعات العمل؛ لقياس كفاءة حلول الذكاء الاصطناعي مقارنة بالعمليات التي يقودها الإنسان.
ويقيّم هذا النهج فعالية تكلفة بدائل الذكاء الاصطناعي مع استكشاف مجالات جديدة لصنع القيمة، وعن هذا أشار قائلًا: “إن الشركات التي تحل محل العمليات الحالية التي يقودها البشر سيكون لديها الوقت لقياس عائد الاستثمار”، موضحًا أهمية إنشاء مؤشرات أداء رئيسية واضحة لتتبع الأداء مقابل المعايير التقليدية.
وفي هذا الصدد يتوقع “شيفر” تحولات كبيرة في خدمة العملاء المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وينصح الشركات بالتركيز على الإمكانات المستقبلية للذكاء الاصطناعي بما يتجاوز قدراتها الحالية، مؤكدًا أن الشركات يمكنها الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتوليد مزايا تنافسية كبيرة؛ من خلال استهداف تفاعلات العملاء المعقدة التي تتطلب تدخلًا بشريًا رفيع المستوى.
واختتم “شيفر” حديثه قائلًا: “على الرغم من أن غالبية المسوقين يركزون على تطبيقات الحالة الحالية وما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن فإن سباق التسلح الحقيقي سيكون بين أولئك الذين يركزون على ما لا يمكنهم فعله بعد”.
لذا تسمح استراتيجية التفكير المستقبلي لهذه الشركات بتوقع المتطلبات المتطورة لمشاركة العملاء والاستجابة لها بنجاح أكبر.
3- وضع العميل في مركز استراتيجياتك
“أديسون ديتز” كبير مسؤولي تطوير العملاء في Omnicom Precision Marketing Group
أشار “أديسون ديتز”، بصفته كبير مسؤولي التطوير في وكالة OPMG، التي تقدم تجارب مستهدفة للعملاء بدقة وذات مغزى على نطاق واسع، إلى الدور الحاسم للتركيز على العملاء في عالم بات آليًا بشكل متزايد، لا سيما مع انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي في تفاعلات العملاء.
وأضاف “ديتز” أن التركيز على الجانب الإنساني للعميل هو أمر ضروري، حتى مع استفادة الشركات من الخوارزميات المتطورة لتعزيز تجارب العملاء، وهو ما عقب عليه قائلًا: “إن التركيز على العميل هو أكثر من مجرد التأكد من أن التجربة متسقة وذات معنى، وهذا يعني أن جميع الخوارزميات التي تحدد تلك التجربة تتمحور حول العميل أيضًا”.
بالطبع يضمن هذا النهج ألا تكون تطورات الذكاء الاصطناعي متقدمة من الناحية التكنولوجية فحسب، بل تتماشى أيضًا مع الاحتياجات والتوقعات البشرية الحقيقية، كما سلط “ديتز” الضوء على أهمية بيانات الطرف الأول (البيانات التي تحصل عليها الشركة من العملاء مباشرة) في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل فعال؛ عبر التعمق في الجوانب التشغيلية لتطبيق الذكاء الاصطناعي.
وأكد “ديتز” ضرورة تمكين العلامات التجارية من فهم وتلبية احتياجات العملاء بشكل أكثر دقة في ظل عصر أصبح مُدركًا لخصوصيتهم، ويدعو إلى تبادل القيم الهادفة ويحفزهم على مشاركة بياناتهم، وهو ما أعرب عنه قائلًا: “ينبغي تدريب الذكاء الاصطناعي على بيانات الطرف الأول، وجعل العملاء يرغبون في تزويدك ببياناتهم، ويتطلب أيضًا تبادلًا مفيدًا للقيمة والحساسية في كيفية استخدام تلك البيانات”.
وأشار “ديتز” إلى أنه يجب على العلامات التجارية التغلب على هذه التعقيدات من خلال مواءمة قيمها مع قيم عملائها وضمان استراتيجيات تسويقية متماسكة واعية ثقافيًا، بالإضافة إلى أهمية إزالة التحديات التنظيمية مثل: الانعزال وعدم التوافق في ملكية تجارب العملاء؛ باعتبارها عوائق أمام التحولات الفعالة التي تركز على العملاء.
ودعا إلى قيادة واضحة، وتمكين القادة الأبطال داخل الشركات، وتفعيل إدارة التغيير القوية؛ لضمان أن تكون احتياجات العملاء في قلب عمليات نشر الذكاء الاصطناعي.
وأخيرًا – بما أننا نتحدث عن الدليل الشامل للتسويق التحادثي -على ما يبدو أن تكامل التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مثل: روبوتات الدردشة ومنصات خدمة العملاء الذكية، في وسط المشهد المتطور لمشاركة العملاء أصبح أكثر من مجرد اتجاه؛ إنه تحول أساسي في كيفية تفاعل الشركات مع المستهلكين.
وفي حين تؤكد الرؤى المقدمة من قادة الأعمال أهمية الدقة والتقييم الاستراتيجي لعائد الاستثمار والتركيز الثابت على العملاء في الاستفادة من هذه التقنيات؛ عن طريق تبني نهج مدروس يوازن بين الابتكار التكنولوجي والفهم العميق لاحتياجاتهم.
لا تستطيع الشركات تلبية ووضع احتياجات المستهلكين الرقميين في المقام الأول اليوم فحسب، بل تعمل جاهدة أيضًا على توقع وتشكيل مستقبل مشاركة العملاء، وتلك كانت محاولة لبيان الدليل الشامل للتسويق التحادثي.
اقرأ أيضًا المزيد على موقع عالم التكنولوجيا:
شبكات الأقمار الصناعية.. أنواعها واستخداماتها
مفاجأة صادمة.. جوالات آيفون بدون كاميرا
مواصفات وأسعار طُرز سيارة “فيرسا 2020” من نيسان
كيفية إزالة حساب من Google Smart Lock
Realme C55.. جوال صيني جديد يشبه تصميم ايفون 14
5 اختلافات بين المدن الذكية والتقليدية