أدى الذكاء الاصطناعي (AI) في السنوات الأخيرة إلى تغيير الطريقة التي تعمل بها الشركات وتتواصل مع عملائها. ومن أهم المجالات التي استفادت بشكل كبير من هذه التكنولوجيا “التسويق العصبي”، والذي هو عبارة عن دراسة سلوك المستهلك واتخاذ القرار من خلال علم الأعصاب، بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
ما التسويق العصبي؟
علم التسويق العصبى هو أحدث أساليب التسويق الجديدة للسيطرة على دماغ المستهلك والتعرف على جميع سلوكياته؛ وذلك من خلال جمع كميات هائلة من البيانات حول تفضيلات عملائها وسلوكياتهم؛ لإنشاء حملات تسويقية عالية الاستهداف وفعالة.
والتسويق العصبي، وهو مزيج من كلمتي “علم الأعصاب” و”التسويق”، وهو مجال متطور من أبحاث التسويق. ويهدف إلى مساعدة المسوقين على فهم ما الذي يحفز “رغبة الشراء” لدى المشتري باستخدام علم الأعصاب؛ ومن ثم فهو نظام يجمع بين رؤى علوم التسويق والاقتصاد وعلم النفس لتطوير النظريات التي توضح تأثير التسويق في سلوك العملاء المستهدفين.
وتكشف أساليب التسويق العصبي عن معلومات خفية لدى المستهلكين دون مطالبتهم بمشاركة أفكارهم أو مشاعرهم أو ذكرياتهم أو افتراضاتهم بشكل صريح، كذلك يستخدم علماء الأعصاب العديد من الأدوات المتخصصة مثل: ماسحات الدماغ، والتعرف على تعبيرات الوجه، وتتبع العين؛ لجمع معلومات حول ما يمكن أن يحدث في الدماغ.
الذكاء الاصطناعي والتسويق العصبي
يستطيع الذكاء الاصطناعي البحث بسرعة عبر كميات هائلة من المعلومات للعثور على الأنماط، وفي العصر الرقمي الحالي نترك وراءنا المعلومات الشخصية من خلال أنشطتنا عبر الإنترنت مثل: وسائل التواصل الاجتماعي والتسوق عبر الإنترنت، ومن ثم يتم تخزين هذه المعلومات في السحابة ثم الوصول إليها عن طريق برامج الذكاء الاصطناعي، كما يمكن لبعض الخدمات فحص الإنترنت والكشف عن معلوماتنا الشخصية المتاحة للعامة.
تساعد هذه المعلومات على تحديد تفضيلات المستهلك؛ مما يسمح بتخصيص الحملات الإعلانية، ويساعد الذكاء الاصطناعي المسوقين على فهم المزيد من المعلومات حول الظروف قبل وأثناء وبعد لحظة الشراء.
ويلعب الذكاء الاصطناعي أيضًا دورًا مباشرًا في التكنولوجيا المستخدمة للتعرف على تعبيرات الوجه واكتشاف المشاعر؛ إذ تتيح تقنيات تتبع الوجه المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للباحثين طرقًا أكثر كفاءة ودقة لفهم المشاعر وتفسيرها. كما توفر رؤى قيّمة حول كيفية استجابة الأفراد عاطفيًا للمحتوى، وتمكين الشركات والمسوقين ومنشئي المحتوى من تصميم تجارب أكثر تأثيرًا وجاذبية.
يقول مارتن ليندستروم، أحد كبار خبراء بناء العلامات التجارية: “إننا نشهد حاليًا اندماجًا بين البيانات الضخمة والتسويق العصبي وعلم الإنسان؛ ما يؤدي إلى توليد رؤى متقدمة للغاية للمستهلك، والتي تكون في بعض المناسبات قادرة على التنبؤ بنسبة 95% مما يحتمل أن يفعله المستهلك قبل أن يدرك ذلك!”.
استخدام علم الأعصاب لبيع الشوكولاتة
أُجريت الكثير من الأبحاث حول العواطف والأكل، وتبين أنهما مترابطان بشكل كبير. على سبيل المثال: “الطعام المريح”، وهي ظاهرة يستخدم فيها الناس الطعام ليشعروا بالتحسن عند التوتر أو التعب. من المعروف أن الكربوهيدرات تزيد من مادة السيروتونين، ولهذا السبب غالبًا ما تكون منتشرة جدًا في مثل هذه الأطعمة، وكذلك احتفالاتنا غالبًا ما تتضمن تناول الطعام، وأدى البحث في العاطفة والغذاء إلى العديد من طرق البحث في كيف يمكن للتسويق العصبي والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تحسين شركات التكنولوجيا واستراتيجيتها التسويقية؟
وتصف بانافو فوتيني رافيليا، من الجامعة الهيلينية الدولية في اليونان، أطروحتها؛ حيث استخدمت التعرف على الوجه وأبحاث تخطيط كهربية الوجه (fEMG) لفحص تأثير العواطف (على وجه التحديد السعادة والحزن والغضب والمفاجأة) في نية الجمهور شراء الشوكولاتة، وقارنت النتائج مع البيانات المبلغ عنها ذاتيًا.
تخطيط كهربية الوجه (FEMG)
fEMG هي تقنية تقيس النشاط الكهربائي الناتج عن عضلات الوجه أثناء انقباضها. ويتمتع fEMG بمزايا لأنه قياس موضوعي، وغير جراحي، ويمكن إجراؤه في الوقت الفعلي، ويمكن أن يتكامل مع التدابير الفسيولوجية الأخرى. كما أن لها عيوبًا تتمثل في أنه من الصعب والمعقد إلى حد ما تفسير البيانات، وقد تكون الأقطاب الكهربائية الموجودة على الوجه غير مريحة للمشاركين، ولا يمكن تتبع سوى عدد قليل من العضلات بشكل معقول في المرة الواحدة.
وفي بحث Fotini-Rafailia، قامت بفحص استجابة الجمهور لأربع حملات إعلانية رقمية: New Galaxy، وBooja Booja، وM&S، وGreen & Black. وكانت كل حملة متميزة، وتعرض رسائل وصورًا مختلفة. روت الحملة الإعلانية لشركة New Galaxy قصة امرأة عادية واستخدمت الطاقة والحركة والألوان الزاهية والحركة.
وتبين من نتائج التجارب بأن المستويات العالية من السعادة والمشاعر الأخرى أثناء مشاهدة إعلان New Galaxy كانت مرتبطة بشكل كبير بنية الشراء. التقط البحث كلاً من السعادة والمفاجأة في حملة Booja Booja. ووجدت أن سرد القصص والألوان الزاهية أثرت على مشاعر الجمهور أكثر من غيرها، مما أدى إلى زيادة نية الشراء لهذا الجمهور.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
التخطيط الاستراتيجي والإدارة.. ما الفرق بينهما؟
وسائل التواصل الاجتماعي في 2025 بين التوقعات والاتجاهات
كيف تبدأ العمل الحر من الصفر؟.. دليل شامل للمبتدئين