أمسى العمل عن بُعد واقعًا بالنسبة لعدد كبير من الأفراد في العصر الحالي، ومع هذا الانتقال إلى بيئة العمل عبر الإنترنت صارت إدارة الوقت ذات أهمية أكبر مما كانت عليه في السابق.
والعمل عن بُعد ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب التخطيط والتنظيم والانضباط والتواصل الفعال، واستراتيجيات فعالة لإدارة الوقت.
بيئة العمل عن بُعد
العمل عن بُعد هو نظام يتيح للموظفين القدرة على العمل في مواقع خارجية للشركة، ورغم أنه ليس مفهومًا جديدًا بل يعود أصله إلى الثمانينيات فإنه اكتسب مؤخرًا شعبية متزايدة.
يتطلب هذا النمط العديد من التغيرات في المفهوم الثقافي للمكان المناسب للعمل من الشركات، فضلًا عن محاولة إنشاء بيئة ملائمة لتعزيزه والمضي قدمًا، ومع ذلك تحتاج الإدارة إلى اتخاذ إجراءات للاستفادة من فوائد العمل عن بُعد بنجاح والحد من المخاطر المحتملة.
أهمية العمل عن بُعد
يعتمد العمل عن بُعد بشكل أساسي على التكنولوجيا وأساليب الاتصال لتمكين الموظفين من التعاون والعمل في اتجاه واحد، وأيضًا توضيح إنجازاتهم، وهو يتمتع بالعديد من المزايا؛ منها التالي:
•زيادة المرونة: يمكن للموظفين والشركات اتخاذ الإجراءات المناسبة لاحتياجات الموظفين.
• زيادة الاستقلالية: تزداد سيطرة الموظفين على ظروف عملهم وطرق تنفيذها.
• تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة: يؤكد الموظفون العاملون عن بُعد تحقيق مستوى أعلى من السعادة بنسبة 20% مقارنة بالموظفين التقليديين.
•توفير وقت أقل للتنقل: يمكن للموظفين العمل من المنزل دون الحاجة إلى الانتقال لمكان العمل.
• زيادة الإنتاجية: تعزى زيادة الإنتاجية إلى عوامل متعددة، مثل البيئة المريحة للعمل.
في بداية الأمر كانت هناك اعتقادات من قِبل مؤسسات وشركات عديدة بأن العمل عن بُعد سيؤدي إلى تراجع في الإنتاجية؛ حيث يمكن أن يتشتت انتباه الموظفين بسبب راحة العمل من المنزل، لكن أوضحت الدراسات المتعددة التي تناولت أحوال الموظفين الذين يعملون بنظام العمل عن بُعد أو الهجين أن هذه الأنظمة تستحق الدعم من الإدارة.
يساهم العمل عن بُعد في زيادة الإنتاجية؛ وذلك لأن الموظفين الذين يعملون من المنزل من المرجح أن يعملوا لساعات طويلة؛ حيث يعمل ما لا يقل عن 40% منهم لساعات أطول من منازلهم مقارنة بالمكاتب التقليدية، وتوضح الدراسات أن أيام العمل الممتدة للموظفين العاملين عن بُعد تزيد عن العاملين في المكاتب بمتوسط 48.5 دقيقة على الأقل.
استراتيجيات إدارة الوقت عن بعد
على الرغم من أن الموظفين العاملين عن بُعد يعملون لساعات أطول فإنهم يشهدون تحسنًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية بالمقارنة مع العاملين في بيئة عمل تقليدية؛ ما يقضي على الحاجة للتنقلات الطويلة أو يتيح المرونة في إدارة المهام الأخرى خلال اليوم.
ويعني تحقيق التوازن بين العمل والحياة أن الموظفين أكثر سعادة، وهذا بدوره يساهم في زيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى ذلك ترتفع الإنتاجية لأن الموظفين يعانون من ضغوط أقل، نظرًا لأنهم يتمتعون بالاستقلالية في عملهم ومواعيدهم ووظائفهم؛ لذلك يلاقي الموظفون العاملون عن بُعد بيئة مواتية تسمح لهم بتقليل مستويات التوتر لديهم.
تحديد الأهداف الأسبوعية واليومية
في سياق العمل عن بُعد يمكن أن يتسبب الشعور بفقدان التركيز في تأثير سلبي، ولتجنب هذا الوضع يجب على الفرد تحديد الأهداف اليومية والأسبوعية، كما ينبغي تحديد المهام الأساسية التي يجب إنجازها يوميًا، والأهداف الأسبوعية التي تساهم في تحقيق الأهداف الكبرى للمشروع أو خطة العمل، والالتزام بتنفيذها.
إنشاء جدول زمني
تستطيع توفير الوقت وزيادة الإنتاجية من خلال إعداد جدول زمني دقيق، وتحديد ساعات العمل وفترات الراحة بوضوح والالتزام بها، وحدد فترات زمنية للمهام المحددة وحاول إنجازها في الوقت المحدد، يساعد هذا في تنظيم اليوم وتحسين الإنتاجية بشكل ملحوظ.
فصل العمل عن الراحة
في سياق العمل عن بُعد قد يحدث أن يمتد يوم العمل لديك بالكامل دون أن تشعر بذلك؛ لذا يُنصح بتحديد فترات استراحة ومنح النفس استراحات قصيرة بين المهام لتجديد الطاقة وزيادة التركيز، ويُنصح أيضًا بممارسة بعض التمارين الرياضية خلال فترات الاستراحة للحفاظ على اللياقة البدنية.
تقنيات إدارة الوقت
يُنصح باستخدام تقنيات إدارة الوقت الفعالة، مثل تقنية Pomodoro؛ حيث يتم العمل لمدة 25 دقيقة ثم أخذ استراحة قصيرة، يساعد ذلك في تجنب الإرهاق وزيادة الإنتاجية والحفاظ على الصحة البدنية، ومع ذلك قد يواجه مدمنو العمل أو العاملون في مناصب عليا صعوبة في تطبيق تقنية Pomodoro؛ لهذا يُنصح بالعمل لمدة 60 دقيقة ثم أخذ استراحة قصيرة.
سلبيات العمل عن بعد
بالرغم من الإيجابيات الهائلة للعمل عن بعد فإن هناك سلبيات ينبغي معرفتها للتعامل معها بشكل صحيح ومحاولة تخطيها؛ حتى لا تؤثر بالسلب في إنتاجية العمل، ويقدم رواد الأعمال أبرزها على النحو التالي:
قلة العمل الجماعي
من بين العيوب التي تنجم عن العمل عن بعد هو عدم قدرة الفريق على التواصل بشكل مناسب؛ ما يتسبب في تأخير المواعيد النهائية وسوء التواصل والإحباط بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يؤثر تقليل العمل الجماعي في مشاركة الموظفين، وقد يؤدي إلى الشعور بالملل والوحدة، وذلك يؤثر سلبًا في الإنتاجية الكلية.
ولتجنب المشكلة عليك أولًا تحديد الأهداف بدقة والمؤشرات المستخدمة لقياس الأداء المتعلق بكل هدف وتوضيحها بوضوح، كما يتعين عليك تحديد وتوزيع الأدوار بين جميع الموظفين وزملاء العمل، وتنسيق التعاون بين أعضاء الفريق بشكل جيد.
زيادة الحاجة إلى الانضباط الذاتي
يحتاج الموظف في العمل عن بعد إلى مستوى متقدم من الانضباط الذاتي؛ حيث قد يؤدي التشتيت البسيط إلى تقليل الإنتاجية، ومن بين أكثر مصادر التشتيت الشائعة التي يواجهها الموظف في العمل عن بعد: التداخل بين الأعمال المنزلية وأوقات العمل في المكتب، والإشعارات المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبالنسبة لصاحب العمل ربما يكون من الصعب التأكد من قدرة الموظف على تلبية معايير الشركة أثناء العمل عن بعد؛ ما يجعل عملية التوظيف صعبة.
اقرأ أيضًا:
العمل المرن وإدارة الموظفين.. معادلة النجاح لتحقيق التوازن المهني
التخطيط الاستراتيجي والإدارة.. ما الفرق بينهما؟