تعرّضت شركة «أوراكل» لضغوط شديدة من منافسيها في «وول ستريت» خلال موجة البيع الأخيرة التي ضربت أسهم وسندات التكنولوجيا. بعدما أثار اعتمادها على الاقتراض الضخم لتمويل توسّعها في الذكاء الاصطناعي مخاوف المستثمرين.
كما تسعى شركة البرمجيات الأمريكية، التي أسسها لاري إليسون، إلى تحقيق قفزة كبيرة في سباق الذكاء الاصطناعي. حيث التزمت بإنفاق مئات المليارات من الدولارات خلال السنوات المقبلة على الرقائق ومراكز البيانات. خصوصًا ضمن اتفاقيات توريد القدرات الحاسوبية لشركة «OpenAI» المطوّرة لـ«ChatGPT».
كذلك أثار «السرعة والحجم» في هذا التوسع قلقُ عدد من المستثمرين. في وقت يتركز اهتمام الأسواق على إنفاق شركات «هايبر سكيلرز» العملاقة التي تبني مراكز بيانات ضخمة حول العالم.
انخفض سهم «أوراكل» بنسبة تقارب 30% خلال الشهر الماضي. وهو تراجع يقترب من ضعف انخفاض «ميتا». أسوأ الشركات المنافسة أداءً بعد أوراكل.
كما خسر السهم ما يزيد عن 250 مليار دولار من مكاسبه السوقية التي حققها بعد إعلان الشركة عن اتفاقياتها مع «OpenAI» في سبتمبر.
أما سندات الشركة، فقد أظهر مؤشر «فايننشال تايمز» انخفاضًا في قيمتها بنحو 6% منذ منتصف سبتمبر الماضي. في أداء أسوأ بكثير من معظم منافسيها.
رهان متأخر
كما يثير وضع «أوراكل» قلقًا أكبر لأن الشركة انتقلت من برمجيات الأعمال إلى الحوسبة السحابية. في وقت متأخر مقارنة بالمنافسين. وأصبح نموذجها الاستثماري اليوم مرتبطًا بشكل كبير بمستقبل «OpenAI».
كذلك قال أليكس هايسل من «روتشيلد آند كو ريدبورن»:
«هذا نموذج أعمال مختلف تمامًا عن الاتجاه الذي يفضله المستثمرون في الخدمات السحابية. الأرقام تبدو رائعة من حيث الإيرادات. لكنها تتطلب إنفاقًا رأسماليًا ثقيلًا. ولا تخلق قيمة حقيقية للمساهمين».
مخاوف تقييمية
كما تزداد المخاوف بشأن «القيمة السوقية» المرتفعة والإنفاق الرأسمالي الهائل لعدد محدود من شركات التكنولوجيا الكبرى. خصوصًا إذا فشلت بعض شركات الذكاء الاصطناعي — مثل «OpenAI» و«Anthropic» — في تحقيق وعودها.
رهان على الإيرادات
كذلك تتوقع «أوراكل» أن تولّد اتفاقياتها مع «OpenAI» إيرادات تبلغ 300 مليار دولار بين 2027 و2032. ويؤكد مسؤولو الشركة أن العوائد المحتملة تبرّر المخاطر. إذ يتجاوز الطلب على الذكاء الاصطناعي القدرات الحاسوبية المتاحة حاليًا. ولا يزال سهم الشركة مرتفعًا 30% منذ بداية العام.
وتشير تقديرات «S&P Visible Alpha» إلى أن «البنية التحتية السحابية» لدى «أوراكل» ستنمو إيراداتها بأكثر من عشرة أضعاف بحلول 2029. كما أن غالبية محللي وول ستريت لا يزالون يحتفظون بتقييمات إيجابية للسهم.
انفجار الديون
لكن «أوراكل» تتبع سياسة عدوانية في الاقتراض لبناء قدراتها بسرعة. وتشير بيانات «بلومبيرج» إلى أن الشركة رفعت ديونها طويلة الأجل إلى 96 مليار دولار. مقارنة بـ75 مليار دولار قبل عام فقط. وتتوقع «مورجان ستانلي» أن ترتفع الديون إلى نحو 290 مليار دولار بحلول 2028.
كذلك في سبتمبر، أصدرت «أوراكل» سندات بقيمة 18 مليار دولار. وتُجري حاليًا محادثات للحصول على تمويل بالدين يبلغ 38 مليار دولار عبر عدد من البنوك الأمريكية.
وقال أحد البائعين على المكشوف ممن يتابعون السهم منذ سنوات:
«إليسون خرج تمامًا عن المسار التقليدي في طريقة الإنفاق. السوق تقول بوضوح إنها لم تعد مهتمة بشركات تحرق كميات لا نهائية من الأموال على الذكاء الاصطناعي».
لاري إليسون
تحذيرات ائتمانية
خفض محللو «باركليز» خلال الأسبوع الماضي تقييمهم لمديونية «أوراكل» من «محايد» إلى «منخفض». محذرين من أن إنفاق الشركة الضخم على بنية الذكاء الاصطناعي تجاوز تدفقات النقد الحرّ لديها.
كما أشارت وكالة «موديز» إلى مخاطر كبيرة ناجمة عن اعتماد «أوراكل» على عدد محدود من شركات الذكاء الاصطناعي. فيما حذّرت «S&P Global» من أن ثلث إيرادات «أوراكل» سيكون مرتبطًا بعميل واحد بحلول 2028 — في إشارة إلى «OpenAI».
وقال أندرو تشانغ، مدير في «S&P Global»:
«هذا يشكّل عبئًا ضخمًا ومخاطر ائتمانية كبيرة. أكبر عميل لديك هو شركة ناشئة ممولة من رأس المال المغامر».
ضغوط على OpenAI
في نهاية المطاف لا تزال «OpenAI» تواجه تساؤلات حول كيفية الوفاء بالتزاماتها بالإنفاق على بنية الذكاء الاصطناعي. والتي قد تصل إلى 1.4 تريليون دولار خلال السنوات الثماني المقبلة. رغم توقيعها اتفاقيات مع عدد من شركات التكنولوجيا الكبرى — بما فيها منافسو «أوراكل».