في سبتمبر 2025، قام إيلون ماسك بأول عملية شراء مباشرة لأسهم تسلا منذ فبراير2020، إذ أنفق مليار دولار في السوق المفتوحة. هذه الخطوة رفعت السهم بنسبة 6% على الفور. منهيةً أسابيع من التقلبات. وأعادت النقاش بين المستثمرين حول مسار تسلا على المدى الطويل.
بالنسبة لماسك، لم يكن الأمر ماليًا فقط، بل إشارة رمزية لمواءمة موقفه مع المساهمين وتعزيز قيادته في لحظة حرجة. أما بالنسبة للمستثمرين، فالأمر أكثر تعقيدًا: هل هو بداية انتعاش مستدام أم مجرد ارتداد قصير أمام تحديات هيكلية عميقة؟
إيلون ماسك يشتري والمديرون يبيعون
كما جاءت عملية ماسك في وقت باع فيه مديرو تسلا أكثر من 50% من حصصهم الجماعية في 2025.
توم زو، رئيس التصنيع العالمي، تخلّص من 82% من حصته، ما أثار القلق بشأن التحديات التشغيلية. أما المدير المالي فايبهاف تانيجا فقد باع 6 آلاف سهم في يوليو مقابل 1.75 مليون دولار.
هذا التباين واضح: شراء إيلون ماسك يرسل إشارة ثقة والتزام طويل الأجل. بينما مبيعات المسؤولين التنفيذيين تثير تساؤلات حول الثقة قصيرة الأجل في التنفيذ.
خطة التعويض التريليونية
يرتبط رهان إيلون ماسك بخطة تعويض قائمة على الأداء قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار. ولتحقيقها، يجب على تسلا بلوغ:
رأس مال سوقي 8.5 تريليون دولار بحلول 2035
- إنتاج 20 مليون سيارة سنويًا
- نشر مليون سيارة أجرة روبوتية
- تسويق مليون روبوت بشري من طراز «أوبتيموس»
كما أن هذه الأهداف تبدو شبه خيالية. لكن موافقة مجلس الإدارة تعكس إيمانه بقدرة ماسك على تجاوز مقاييس صناعة السيارات التقليدية. وإعادة تموضع تسلا كمنصة متعددة القطاعات في الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطاقة.
نقطة دخول استراتيجية أم فخ مخاطرة؟
انتعاش تسلا يطرح سؤالًا محوريًا للمستثمرين: هل هو توقيت دخول استراتيجي؟
وجهة النظر المتفائلة تقول:
نمو تخزين الطاقة عبر «ميغاباك» مع توسع العقود العالمية.
ريادة في الذكاء الاصطناعي من خلال برنامج القيادة الذاتية والحاسوب العملاق «دوجو».
رهان ماسك الشخصي يعزز ثقة المستثمرين.
وجهة النظر المتشائمة تقول:
المنافسة المتصاعدة من شركات السيارات التقليدية والناشئة، خصوصًا في الصين وأوروبا.
مبيعات المديرين التنفيذيين تعكس حذرًا داخليًا.
مخاطر تنفيذية في التوسع المتزامن بمجالات السيارات والروبوتات والطاقة.
مقامرة الذكاء الاصطناعي والروبوتات
تركّز تسلا على التحول إلى شركة قائمة على الذكاء الاصطناعي. برنامج القيادة الذاتية، المدعوم بمنصة «دوجو»، يعالج كميات ضخمة من بيانات القيادة الواقعية. وهو أصل لا يمكن للمنافسين تقليده بسهولة.
كذلك في الوقت نفسه، انتقل مشروع الروبوت البشري «أوبتيموس» من النموذج الأولي إلى مرحلة التجارب المحدودة في مصانع تسلا. وإذا جرى تسويقه تجاريًا على نطاق واسع. قد يغيّر صناعات كثيفة العمالة مثل اللوجستيات والرعاية الصحية.
تخزين الطاقة: محرك النمو الصامت
رغم أن العناوين تركز على السيارات والذكاء الاصطناعي، فإن قطاع تخزين الطاقة في تسلا قد يكون محرك القيمة الأكثر إهمالًا:
تضاعفت عمليات نشر «ميغاباك» في 2025 وسط أزمات الطقس المتطرفة.
هوامش الربح تتحسن بفضل انخفاض تكاليف البطاريات وزيادة الطلب على حلول دمج الطاقة المتجددة.
تحديات المنافسة والتنظيم
الصين: شركات مثل «بي واي دي» توسّع حصتها بقوة.
الولايات المتحدة: تدقيق سياسي متزايد حول نفوذ ماسك وبروتوكولات أمان الذكاء الاصطناعي.
أوروبا: لوائح الانبعاثات والعمل تضيف أعباء تنظيمية.
كما تزيد مبيعات المديرين التنفيذيين من المخاطر، ما يثير شكوكًا بشأن قدرة تسلا على تحقيق أداء متماسك عالميًا.
مخاطرة عالية وعائد مرتفع
أخيرًا تجسد تسلا اليوم مفارقة أسواق المال الحديثة: شركة تُشاد برؤيتها وتُنتقد في الوقت نفسه باعتبارها مبالغًا في تقييمها. شراء ماسك بمليار دولار يؤكد ثقته، لكن مبيعات التنفيذيين وخطط التعويض الضخمة تكشف هشاشة التنفيذ.
وكذلك بالنسبة للرؤساء التنفيذيين وقادة الاستثمار وصانعي السياسات. فإن تسلا أكثر من مجرد سهم. إنها اختبار لكيفية تلاقي القيادة الرؤيوية والابتكار المزعزع وتخصيص رأس المال في القرن الحادي والعشرين.
أما بالنسبة للمستثمرين، فتبقى تسلا رهانًا عالي المخاطر مرتفع العائد: دخول اليوم قد يمنح عوائد تاريخية إذا نجح ماسك، أو يكبد خسائر كبيرة إذا تعثر التنفيذ.
بقلم/ فرانك براون
المصدر (هنــــــــــا)