*نعتمد على التنمية الشاملة والمستدامة في كل مشروعاتنا
حاوره : حسين الناظر
يتمتع بخبرات عريضة، استمدها من كونه أستاذًا بهندسة القاهرة وجامعة كورنيل الأمريكية، ومهندسًا استشاريًا مرموقًا، ومطورًا عقاريًا ناجحًا يقود واحدة من أهم شركات التطوير العقاري في مصر” تطوير مصر”، فضلًا عن إيمانه العميق بالمسئولية الاجتماعية، التي قادت الشركة لأن تكون الراعي الرئيس للأسبوع العالمي لريادة الأعمال بمصر، وتنفذ عدة مبادرات ومسابقات مميزة؛ ما جعل المجلس الدولي للمشروعات الصغيرة وريادة الأعمال (ICSB) يختاره عضوًا بمجلس إدارته.
فلنتعرف على تجربة رائد الأعمال الدكتور أحمد شلبي، رئيس مجلس إدارة شركة “تطوير مصر”، الذي التقينا به على هامش المؤتمر الدولي للمشروعات الصغيرة 2019 ، من خلال هذا الحوار ..
– كيف تعرف نفسك للقراء؟
بدأت مسيرتي العلمية معيدًا بهندسة القاهرة عام 1993، وفي عام 1998 حصلت على الماجستير، ثم الدكتوراه في الهندسة عام 2003 من خلال برنامج مشترك بين جامعتي القاهرة وكورنيل بالولايات المتحدة الأمريكية؛ إحدى أهم 10 جامعات في العالم.
وهذه المحطة تُعد نقلة نوعية في حياتي؛ لأنها أتاحت لي فرصة الدراسة بأمريكا، وكذلك العمل أستاذًا بجامعة كورنيل جنبًا إلى جنب مع جامعة القاهرة لمدة 3 سنوات متتالية، وخلال تلك الفترة أسست مكتبًا للاستشارات الهندسية.
وفى عام 2005 عدت إلى مصر؛ لأتولى مسئولية شركة “اللوتس للاستثمار والتنمية العقارية”، والتي كانت تنفذ مشروع “صفوة سيتي” بمدينة 6 أكتوبر في تلك الفترة، وهو أحد أهم المشروعات التي أكسبتني خبرات عديدة، لا سيما أنني بدأت العمل في المشروع كاستشاري ثم كمدير للمشروع؛ إذ حققنا فيه نجاحات كبيرة، وبدأنا الدخول في مشروعات أكبر، ثم تحول اسم الشركة إلى “الفوارس القابضة”، ولكن الأحداث التي شهدتها البلاد خلال عام 2011 أثرت بشكل مباشر في استثمارات الشركة بمصر.
وبعدها توليت منصب مستشار وزير الإسكان لمدة عام، ثم انتقلت إلى شركة “المستقبل للتنمية العمرانية ” للعمل كمستشار لرئيس مجلس الإدارة، وساهمت في تطوير مدينة المستقبل، بوصفها كبرى المدن السكنية بالقاهرة الجديدة.
وما زلت أحرص على العمل كأستاذ للهندسة المعمارية والتنمية العمرانية بهندسة القاهرة؛ فذلك السبيل الأمثل للاحتكاك بالشباب والتعرف على رغباتهم واحتياجاتهم المستقبلية.
في عام 2017؛ عينني المجلس الدولي للمشروعات الصغيرة وريادة الأعمال (ICSB) عضوًا بمجلس الإدارة كمسئول عن مبادرة تأسيس عدة جامعات دولية لريادة الأعمال في مصر، بالتعاون مع شركة “تطوير مصر”.
ـــ كيف أسست “تطوير مصر”؟
تأسست شركة “تطوير مصر “عام 2014 كشركة تطوير عقاري مصرية مساهمة؛ من خلال مجموعة مستثمرين مصريين؛ إذ بدأنا في دراسة الفرص الاستثمارية؛ حتى حصلنا على أرض مشروع “المونت جلالة” بالعين السخنة في عام 2014.
تعتمد منهجية وفلسفة الشركة على مبدأ العمل الجماعي؛ حيث نعقد ورش عمل يحضرها عدد كبير من الاستشاريين؛ لمناقشة الأفكار المطروحة، وتلبية احتياجات السوق.
ـــ ما أهم النجاحات التي تحققت حتى الآن؟
حققنا خلال زمن قياسي نجاحات كبيرة؛ بإنشاء مجتمعات جديدة بالعين السخنة والساحل الشمالي، ونتفرد عن نظائرنا بأننا نتعامل مع كل مشروع على أنه حلم وتجربة مختلفة؛ وهو ما تجلى في “المونت جلالة” و”فوكا باي” و”بلومفيلدز”؛ فكل منها مشروع تنمية عمرانية متكاملة؛ يقدم تجربة حياة فريدة ومختلفة، اعتمادًا على التكامل الرأسي لكل المجالات العقارية، بداية من إنشاء الوحدات السكنية مثل الفيللات الخاصة والشقق، والمنشآت الترفيهية مثل المتنزهات الجبلية الفريدة من نوعها، مع دعم البنية التحتية مثل الجامعات والمدارس ومجمعات الأعمال والفنادق والمرافق.
ـــ ما أهم التحديات التي واجهتكم؟ وكيف تغلبتم عليها؟
تمر السوق حاليًا بمرحلة هدوء، بعد فترة انتعاش خلال آخر عامين، كما وصلت الأسعار إلى مستوى مرتفع مقارنة بالقدرة الشرائية وليس بالتكلفة؛ لأن السعر في مصر مرتبط بالتكلفة.
إن التحديات التي تواجه السوق العقارية تتطلب من المطورين التركيز على محفظة الأراضي التي يمتلكونها، في المواقع والتنفيذ، والحرص الشديد في التسعير، وربط الزيادة بالتكلفة، ووضع شروط سداد لا تؤثر في التدفقات النقدية للمشروع.
إننا نؤمن بتنوع المحفظة العقارية ما بين التمليك والإيجار؛ ما دفعنا إلى طرح فكرة الوحدات الفندقية للإيجار؛ إذ نرى أن المستقبل يكمن في فكرة الإيجار وعدم الاعتماد على التمليك، كما ندرك أن الاستثمار في الأنشطة العقارية غير السكنية مثل الأنشطة الترفيهية والتجارية والجامعات والمدارس له دور فعال في إحياء المشروعات وخلق مجتمعات عمرانية متكاملة.
وأود أن أؤكد أهمية تبني وزارة الإسكان ملف إنشاء قاعدة بيانات للسوق العقارية تحدد الطلب والعرض لكل فئات الإسكان والمناطق؛ لتسهيل عملية طرح الأراضي على المطورين.
-ما رؤيتك في تطوير القطاع العقاري؟ وما الهدف منها؟
تعتمد رؤيتنا على مفهوم التنمية الشاملة، ببناء قيمة جديدة في كل مشروع طورناه؛ من خلال إنشاء مجتمعات عمرانية مخطط لها جيدًا، وتتسم بالاستدامة البيئية، كما نطبق نفس الرؤية أيضًا في التنمية البشرية. وتثق “تطوير مصر” في أن استراتيجيتها في الاعتماد على الابتكار وتوفير حلول أفضل لعملائها ستدعم مكانتها السوقية وزيادة المبيعات والقيم المقدمة للعميل على المدى الطويل.
ــ ما الذي تهدفون إليه من التوجه نحو الاستثمار في قطاع التعليم، وتوقيع مذكرة تفاهم مع جامعة ” نيو جرسي للتكنولوجيا ” وجامعة “أوشن كاونتي” لإنشاء أول فرع دولي لجامعة أمريكية بمصر؟
يأتي ذلك ضمن سلسلة اتفاقيات نعمل على توقيعها لاستقدام فروع لجامعات ومدارس دولية من أمريكا وإنجلترا بالمنطقة التعليمية، التي ستنشأ على مساحة 90 فدانًا بمشروع بلومفيلدز.
ووقع الاختيار على جامعتي “نيوجرسي للتكنولوجيا” و”أوشن كاونتي”؛ لأن نموذج أعمالهما يرتكز علي تطبيق أساليب مبتكرة؛ ما يلائم رؤية وسياسة شركتنا، وهي شراكة تمثل نقطة فارقة تساعد الطلاب في التواصل مع أقرانهم من جميع بلدان المنطقة لتبادل الخبرات والتجارب.
ـــ ما أهم مشروعات الشركة؟ وبمَ تتميز عن غيرها؟
أطلقنا في عام 2015، مشروع “المونت-جلالة” الفائز بعدة جوائز رفيعة، مثل جائزة “سيتي سكيب” كأفضل مشروع عقاري في فئة المشروعات المستقبلية السكنية منخفضة الارتفاع ومتعددة الاستخدامات بالعين السخنة، ويقام على سلسلة جبال الجلالة على مساحة تصل لحوالي 545 فدانًا، ويحتوي على أول بحيرة كريستالية في العالم تقام علي جبل.
ويطل المشروع على شواطئ البحر الأحمر، ويحتوي على منطقة “Base Camp” كأول منتجع متخصص في الرياضات الجبلية يقام بالتعاون مع المغامر ورائد الأعمال المصري عمر سمرة، ومن المتوقع تسليم المرحلة الأولى من المونت-جلالة بنهاية العام الحالي.
وفي عام 2015، أطلقنا مشروع “فوكا باي” بالساحل الشمالي؛ ثاني مشروعات الشركة، على مساحة 250 فدانًا، وفق مفاهيم مبتكرة في التخطيط والتصميم المعماري، وينفذ على 4 مراحل باستثمارات 3 مليارات جنيه، وحاز على جائزة أفضل منتجع بالبحر المتوسط من المنتدى العقاري لمنتجعات وفنادق البحر المتوسط (MR&H)P؛ حيث بدأنا تسليم وحدات المرحلة الأولى.
وفي عام 2018، أطلقنا مشروع “بلومفيلدز” بمستقبل سيتي، كمشروع سكني متعدد الاستخدامات بالقاهرة الجديدة، على مساحة 325 فدانًا، بالإضافة لجامعة دولية لريادة الأعمال، وثلاث مدارس دولية في نفس المنطقة على مساحة 90 فدانًا؛ وذلك باستثمارات 28 مليار جنيه على مدار 10 سنوات في الشق السكني والتجاري،و 5 مليارات جنيه في الشق التعليمي.
وسنبدأ تنفيذ المشروع بنهاية العام الحالي، وطبقًا لترتيب التنفيذ، سيتم افتتاح مركز ريادة الأعمال والابتكار عام 2021، وتسليم المرحلة الأولى من المشروع السكني عام 2022م. والجامعة 2023 م.
ــــ هل تؤمن بدور التكنولوجيا في تطوير المدن والمباني الحديثة؟
إيمانًا منا بالدور المحوري للتكنولوجيا، وقّعنا عدة اتفاقيات مع شركتي شنايدر وأورنج العالميتين؛ الأولى مع شنايدر لإنشاء مركز للمعلومات مركزي، بمقر الجامعة الجديد في بلومفيلدز، مهمته تجميع المعلومات الخاصة بالتشغيل في مشروعاتنا من مياه وكهرباء وكاميرات أمن، ليتم تحليلها للوصول إلى أفضل وأوفر الطرق لإدارة وصيانة المشروع، أما اتفاقية أورنج فتقوم على تقديم خدمات مختلفة في مشروعاتنا خاصة بالإنترنت والتليفون والقنوات الفضائية بلا حدود.
وزرنا مقر الشركتين بفرنسا؛ للتعرف على أحدث النظم المطبقة من خلالهما، وشاهدنا تطورًا تكنولوجيًا يوفر تكاليف التشغيل والاستخدامات المعتادة للعميل، من استخدام الكهرباء والمياه وغيرها من احتياجات المنزل، بنحو 20% إلى 30%، من خلال استخدام الحلول الذكية.
– ما مدى تحقيق التنمية المستدامة والقيم البيئية بمشروعاتكم؟
التنمية المستدامة التي نسعى لتحقيقها تكمن في حرصنا على تطوير مجتمعات عمرانية متكاملة قابلة لمواكبة تغيرات العصر؛ لذلك فنحن نعمل على أن نتعاون مع أفضل الشركاء لتوفير حلول ذكية تضمن أن تكون مشروعاتنا مستدامة بداية من البنية التحتية، وصولًا إلى محطات الكهرباء والماء والشوارع وأعمدة الإنارة والوحدات والبوابات وغيرها.
فالهدفان الرئيسان من شراكتنا مع شركتي “أورانج” و”شنايدر” هما: تقديم مستوى حياة وخدمات راقية يفوق توقعات العملاء واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتوفر على العملاء مصروفات الصيانة بتكاليف أقل بين 20% و 30% من مصاريف الصيانة السنوية المتعلقة بالكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات؛ عن طريق استخدام عدادات ذكية وأدوات تمكننا من التحكم عن بُعد في إنارة أعمد الإنارة في الشوارع ووسائل ري الحدائق العامة والخاصة أيضًا.
ـــ في ظل بناء العاصمة الإدارية الجديدة.. كيف ترون واقع ومستقبل التنمية العقارية؟
أهم الملامح التي تميز العاصمة الإدارية الجديدة أنها ستكون من الجيل الرابع من المدن؛ حيث يوجد بها مستوى متقدم من التكنولوجيا؛ ما يحقق التكامل مع المشروعات المجاورة في المنطقة؛ لأن هذا الجيل الجديد من المدن يولي اهتمامًا كبيرًا لشكل وجودة وطبيعة الحياة في المستقبل.
ـــ لماذا الاهتمام بريادة الأعمال؟ وما أهم الخدمات في هذا المجال؟
تولي “تطوير مصر” اهتمامًا خاصًا بالتعليم وريادة الأعمال؛ إذ نؤمن بأن التنمية العمرانية لابد أن تكون مستدامة اقتصاديًا، فقمنا برعاية أنشطة وفاعليات، من بينها تقديم مبادرات ومسابقات وجوائز للابتكار ودعم رواد الأعمال.
كذلك، فإن “تطوير مصر” هي الراعي الرئيس لفاعليات الأسبوع العالمي لريادة الأعمال خلال الثلاثة أعوام الماضية، كما وقعت الشركة في العام الماضي اتفاقية لرعاية أنشطة وفاعليات هذا الأسبوع لمدة 3 أعوام أخرى.
ومن خلال أنشطتنا وعلاقاتنا على المستوى الدولي، تمكنت “تطوير مصر” من إقرار يوم عالمي جديد للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الأمم المتحدة تحت رعاية المجلس الدولي للمشروعات الصغيرة (ICSB).
وها نحن نشارك في المؤتمر الدولي للمشروعات الصغيرة 2019 (ICSB) الذي يقام لأول مرة بالقاهرة، باعتبار “تطوير مصر” هي الراعي البلاتيني للحدث، وكمشارك في بعض الجلسات خلال المؤتمر.
– كيف ترون واقع ريادة الأعمال في مصر؟
شهدت مصر تطورًا ملحوظًا واهتمامًا غير مسبوق بملف ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة في الفترة الأخيرة؛ نظرًا لما سيحدثه من نقلة نوعية في نمو الاقتصاد الوطني والحد من البطالة وتمكين الشباب، فريادة الأعمال هي المحرك الرئيس للنمو، خاصة أن شريحة الشباب أقل من 30 سنة تمثل 61% من إجمالي التعداد السكاني.
إننا في مصر نريد تطوير منظومة مناسبة لاحتضان ريادة الأعمال؛ مثل العديد من دول العالم الأخرى، ولكن لدينا تحديات في الأطر القانونية والتمويل وغيرها، وتعمل الدولة على إيجاد حلول لها في قانون الاستثمار الجديد وما تضمنه من حوافز ضريبية لدعم مشروعات الشباب، وقانون رأس المال لحماية المستثمر الصغير وغيرها من الجهود والإنجازات التي تمت بنجاح.
-كيف ترون الدعم الحكومي المقدم لرواد الأعمال؟
ما لا شك فيه أن هناك اتجاهًا رئاسيًا وحكوميًا لدعم ريادة الأعمال في مصر، فلقد شهدنا في الثلاث سنوات الأخيرة مبادرات مختلفة وإجراءات تشريعية وتنفيذية من قبل وزارات الاستثمار، التخطيط، والتجارة والصناعة، وغيرها لدعم وتمكين رواد الأعمال في شتي المجالات، كما رأينا تكامل القطاع الخاص مع القطاع العام لدعم هذه الرؤية إيمانًا منهم بأهمية هذا الملف للنهوض بالاقتصاد المصري، وثقتهم في أن رواد الأعمال هم أحد المحركات الأساسية للاقتصاد المصري.
– ما أهم نصائحك لرواد الأعمال الشباب؟
أن يجتهد كل مبدع في مجاله لتحقيق رؤيته علي أرض الواقع، فمصر الآن تفتح مصراعيها لرواد الأعمال وتمكنهم؛ لثقتها في قدراتهم الكامنة، وأصبحت هناك فرص مختلفة من دورات تدريبية ومسابقات وبعثات مقدمة من قبل الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص؛ ولذلك يجب علي كل رائد أعمال أن يسعى للوصول إلى هدفه واغتنام هذه الفرص.
إنني أدعو طلبة وخريجي أقسام التسويق والهندسة المعمارية بالجامعات المصرية للاشتراك في مسابقة الابتكار السنوية التي تنظمها تطوير مصر لاكتشاف الأفكار الإبداعية، وتحديد كيفية دعمها وتحويلها إلى إنجاز على أرض الواقع.