في الأيام الأخيرة شهدت برامج التنمية الدولية انتكاسات كبيرة. وكان آخرها الوضع المضطرب الذي تعرضت له الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وبما إن التزامات تمويل المناخ التي تم التعهد بها في مؤتمرات الأطراف الأخيرة لم تتحقق بالكامل. اتجه سوق الكربون إلى الاستثمار الأموال لتسريع العمل المناخي بين الفئات السكانية الضعيفة.
وجاءت هذة الخطوة نتيجة تغيرات غير مسبوقة من الإدارة الأمريكية الجديدة لوقف معظم برامج المساعدات الخارجية مؤقتًا. ما يجعل الأنظار تتجه إلى وجود بدائل للبرامج التي كانت تتعهد بتناولها الوكالة. وعلى رأسها دور الكربون في تمويل أزمة المناخ.
قرارات مجلس النزاهة لسوق الكربون الطوعي
أيضًا إن قرار مجلس النزاهة لسوق الكربون الطوعي “ICVCM” بمواصلة تأخير الموافقات على منهجيات أرصدة مواقد الطهي النظيفة هو تذكير بالتوترات المعقدة في أسواق الكربون. والتي تتطلب وضع معايير صارمة لمعالجة تعثر الثقة في السوق والحاجة الملحة للعمل على توسيع نطاق الحلول المناخية العادلة.
مما لا شك فيه أنه من الحكمة أن تمتلك الحكومات التفويض والشرعية لإدارة سياسات وتنظيمات عادلة ومتجاوبة وشفافة وشاملة. ومن الناحية المثالية ضمن أطر تنظيمية عالمية.
أما في الوقت الحالي، ومع انفتاح فرص السوق، من المرجح أن تلعب المعايير وأطر الجودة لكل من أسواق الكربون الممتثلة والطوعية دورًا مهمًا.
وفي السياق ذاته، تستهدف مبادئ الكربون الأساسية التي وضعها المركز الدولي لتغير المناخ. والتي تم تطويرها بمدخلات من مئات المنظمات. توفير معيار لأرصدة الكربون عالية التكامل. كما تظل موافقتها على منهجيات ائتمان مواقد الطهي مهمة لأسواق الكربون لتحقيق تأثير حقيقي ودائم.
نتائج القرارات
من أهم النتائج في هذا الشأن هو الحدث الجانبي الرسمي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الذي شاركنا في وكالة التنمية الهولندية SNV في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين حول تصميم مشاريع الطهي النظيف عالية الجودة والمنصفة.
وقد اتفقت أصوات رائدة من الحكومات والمنفذين ومطوري مشاريع الكربون والمستثمرين على أنه في حين أن المعايير العالية ضرورية. إلا أن تمويل الكربون يجب أن يكون منظمًا لتحقيق فوائد ملموسة على أرض الواقع. خاصة بالنسبة للفئات السكانية الضعيفة.
أما في حالة عدم الحصول على توجيهات واضحة من المركز الدولي لإدارة النفايات، سيظل المستثمرون مترددين وستظل المشاريع الحيوية معرضة لخطر التوقف. حيث إن 2.6 مليار شخص على مستوى العالم لا يزالون يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى الطهي النظيف.
علاوة على ذلك، يتوفى ما يصل إلى أربعة ملايين شخص كل عام بسبب الأمراض المرتبطة بالتعرض للدخان المنبعث من النيران المكشوفة أو المواقد غير الفعالة.
دعم الشركات في توظيف الكربون
كما يسعى العديد من شركاء التنمية العالميين، بما في ذلك منظمة SNV، من خلال المشاريع – الممولة من الكربون أو غير ذلك – إلى المساهمة في إحداث تأثيرات ملموسة وطويلة الأمد من خلال التغيير المنهجي الذي تحركه أولويات السكان الذين نعمل معهم.
وعلى سبيل المثال، يدعم برنامج SNV، بالشراكة مع برنامج EnDev – وهو برنامج متعدد المانحين تموله حاليًا حكومات ألمانيا وهولندا والنرويج وسويسرا – والوكالة البريطانية للتنمية الدولية، نهجًا مدفوعًا بالسوق للطهي النظيف في العديد من البلدان. بما في ذلك تنزانيا. حيث يعتمد أكثر من 90 % من السكان البالغ عددهم نحو 66 مليون نسمة على الكتلة الحيوية كوقود أساسي للطهي.
من ناحية أخرى، يعمل برنامج مواقد الطهي المحسنة في تنزانيا على تعزيز سلاسل التوريد المحلية. ذلك عبر توسيع نطاق المواقد الخزفية المحسنة للأسر المعيشية وبائعي المواد الغذائية. ما أدى حتى الآن إلى توسيع نطاق الحصول على طاقة الطهي الحديثة لـ 1.3 مليون شخص.
استخدام الكربون في تمويل أزمة المناخ
وفي السياق ذاته، دعمت آلية تمويل قائمة على النتائج لمنتجات الطاقة الشمسية الكهروضوئية البيكو-فولتية “picoPV” وصول الكهرباء إلى 288,377 شخصًا و220 مؤسسة متوسطة وصغيرة الحجم في المجتمعات المحلية خارج الشبكة.
ولكن مع تعثر الثقة في أسواق الكربون، قد تواجه مشاريع كربون الطهي النظيف تحديات متزايدة في تأمين الدعم اللازم لتوسيع نطاق تأثيرها.
كما هدد التأخير في اتخاذ القرار بمنع المشاريع من تحقيق كامل إمكاناتها في توفير إمكانية الوصول إلى الطهي النظيف للمجتمعات التي يصعب الوصول إليها.
من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي عدم اليقين المستمر المتعلق بقرارات اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ – إلى مزيد من التأخير في إحراز التقدم.
ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، يظل من الأهمية أن تتخذ الآلية الدولية قرارات مدروسة وفي الوقت المناسب. ذلك بشأن منهجيات أرصدة الكربون لأغراض الطهي النظيف.
أيضًا إن خطر التأخير المستمر، لا يكمن فقط في أن سوق الكربون قد يفوت فرصة حاسمة لتمويل تكنولوجيات الطهي الأنظف؛ بل أيضًا في أنه قد يفقد ثقة المشترين الذين يتزايد حذرهم من المطالبات المبالغ فيها والائتمانات ذات الجودة المنخفضة.
المقال الأصلي: من هنـا