في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني، ذكرى توحيد هذا الكيان العظيم على يد الملك عبد العزيز آل سعود. وفي هذا العام تتزامن احتفالات اليوم الوطني 95 مع حقبة تاريخية حافلة بالنجاحات والإنجازات التي رسّخت مكانة المملكة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
ويأتي الاحتفال تحت شعار “عزّنا بطبعنا”، الذي يجسد أصالة الهوية السعودية وعمقها، ويؤكد القيم والمبادئ التي قادت مسيرة التنمية والتقدم.
تتجاوز احتفالات ذكرى اليوم الوطني 95 كونها مجرد مناسبة وطنية للاحتفاء بالماضي، بل تمثل محطة تأمل في الحاضر واستشرافًا للمستقبل.
ويتزامن هذا العيد الوطني مع إنجازات نوعية حققتها المملكة في مختلف القطاعات؛ ما يعكس العمل الدؤوب والمستمر لتحقيق مستهدفات رؤية 2030.
سياحة مزدهرة وقطاع رقمي رائد
حقّق برنامج «صيف السعودية 2025» أرقامًا قياسية في المؤشرات الأولية للسياحة. فبعد أشهر من إطلاقه أعلنت وزارة السياحة أن عدد السياح من الداخل والخارج في جميع وجهات السعودية تجاوز 32 مليون سائح. مسجلًا نموًا استثنائيًا بنسبة 26% مقارنة بالموسم الماضي.
هذه الأرقام تؤكد فاعلية الإستراتيجية السياحية للمملكة، وقدرتها على جذب الزوار من مختلف أنحاء العالم؛ ما يجعل قطاع السياحة محركًا أساسيًا للتنوع الاقتصادي.
كما تكمن أهمية هذا النجاح في أن الإنفاق السياحي سجل خلال الموسم نحو 53.2 مليار ريال (14.18 مليار دولار)، محققًا نموًا بنسبة 15% عن صيف العام الماضي.
وتعكس هذه الزيادة في الإنفاق جودة الخدمات والتجارب السياحية المقدمة، وتدل على أن المملكة أصبحت وجهة سياحية عالمية بامتياز.
في حين حققت منطقة عسير نموًا استثنائيًا بعدد السياح القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 49%. ما يبرز جاذبية مناطقها الطبيعية.
قفزة في مؤشر الاتصالات وجذب للاستثمارات
لم يقتصر الإنجاز على السياحة فحسب، بل حققت المملكة المركز الأول عالميًا في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية 2025، الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات. والذي يرصد الاقتصادات الرقمية في 164 دولة.
ويعد هذا الإنجاز مؤشرًا واضحًا على التقدم الهائل الذي أحرزته المملكة في خدمات الاتصالات والتقنية، وتفوقها على دول متقدمة كانت تعد سبّاقة في هذا المجال؛ ما يضعها في مصاف الدول الأكثر تقدمًا واستعدادًا للمستقبل الرقمي.
وبالتوازي مع ذلك شهدت السعودية قفزة نوعية في جاذبية بيئتها الاستثمارية. إذ ارتفع عدد الشركات التي اتخذت من المملكة مقرًا إقليميًا لها إلى ما يقارب 600 شركة؛ ما يؤكد ثقة كبرى الشركات العالمية في الاقتصاد السعودي.
بينما يعكس هذا النمو المتسارع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بيئة اقتصادية محفزة وفرصًا استثمارية متنوعة في مختلف القطاعات. إلى جانب الإصلاحات التي أسهمت في رفع تنافسية السوق المحلية ضمن رؤية 2030.
تحول اقتصادي بقيادة القطاع الخاص
علاوة على ذلك يعد تضاعف إجمالي الاستثمار في المملكة ليصل إلى 1.2 تريليون ريال، ليشكل ما نسبته 30% من حجم الاقتصاد السعودي، دليلًا قاطعًا على قوة الاقتصاد ومستقبله الواعد.
هذا التضاعف الاستثماري الهائل لم يكن مدفوعًا فقط بالجهات الحكومية، بل جاء 72% منه من القطاع الخاص؛ ما يبرهن على دوره المحوري في تحقيق أهداف رؤية 2030.
كذلك تظهر هذه الأرقام أن محفظة وشركات صندوق الاستثمارات العامة لا تمثل سوى 13% من إجمالي الاستثمار؛ ما يؤكد أن المملكة قد أصبحت وجهة استثمارية عالمية قوية بفضل بيئتها الاقتصادية المحفزة، وتنوع الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات.
فيما يعكس هذا الحراك الاقتصادي الثقة الكبيرة التي يوليها المستثمرون المحليون والعالميون في الاقتصاد السعودي واستقراره على المدى الطويل.
الحكومة الإلكترونية وتقدم رقمي غير مسبوق
من ناحية أخرى حققت المملكة العربية السعودية إنجازًا رقميًا غير مسبوق بتقدمها 25 مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية 2024، لتصبح أول دولة من الشرق الأوسط تدخل قائمة أفضل عشر دول عالميًا.
كما يعكس هذا الإنجاز التطورات النوعية التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة؛ حيث تجاوزت كبرى الاقتصادات العالمية. وحلت في المرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين، والسادسة عالميًا من بين 193 دولة.
بينما يأتي هذا التقدم ليثبت الجهود الحثيثة التي تبذلها الجهات الحكومية لتقديم خدمات رقمية متطورة وسهلة الوصول للمواطنين والمقيمين.
ووفقًا لإحصائيات السعودية الرقمية حققت المملكة تقدمًا كبيرًا في المؤشرات الفرعية. إذ جاءت في المرتبة الثانية عالميًا في الخدمات الحكومية الرقمية ضمن دول العشرين. كما تقدمت 53 مرتبة في مؤشر البنية التحتية للاتصالات منذ إطلاق رؤية 2030، وهو ما يظهر كفاءة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية.
ريادة في الذكاء الاصطناعي وسلامته
تتواصل إنجازات المملكة في المجال التقني فبفضل رؤيتها الإستراتيجية نالت المرتبة 11 عالميًا من 40 دولة في العالم. والأولى عربيًا وإقليميًا في سلامة الذكاء الاصطناعي وفقًا للمؤشر العالمي لسلامة الذكاء الاصطناعي (GAISI).
علاوة على ذلك يعكس هذا التصنيف المتقدم مدى نضج المملكة في مجال حوكمة وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي. كما يؤكد التزامها بضمان استخدام هذه التقنية بشكل مسؤول وآمن.
هذا الإنجاز، الذي أُعلن عنه في مؤتمر الذكاء الاصطناعي في العلوم والمجتمع بباريس، يضع المملكة في موقع ريادي بهذا المجال المستقبلي.
إضافة إلى ذلك تهدف الجهود المبذولة، بالتعاون مع جهات دولية متخصصة، إلى تقييم نضج الدول في مجال سلامة الذكاء الاصطناعي؛ ما يعكس وعي المملكة بالتهديدات المحتملة لهذه التقنية، وسعيها لتقديم حلول مبتكرة لضمان استخدامها بشكل يحقق الفائدة القصوى للمجتمع.