لا تنفك المملكة العربية السعودية تواصل السير نحو تحقيق نقلة نوعية حقيقية على شتى الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، والتحول إلى اقتصاد ما بعد النفط، وما مشروع الهيدروجين الأخضر إلا أحدث تجليات مساعي المملكة في هذا السبيل.
وسعت شركة نيوم؛ من خلال إطلاق مشروع الهيدروجين الأخضر، إلى الوصول لمجتمع خال من الكربون؛ ما قد يسهم في صنع فرص عيش بديل مثالية، وهي تلك الرؤية التي يطمح إليها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، فضلًا عن تحقيق الريادة السعودية في إنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود الأخضر عالميًا.
وهو ما سيجعل شركة نيوم الوجهة الأهم دوليًا في تقديم الحلول المستدامة، وسوف يساعد مشروع الهيدروجين الأخضر في تحقيق أهداف “رؤية 2030″، ناهيك عن دعم الاقتصاد الوطني للمملكة وتنويع مصادره بعيدًا عن النفط، ومساعدة المملكة، أيضًا، في التصدي للتغير المناخي، وتحديات المناخ العالمية؛ من خلال خفض الانبعاثات الكربونية.
اقرأ أيضًا: الطاقة النظيفة.. المملكة على أعتاب تحول جديد
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
الهيدروجين الأخضر هو ذلك الذي يتم إنتاجه بطريقة صديقة للبيئة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة؛ عبر عملية فصل جزيئات الهيدروجين عن الأكسجين الموجودة في الماء؛ عن طريق عملية التحليل الكهربائي التي تتطلب طاقة كهربائية عالية تأتي من مصادر نظيفة ومتجددة.
وسيتم استخدام الكهرباء القادمة من مصادر متجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية؛ لفصل جزيئات الأكسجين عن الهيدروجين الموجودة في المياه، ومن ثم استخدام الهيدروجين الناتج عن هذه العملية مباشرة.
وسينتج المشروع 650 مليون طن يوميًا من الهيدروجين الأخضر، ومن المتوقع أن يكون جاهزًا مطلع عام 2025، وسيوفر الوقود النظيف للعديد من السيارات والشاحنات والحافلات والسفن.
أما فيما يتعلق بنقل وتصدير الهيدروجين الأخضر فبالإمكان نقله لمسافات قصيرة عن طريق شاحنات مخصصة لذلك؛ ولكن بالنسبة للمسافات البعيدة ستكون السفن والأنابيب هي الأنسب؛ ونظرًا لعدم وجود سفن خاصة الآن لنقل الهيدروجين فسوف يتم تصديره عبر تحويله إلى مادة الأمونيا والتي يسهل نقلها على سفن مخصصة لذلك.
اقرأ أيضًا: أرامكو السعودية واستشراف المستقبل التقني
شراكة ثلاثية
وكانت شركة نيوم أعلنت، في وقت سابق، توقيع اتفاقية شراكة مع شركتي “إير بروداكتس” و”أكوا باور” بقيمة خمسة مليارات دولار؛ لبناء منشأة في منطقة نيوم لإنتاج الهيدروجين الأخضر بطريقة صديقة للبيئة، وتصديره إلى السوق العالمية؛ بغرض توفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي؛ ولمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال حلول عملية لتخفيض الانبعاثات الكربونية.
وسيعتمد المشروع المشترك على تكنولوجيا مثبتة الفعالية، وعالمية المستوى، وسيجمع _بشكل متكامل_ بين توليد ما يزيد على أربعة جيجا وات من الطاقة المتجدّدة المستمدّة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتخزين، بالإضافة إلى إنتاج الهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي، باستخدام تقنية “thyssenkrupp”، وإنتاج النيتروجين عن طريق فصل الهواء باستخدام تقنية “إير بروداكتس” المثبتة في هذا المجال، وإنتاج الأمونيا الخضراء باستخدام تقنية HaldorTopsoe”.
وتُعد هذه الشراكة دليلًا على إيمان المستثمرين من داخل المملكة وخارجها برؤية مشروع نيوم وأهدافه الاستراتيجية التي ستسهم في تحقيق طموحات مجلس إدارة “نيوم” لرسم مستقبل جديد مزدهر ومستدام للمجتمعات البشرية.
وذكر المهندس نظمي النصر؛ الرئيس التنفيذي لشركة نيوم، أن «مشروع الهيدروجين الأخضر هو الأكبر من نوعه عالميًا، وتكمن أهميته في اتساقه مع جهود نيوم لتحقيق الريادة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود الأخضر عالميًا؛ ليكون نقطة محورية في رحلة نيوم لتصبح الوجهة الأهم دوليًا في تقديم الحلول المستدامة بطريقة تجذب المستثمرين وأفضل العقول من كل العالم لتسريع التطور البشري».
ويُعتبر مشروع الهيدروجين الأخضر، وفقًا لشركة نيوم، هو الاستثمار الأجنبي الأول، وسيعطي مؤشرات لكبار المؤسسات التمويلية الدولية حول جاهزية الشركة لاستقطاب المستثمرين الدوليين والوطنيين؛ حيث تسعى «نيوم» لتحقيق الريادة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود النظيف عالميًا الذي سيجعلها الوجهة الأهم دوليًا في تقديم الحلول المستدامة.
اقرأ أيضًا: «مسك الخيرية».. من الثقافة إلى ريادة الأعمال
مسؤولية بيئية
ولعل أكثر ما يلفت في مشروع الهيدروجين الأخضر، ليس فقط سعي المملكة للحاق بركب الموجة العالمية التي تهدف إلى إنتاج واستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، ولا وعيها بخطر شح الموارد الحيوية الذي يهدد كوكب الأرض برمته، وإنما، فوق ذلك كله، كون المشروع أحد أبرز تجليات المسؤولية البيئية للمملكة؛ فالهدف هنا ليس مجرد جلب الربح واستقطاب رؤوس الأموال، وإنما الحفاظ على البيئة، وضمان عدم إلحاق الضرر بشكل عام.
فمشروع الهيدروجين الأخضر سيعمل كمصدر للطاقة النظيفة المطبقة على نطاق واسع؛ ليحد بذلك من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بمعدل يقارب ثلاثة ملايين طن سنويًا، والقضاء على انبعاثات الضباب الدخاني والملوثات بما يعادل ما تنتجه نحو 700 ألف سيارة.
ومن المتوقع، أن توفر صناعة الهيدروجين الكثير من الفرص الصناعية، والعملية للمواطنين في مجال إنتاج الصناعات التحويلية، والطاقة المتجددة، فضلًا عن تعزيز قدرات المملكة الصناعية للتعاون، والعمل مع جميع دول العالم المتقدم بكل يسر، وسهولة في إنتاج الطاقة النظيفة.
اقرأ أيضًا:
دعم المملكة لرواد الأعمال الشباب.. الطريق لمستقبل أفضل
مجلس ريادة الأعمال الرقمية.. خطوة لدعم القطاع وتذليل العقبات
نيوم.. مدينة المستقبل وأرض الأحلام