المدير هو واجهة المؤسسة، وهو مسؤول اجتماعيًا على نحوين؛ الأول داخل حدود الشركة ذاتها، والثاني في الحياة بشكل عام، وعلى ذلك فإن المسؤولية الاجتماعية للمدراء أبعد من مجرد التزام وظيفي أو مجرد القيام ببعض الأعمال الروتينية.
والحق أن المسؤولية الاجتماعية للمدراء لن تتحقق إلا إذا كان هؤلاء المدراء أنفسهم مقتنعين بحق المجتمع على الجميع (الشركة، والأفراد.. إلخ)، وأن الجميع مسؤول عن المسؤولية الاجتماعية ومستفيد منها.
لا مانع من أن يكرس المدراء أنفسهم من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب لأصحاب المصلحة _هذا أصلًا جزء من عملهم_ لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإضرار بالمجتمع ككل. ثم على المدارء، إن كانوا حقًا مسؤولين اجتماعيًا، أن يكونوا ذوي بعد نظر؛ فما يفيد أصحاب المصلحة فقط قد يضر بالمجتمع وبأصحاب المصلحة أنفسهم فيما بعد.
اقرأ أيضًا: السياحة المستدامة والمسؤولية الاجتماعية
المسؤولية بالقدوة
وعلى الرغم من أن المسؤولية الاجتماعية للمدراء لم تحظ بكبير اهتمام من قِبل الأدبيات النظرية والأكاديمية في هذا المجال، إلا أننا لو أمعنا النظر لألفينا أن كل نشاط اجتماعي، خيري، وتطوعي تقوم به أي مؤسسة إنما ينبع مبدأه من أحد المدراء.
فقد يقترح المدير الفكرة _فكرة العمل/ النشاط الخيري أو التطوعي_ وربما يتولى هو الإشراف عليها، وقد يقيّم نتائجها فيما بعد، ويقترح أفضل الطرق من أجل الحصول على نتائج أفضل فيما بعد.
وفوق هذا كله فإن المدير هو قدوة موظفيه، ومن هنا تأتي المسؤولية الاجتماعية للمدراء على الصعيد الداخلي في المؤسسة؛ فإذا كان المدير ملتزمًا من الناحية الاجتماعية، ويقوم بالأدوار المنوطة به على صعيد المسؤولية الاجتماعية الداخلية فالمؤكد أن موظفيه سيحذون حذوه ويقلدونه.
اقرأ أيضًا: اقتصاد النظم البيئية.. جسر بين العلوم والتخصصات
وعلاوة على هذا فإن المدير هو صورة الشركة وواجهتها _وهنا تأتي المسؤولية الاجتماعية للمدراء على الصعيد الخارجي_ وممثلها أمام المجتمع، فالمجتمع المحيط لا يعرف الشركة إلا من خلال مدرائها الذين يراهم فاعلين في المجالات التطوعية والخدمية المختلفة.
ومن هنا يمكن القول إن المسؤولية الاجتماعية للمدراء سلاح ذو حدين أو، وهذا أدق، قد تؤدي إلى نتائج جد مختلفة، فطالما أن المدير هو واجهة الشركة وممثلها أمام المجتمع، فإن كل أفعاله _الحسن منها والسيئ_ ستُحسب على الشركة، وهذا ما يعظّم من مسؤولية المدير تجاه شركته هذه المرة وليس تجاه المجتمع.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية.. تحقيق حول نظرية الواجب
تجليات المسؤولية الاجتماعية للمدراء
ويرصد «رواد الأعمال» أبرز تجليات المسؤولية الاجتماعية للمدراء وذلك على النحو التالي..
-
التدبير الاحترازي
إذا استمرت المنظمة في التعامل مع القضايا الاجتماعية الآن فإنها ستعمل على إخماد الحرائق الاجتماعية، أما إذا أهملت هذه المشكلات الاجتماعية، ولم تقم بمسؤوليتها تجاه المجتمع، فقد تحدث الكثير من القلاقل بحيث لا يتبقى وقت لتحقيق أهداف الشركة المتمثلة في إنتاج السلع والخدمات.
من الناحية العملية يكون التعامل مع القضايا الاجتماعية أكثر فعالية من حيث التكلفة قبل أن تتحول إلى كارثة تستهلك جزءًا كبيرًا من الوقت والموارد.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الطوعية للشركات.. أي دور للخيارات العقلانية؟
-
الالتزام الأخلاقي
يمكن النظر إلى المسؤولية الاجتماعية للمدراء باعتبارها موقفًا مناسبًا من الناحية الأخلاقية. فالمدير الملتزم اجتماعيًا _ومن ورائه مؤسسته ككل_ هو ذاك الشخص الملتزم التزامًا طوعيًا بحل شتى المشكلات التي قد يتعرض لها المجتمع المحيط بشركته أو الذي تعمل فيه.
-
بيئة تنظيمية أفضل
المنظمة الأكثر استجابة لتحسين نوعية الحياة الاجتماعية، والتي تتوفر على مدراء ملتزمين من الناحية الاجتماعية، ستكون لديها بالتالي بيئة عمل أفضل يمكن أن تؤدي فيه عملياتها التجارية. علاوة على أن توظيف الموظفين سيكون أسهل _سمعة المدراء تسبقهم على أي حال_ وستكون فرص الحصول على الموظفين الأكفاء عالية.
ووجود المدير المسؤول اجتماعيًا سوف يقلل من معدلات الدوران الوظيفي والتغيب عن العمل، وبسبب كل التحسينات الاجتماعية التي يقوم بها المدراء الملتزمون اجتماعيًا سيكون هناك معدل جريمة منخفض، وبالتالي سيتم إنفاق أموال أقل في شكل ضرائب وحماية المجتمع بشكل عام.
اقرأ أيضًا:
المسؤولية الاجتماعية في البنوك.. بناء ثقة المستهلكين
كيف تجعل مشروعك صديقًا للبيئة؟