تتسم المرحلة الحالية من تاريخ كوكبنا الأرضي المنهك بالشح والندرة في الموارد الحيوية، ومن هنا كان التوجه صوب الطاقة المتجددة والعمل على استخدام أنواع الطاقة النظيفة هو السبيل الوحيد المتاح أمامنا حاليًا.
والمتأمل لمثل هذا الواقع يشعر وكأن كوكب الأرض صار، أو سيصير عما قريب، غير صالح للعيش، وأن ما فيه من موارد لن يلبي حاجات الأجيال القادمة، ومن هنا فإن التنمية المستدامة هو نوع من المسؤولية الاجتماعية تجاه الآتين من بعدنا؛ إذ إن جوهر التنمية المستدامة هو ترشيد استخدام الطاقة المتجددة؛ أملًا في ادخارها للأجيال القادمة.
اقرأ أيضًا: معهد الملك سلمان لريادة الأعمال.. نحو تعزيز الاقتصاد المعرفي
رؤية المملكة والطاقة
انتهجت المملكة العربية السعودية استراتيجية لافتة فيما يخص موضوع الطاقة المتجددة؛ لأنها تدرك أهمية مصادر الطاقة التقليدية، في الوقت الراهن على الأقل؛ ولذلك قررت أن تسير في هذا المجال سيرًا ممنهجًا ومدروسًا؛ فهي تعمل في المسارين على حد سواء.
أي أنها تحاول تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، وتنويع مصادرها الاقتصادية، وفي الوقت ذاته تتوجه _وبعزم لا يلين_ نحو الطاقة المتجددة، وأطلقت، مؤخرًا، المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في المملكة؛ والذي يهدف إلى إنتاج أكثر من 1400 ميجاوات.
وتضم المرحلة الثانية من البرنامج 6 مشاريع موزعة على فئتين؛ الأولى تشمل مشروعين لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية من محطتي رفحاء والمدينة المنورة، فيما تضم الفئة الثانية 4 مشاريع؛ هي: محطة الفيصلية لإنتاج 600 ميجا وات، محطتا جدة ورابغ بطاقة توليدية تبلغ 300 ميجا وات لكل منهما، وأخيرًا محطة القريات لتوليد 200 ميجا وات.
ويأتي البرنامج الوطني للطاقة المتجددة كمبادرة استراتيجية تحت مظلة رؤية 203 م، ومبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، التي تم إطلاقها في أبريل 2017.
ويهدف البرنامج الوطني للطاقة المتجددة إلى الزيادة المستدامة لحصة الطاقة المتجددة من إجمالي مصادر الطاقة في المملكة للوصول إلى 3.45 جيجا وات بحلول عام 2020، أي ما يعادل 4% من إجمالي إنتاج المملكة من الطاقة، و9.5 جيجا وات بحلول عام 2023، أي ما يعادل 10% من إجمالي إنتاج المملكة من الطاقة.
اقرأ أيضًا: وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وجهود حثيثة لدعم التوطين
أبرز مشاريع الطاقة المتجددة في العالم
والحق أن المملكة ليست وحدها من قرر السير في ركاب الطاقة المتجددة، وإنما هناك حراك عالمي فيما يخص هذا التحول، ويتطرق «رواد الأعمال» إلى أبرز مشاريع الطاقة المتجددة في العالم وذلك على النحو التالي:
-
مشروع Ivanpah:
يقع هذا المشروع في صحراء موهافي جنوب غرب لاس فيجاس، ويعتبر نظام Ivanpah لتوليد الطاقة الكهربائية نظامًا شمسيًا حراريًا.
يمتد المشروع على مساحة 3500 فدان، ويضم 173500 مرآة تعمل على تركيز طاقة الشمس باتجاه مراجل تقع فوق ثلاثة أبراج للطاقة الشمسية.
ويعتبر مشروع Ivanpah (الذي أنشأته وتملكه شركات: NRG Solar وGoogle وBrightSource Energy) أكبر مشروع لتوليد الطاقة الشمسية الحرارية في العالم خلال الوقت الحالي.
-
مشروع ورزازات في المغرب:
يقع هذا المشروع في ورزازات بوسط المغرب، ويعتبر أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم باستخدام الخلايا الكهروضوئية، مستفيدة من أشعة الشمس في الصحراء.
-
مشروع سكاكا:
أحرزت السعودية تقدمًا في أعمال تشييد مشروع سكاكا للطاقة الشمسية في منطقة الجوف، شمال غرب البلاد؛ أول مشروعاتها للطاقة المتجددة، بتكلفة تصل إلى نحو 300 مليون دولار، ما يوفر نحو 930 فرصة عمل في مراحل الإنشاء والتشغيل والصيانة، وسط توقعات بإسهام المشروع بنحو 120 مليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي.
وتمتد محطة سكاكا على مساحة تزيد على 6 كيلو مترات مربعة، وهو أول مشروع ضمن سلسلة مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة التي جرى إطلاقها في إطار البرنامج الوطني للطاقة المتجددة الرامي إلى تحقيق رؤية السعودية للطاقة المتجددة بإنتاج 58.7 جيجا وات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
-
محطة الطاقة الشمسية في الإمارات
تعكف هيئة كهرباء ومياه دبي على إنشاء مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، في موقع واحد وفق نظام المنتج المستقل بإجمالي استثمار يبلغ 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار)؛ بهدف تخفيض أكثر من 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويًا.
ويتضمن المشروع تشييد أطول برج شمسي في العالم، بارتفاع يصل إلى 260 مترًا، بقدرة إنتاجية ستبلغ 800 ميجا وات بحلول عام 2020، وستصل إلى 5 آلاف ميجا وات بحلول عام 2030.
وفي عام 2019 أطلقت إمارة دبي استراتيجيتها للطاقة النظيفة، وتتلخص في الدخول إلى العام 2030، وهي قادرة على توفير 25% من الطاقة النظيفة من طاقة الشمس، و7% من الطاقة النووية، و7% من الفحم النظيف، و61% من الغاز، بالإضافة إلى تحويل 80% من نفاياتها إلى طاقة.
-
محطة SeaGen
هي أول محطة تجارية في العالم لتوليد الكهرباء من طاقة المد والجزر، وتم إنشاؤها في عام 2008 وتقع في ميناء مضيق سترانغفورد في البحر الإيرلندي، ويمكن لهذه المحطة توفير الكهرباء لحوالي 1500 منزل.
يتم توليد هذه الطاقة من اثنين من العجلات الدوارة الكبيرة تحت الماء مدفوعة بتيارات مائية قوية لمدة 20 ساعة يوميًا، في المد المنخفض والعالي.
-
مشروع شموس النوبة
استمرت مصر، خلال عام 2019، في أعمال تشييد أضخم مشروع للطاقة الشمسية، وجذب المشروع أكثر من ملياري دولار من الاستثمارات.
وانتهت، مؤخرًا، أعمال تشييد ثلاث محطات من المشروع الذي يحمل اسم «شموس النوبة» في مجمع بنبان للطاقة الشمسية في محافظة أسوان. ويصل إنتاج المحطات الثلاث إلى 186 ميجا وات، ويبلغ إجمالي المكونات المستخدمة في المشاريع نحو 600 ألف قطعة.
ويهدف المشروع إلى توليد 752 ميجا وات من الطاقة الكهربائية؛ لإمداد أكثر من 350 ألفًا من السكان بالكهرباء في المرحلة الأولى، وسط توقعات بتقليل انبعاث الغازات الدفيئة عالميًا بأكثر من نصف مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
-
توليد الطاقة من مياه الصرف الصحي
تعتمد مراكز البيانات الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية على توليد الكهرباء لخوادمها من خلال مصادر الطاقة المتجددة بشكل كامل.
ويتم تحويل الغاز الحيوي الناتج عن معالجة مياه الصرف الصحي إلى كهرباء وماء، وتتولى سيمنس تنفيذ هذا المشروع الرائد الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2014 بالتعاون مع مايكروسوفت وشركة “فيولسيل إنرجي”.
-
محطة الرياح في سلطنة عُمان
في عام 2019 أعلنت سلطنة عُمان عن إنشاء أول وأضخم محطة لاستثمار طاقة الرياح لإنتاج الكهرباء في منطقة الخليج العربي، بقدرة إجمالية تصل إلى 50 ميجا وات/ساعة، وبطاقة إنتاج سنوية تصل إلى نحو 160 جيجاوات/ساعة؛ عبر إنشاء 13 توربين رياح.
وتتولى تنفيذ المشروع _الذي تتجاوز كلفته 125 مليون دولار_ في محافظة ظفار، جنوب السلطنة، شركة كهرباء المناطق الريفية التابعة لمجموعة نماء للطاقة المتجددة، بالشراكة مع شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، ويعمل المشروع على تفادي إطلاق 110 آلاف طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
اقرأ أيضًا:
الطاقة في المملكة.. رؤى واقعية واقتصاد مستدام
الاستراتيجية الوطنية للزراعة 2030.. استدامة الموارد الطبيعية للمملكة
دعم المشاريع الناشئة.. تذليل العقبات لمساندة رواد الأعمال