بنى إيلون ماسك شركات أعادت تشكيل صناعات كاملة. من أنظمة السيارات الكهربائية لدى «تسلا». إلى الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام في «سبيس إكس». وصولًا إلى تطوير الحاسوب الفائق الطموح لدى «إكس إيه آي». لكن أحدث توقعاته بشأن مستقبل العمل تُعد من أكثر تصريحاته إثارة للجدل حتى الآن.
فخلال حوار بارز مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك. قال ماسك إن الذكاء الاصطناعي يتطور بسرعة تجعل العديد من الوظائف التقليدية. بما في ذلك الوظائف التقنية عالية المهارة مثل البرمجة. قد تختفي في المستقبل.
كما قال إيلون ماسك:
«سيأتي وقت لن تكون هناك حاجة لأي وظيفة. يمكنك أن تعمل إذا أردت ذلك من أجل الإشباع الشخصي. لكن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا على القيام بكل شيء».
التحول الجذري في أنظمة الذكاء الاصطناعي
كذلك ورغم الجدل الكبير الذي أثاره هذا التصريح. فإنه يتماشى مع التحول الجذري الذي يشهده الذكاء الاصطناعي حاليًا. حيث تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي الضخمة على وحدات معالجة الرسوميات من «إنفيديا». والمنصات السحابية العملاقة التي تديرها «أمازون» و«جوجل».
بالإضافة إلى عمليات التدريب الخاصة بـ«إكس إيه آي». ما يشير إلى عالم لا تكتفي فيه الآلات بالمساعدة في العمل، بل تقوم به بالكامل.
وفي هذا العالم، يقول إيلون ماسك إن المهارة الأهم ليست تعلم البرمجة، بل القدرة على التفكير.
الذكاء الاصطناعي يرفع قيمة الحكم البشري
كذلك خلال «قمة أمان الذكاء الاصطناعي» في المملكة المتحدة، وصف ماسك الذكاء الاصطناعي بأنه «أقوى قوة تخريبية في التاريخ». مشيرًا إلى أنه سيستبدل العملين البدني والمعرفي بسرعة غير مسبوقة.
فالأنظمة الحالية تستطيع بالفعل كتابة شيفرات برمجية جاهزة للإنتاج. وتصميم معدات، وتخطيط سلاسل الإمداد. وإعداد مسودات قانونية، وتحليل الأسواق.
كما تُظهر أدوات مثل Microsoft Copilot، وGoogle Gemini، وMeta AI داخل «واتساب» و«إنستجرام». والنماذج المفتوحة المصدر المدمجة في نظام القيادة الذاتية لدى «تسلا» مدى تقدم الأتمتة.
في هذه البيئة، لم تعد قيمة التنفيذ نادرة. لأن الذكاء الاصطناعي يتولى ذلك. بل أصبحت الندرة في القدرة على توجيهه: أي تحديد المشكلة، تخيل الحلول. تقييم المقايضات، فهم السياق الإنساني، واستخدام الذكاء الاصطناعي كشريك.
كما يرى ماسك أن أنظمة التعليم ركزت لعقود على المهارات التقنية. بينما المستقبل سيكون لمن يجمع بين الأدوات التقنية والإبداع والبصيرة الإستراتيجية والاعتبارات الأخلاقية.
وبذلك، لم تعد البرمجة ميزة تنافسية، بل أصبحت الحد الأدنى.
كيف يتغير المشهد الاستثماري؟
كذلك إذا كان ماسك محقًا. فإن العقد المقبل سيكافئ الشركات التي تعيد ابتكار الصناعات باستخدام الذكاء الاصطناعي.
كما يعكس هذا التحول عالمٌ تصبح فيه الوظائف اختيارية ارتفاع مستويات الأتمتة في كل قطاع.
إذا أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على أداء معظم المهام التقنية المعقدة. وبشكل شبه خالٍ من الأخطاء. فإن الشركات الأقوى ستكون تلك التي:
تبني أو توفر البنية الحاسوبية للذكاء الاصطناعي. أو تطور أدوات تعزز التعاون بين الإنسان والآلة. وتلك التي تعمل في قطاعات تزيد فيها الإنتاجية عبر الذكاء الاصطناعي بدلًا من استبدال البشر
كذلك يبرز هنا أهمية البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. إذ يتطلب تدريب النماذج المتقدمة قدرة حسابية هائلة.
كما أشار إيلون ماسك إلى أن «إكس إيه آي» تحتاج إلى آلاف وحدات المعالجة المتقدمة. ما يعزز الطلب على شركات مثل «إنفيديا». و«AMD» و«Super Micro Computer». المسؤولة عن الخوادم وأنظمة مراكز البيانات.
كما تكتسب منصات التفاعل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي أهمية متزايدة، مثل:
• دمج «مايكروسوفت» الذكاء الاصطناعي في Office وWindows. ودمج «جوجل» Gemini في Workspace وAndroid. وكذلك دفع «ميتا» لمساعدي الذكاء الاصطناعي داخل تطبيقاتها
وفي الوقت ذاته، يحذّر ماسك مرارًا من المخاطر الإلكترونية التي يخلقها الذكاء الاصطناعي. ما يزيد الحاجة إلى تأمين البيانات والهويات.
التوجيه البشري لا التنفيذ التقني
كلما ازدادت قدرات الذكاء الاصطناعي. ازدادت قيمة الحكم البشري. فإذا تحققت توقعات إيلون ماسك. فإن العاملين الأكثر نجاحًا سيكونون من يعرفون «ماذا» يبنون و«لماذا». وليس فقط «كيف».
وبالمثل، ستتفوق الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرات البشرية، لا مجرد خفض التكاليف.
كما سيبرز المستثمرون الذين يركزون على القطاعات المرتبطة مباشرة بالتحول: البنية التحتية، المنصات، الأتمتة، والأمن السيبراني.
كذلك قد يقوم الذكاء الاصطناعي بالعمل، لكن البشر سيظلون من يحدد الغاية. وفي رؤية ماسك للمستقبل، هذه هي «الوظيفة» الأهم.
المصدر: Barchart.com


