حذر الخبراء والمحللون من احتمالية وجود قصور في شرائح الذاكرة. ما يؤثر على صناعات الإلكترونيات الاستهلاكية والسيارات العام المقبل. ذلك بالتزامن مع تركيز الشركات على تلبية الطلب الضخم على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
في السياق ذاته، أشار الرئيس التنفيذي لشركة Semiconductor Manufacturing International Corp (SMIC)، أكبر شركة تصنيع شرائح تعاقدية في الصين، إلى أن المخاوف بشأن نقص شرائح الذاكرة تدفع العملاء إلى تأجيل أو تقليص طلباتهم على أنواع أخرى من الشرائح المستخدمة في منتجاتهم.
كما قال Zhao Haijun، الشريك التنفيذي في SMIC “الجميع متردد في تقديم الكثير من الطلبات أو شحن الكثير في الربع الأول من العام المقبل، حيث لا يعرفون كمية الهواتف المحمولة أو السيارات أو المنتجات الأخرى التي يمكن أن توفرها صناعة شرائح الذاكرة”.
تزايد الطلب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي
وجاءت تحذيرات الخبراء نظرًا لتركيز الشركات على الشرائح المتقدمة المستخدمة في الحوسبة بالذكاء الاصطناعي. ذلك بالتزامن مع تقليص الإنتاج المخصص للمنتجات الاستهلاكية.
وقال Dan Nystedt، نائب رئيس الأبحاث في TriOrient ” يلتهم الطلب على شرائح AI جزءًا كبيرًا من المعروض، ومن المفترض أن يكون 2026 أكبر بكثير من هذا العام من حيث حجم الطلب الكلي”.
كما تعتمد خوادم الذكاء الاصطناعي على معالجات من شركات مثل Nvidia، وهذه المعالجات تحتاج ذاكرة عالية النطاق الترددي (HBM). التي أثبتت أنها مربحة للغاية لشركات مثل SK Hynix وMicron.
وأضاف Nystedt “قد يكون الوضع سيئُا للأجهزة الشخصية، أجهزة الكمبيوتر المحمولة، الإلكترونيات الاستهلاكية، السيارات، التي تعتمد على شرائح ذاكرة منخفضة التكلفة”.
تأثير الأزمة على حركة السوق
علاوة على ذلك، تراجعت صناعة الذاكرة خلال 2023 وأجزاء من 2024. ما تسبب في حدوث أزمة الاستثمار في التوسعة. ذلك على الرغم من بناء شركات الذاكرة قدرات إنتاج جديدة، إلا أن تشغيلها يستغرق وقتُا.
وفي مواجهة القيود على الإمداد، اتجهت شركات الذاكرة إلى رفع أسعار الشرائح.
وأفادت رويترز مؤخرًا أن Samsung Electronics رفعت أسعار بعض شرائح الذاكرة بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بشهر سبتمبر.
كذلك، قال M.S. Hwang، مدير الأبحاث في Counterpoint Research “مع ارتفاع أسعار الذاكرة وتراجع توفرها، تتزايد المخاوف من اختناقات الإنتاج. كما بدا النقص يؤثر بالفعل على الهواتف الذكية منخفضة التكلفة وأجهزة الاستقبال، لكنه قد يمتد ليشمل نطاقًا أوسع”.
وأوضح Hwang أن الصين تشعر بتأثير النقص بشكل أكبر بسبب اعتمادها على الأجهزة منخفضة التكلفة، لكنه أكد أن المشكلة عالمية وليست محلية فقط.
كذلك، توقعت شركة TrendForce للأبحاث السوقية أن الصناعة بدأت في دورة ارتفاع أسعار قوية. ما يجبر أصحاب العلامات التجارية زيادة الأسعار على المستهلكين، ويزيد الضغط على سوق الإلكترونيات الاستهلاكية.
وذكرت TrendForce أن الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ستكون من بين المنتجات الأكثر تأثرًا، بجانب ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب بسبب محدودية المعروض.
توجه الشركات إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
تخطط «ميتا» لإنفاق ما يصل إلى 72 مليار دولار هذا العام على بنية الذكاء الاصطناعي التحتية. وأعلنت الشركة كذلك أن هذا الإنفاق الرأسمالي سيرتفع في العام المقبل. مؤكدةً إستراتيجيتها الطموحة في هذا القطاع. وهذا يدل على أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمثل الآن أولوية مطلقة للقيادة العليا للشركة.
وفي الإطار نفسه صرّح مارك زوكربيرج؛ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، هذا العام بأنه يفضل «المخاطرة بهدر بضع مئات المليارات من الدولارات». على أن تتأخر الشركة في سباق تطوير «الذكاء الفائق».
كما تسجّل أمازون وجوجل ومايكروسوفت وشركات الذكاء الاصطناعي الخاصة، مثل OpenAI. مستويات قياسية غير مسبوقة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي.
مقارنة بالفقاعات التاريخية
ورغم ضخامة هذه الأرقام أوضح شولتز أن الاتجاه الحالي ليس كبيرًا إلى حد مبالغ فيه عند قياسه كنسبة من القيمة السوقية أو الإيرادات في القطاع، مقارنةً بالفقاعات التاريخية.
وبمقارنته بفقاعة السكك الحديدية الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر، قال شولتز: «يبدو الأمر عدوانيًا، لكنه ليس جنونيًا».
وفي مذكرة بحثية صادرة في أكتوبر قدّر محللو «جولدمان ساكس» أن الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة تقل عن 1% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه النسبة أقل بكثير مقارنة بنسبة تراوحت بين 2% و5% خلال الطفرات التكنولوجية السابقة، ومنها توسع السكك الحديدية.
وأدى هذا التوجه إلى محادثات «مثمرة» حول سلامة محطات الطاقة النووية واستخدام محطات التحلية لإنتاج مياه عذبة. واختتم بالقول: «بشكل عام لدى البشرية القدرة على تحقيق قدر أكبر بكثير من الرفاهية والوفرة مما هي عليه الآن».
المقال الأصلي: من هنـا



