تعد أزمة تغير المناخ من أهم قضايا الاستدامة، لكنها تقنية أكثر من اللازم، أو بعيدة عن متناول الأفراد لدرجة تجعل من الصعب الإحساس بأن للمبادرات الفردية تأثيرًا حقيقيًا فيها.
أزمة المناخ تلخص ركائز خطط الاستدامة
خلال السنوات الماضية، ارتبطت القضية بخطاب يركز على خفض الاستهلاك، وتقليل السفر، بجانب التنازل عن بعض جوانب نمط الحياة.
كما يتطلب تفعيل الاستدامة على نطاق واسع، أن تتحول إلى فرصة ومشاركة ومكاسب مشتركة.
يرغب معظم الناس في المساهمة بحماية الكوكب، لكنهم يشعرون بالارتباك ولا يعرفون من أين يبدأون.
فعلى سبيل المثال، تبدو أزمة تغير المناخ أكبر من أن يواجهه الفرد وحده، وأكثر تعقيدًا من أن تحدث فيه الجهود الصغيرة فرقًا ملموسًا.
كذلك، تعد الفجوة بين النية والتأثير أكبر عقبة أمام التقدم. وسدها يتطلب تفكيرًا جديدًا يجعل الاستدامة سهلة وملهمة ومجزية بدلًا من أن تكون مرهقة أو غير مريحة. علاوة على ذلك تظل المصداقية أساس أي تقدم حقيقي.
مبادرات الاستدامة
على سبيل المثال، إن إعادة التشجير على نطاق واسع تتطلب دقة علمية، وإشراك المجتمعات المحلية على المدى الطويل، وتأثير قابل للقياس.
بينما يمثل الغطاء الحرجي ركنًا أساسيًا لاستقرار المناخ، إذ يلتقط الكربون، ويحمي الموارد المائية، ويمنع تآكل التربة، ويصون التنوع البيولوجي، ويدعم سبل عيش المجتمعات.
ورغم ذلك، تتعثر حتى أكثر المبادرات نبلًا من دون هذا العمق العلمي. من هنا تتجلى قوة الشراكات. فالاعتماد على العلم وحده، أو على النماذج الإبداعية للتفاعل مع المستهلكين وحدها، قد لا يحقق الأثر المطلوب.
ومع ذلك، عند جمع هذين البعدين معًا، أي الإبداع في تحفيز المشاركة والخبرة العلمية على أرض الواقع، تتحول الاستدامة من إطار هامشي إلى جزء أساسي من الحياة اليومية، وتصبح مؤثرة وجاذبة ولا يمكن تجاهلها.
كما يتجسد هذا النموذج بوضوح في شراكة WeForest وFLUUKY. إذ توفر WeForest برامج إعادة تشجير قائمة على العلم وعلى نطاق واسع، بينما تقدم FLUUKY منصة ممتعة وسهلة تتيح للأفراد المساهمة من خلال ربط زراعة الأشجار بعمليات السحب على الجوائز والمكافآت.
عوامل تحقيق الاستدامة بفاعلية
ومن خلال هذا الدمج بين المصداقية والإبداع، يبرهن الطرفان على أن تحقيق أثر مناخي واسع وشامل ممكن عندما تتكامل النماذج المختلفة؛ ما يسمح للجميع، بصرف النظر عن الدافع، المساهمة في إحداث الخير بصورة مستمرة.
ولا تتعلق الصورة الكبرى بأي مؤسسة واحدة، بل بـ النموذج نفسه. فلا يمكن الاعتماد على السياسات الحكومية أو المستهلكين وحدهم لتحمل عبء التغيير الجذري.
ما نحتاج إليه هو ثقافة تدمج العطاء في الحياة اليومية، وتضخم دور العلم الموثوق عبر حلول مبتكرة تشجع المشاركة. عندها فقط تصبح الاستدامة عادة متجذرة، لا نشاطًا استثنائيًا.
بالتالي، يكتسب هذا النهج أهمية خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعتبر المنطقة من أكثر المناطق تأثرًا بتداعيات التغير المناخي، وفي الوقت نفسه من أكثرها التزامًا بالتحول نحو اقتصاد أخضر.
كما يتطلب هذا الواقع المزدوج حلولًا تحقق أثرًا عالميًا. وفي الوقت ذاته تفاعلًا شعبيًا واسعًا.
كذلك، أثبتت المبادرات الأخيرة التي تتيح للعملاء المساهمة في إعادة التشجير فاعليتها، بعدما أسهمت في زراعة آلاف الأشجار خلال أشهر قليلة، ما يشير إلى أن المساهمات الصغيرة المتكررة تتمكن من إحداث تأثير بيئي ملموس عندما تتضافر على نطاق واسع.
المملكة تعطي نموذج نجاح خطط الاستدامة
تقود المملكة تحولًا كبيرًا من خلال مشاريع الطاقة النظيفة. بما في ذلك الهيدروجين الأزرق والطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ذلك عبر إطلاق مبادرات مثل المبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الخضراء.
وبحسب براندي جانو؛ المستشارة الثقافية والإستراتيجية الإبداعية، فإن هذا التحول ”أصبح جزءًا من الثقافة. وليس فقط من الاقتصاد“؛ ما يعزز أن طموحات المملكة البيئية متشابكة بعمق مع تطور ثقافي أوسع.
وبينما تتكشف رؤية 2030، يقدم التحول الأخضر في المملكة رسالة قوية: “يمكن للتقدم البيئي والنهضة الثقافية أن يمضيا قدمًا معًا”.
ومن خلال أهداف مثل زراعة 10 مليارات شجرة. وتحقيق 50% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، واستخدام الطاقة المتجددة فقط في تحلية المياه، تدمج الثورة الخضراء بالمملكة العربية السعودية. الاستدامة في اقتصادها وثقافتها وهويتها الوطنية.
أيضًا، يقود التحول الأخضر بنية تحتية جديدة ويعيد تشكيل نظرة السعوديين إلى مكانتهم في العالم. كما يحول الاستدامة إلى أسلوب حياة.
المقال الأصلي: من هنـا


