تتمثل الفكرة الأساسية التي يطرحها كل من جيري آي بوراس وجيمس س. كولينز في كتاب “Built to Last” أنه ليس من المهم أن تؤسس شركة، ولا أن تطلق مشروعًا، وإنما أن تضمن استدامة هذا العمل في حد ذاته.
ويطرح المؤلفان على نفسيهما سؤالًا مهمًا مفاده: ما الذي يجعل شركة مهمة وذات رؤية؟ لكن الإجابة عن هكذا سؤال ليست متوفرة من تلقاء نفسها، ولا من السهل الحصول عليها، ناهيك عن أنها جوهر الكتاب من الأساس.
ولأجل التوصل إلى إجابة هذا السؤال يستقصي مؤلفا كتاب Built to Last وضع العديد من الشركات _180 شركة_ كما أجريا دراسات حالة لكل واحدة من هذه الشركات على حدة، وقد خرجا بنتائج سنأتي على ذكرها بعد قليل؛ لبيان سمات الشركة ذات الرؤية.
اقرأ أيضًا: كتاب The Gifts of Imperfection.. التمرد على متلازمة الحياة المثالية
رؤى كتاب Built to Last
الفكرة العظيمة لا تضمن الاستدامة
يذهب مؤلفا كتاب Built to Last إلى أن الفكرة العظيمة _مهما كان ذلك مهمًا_ ليست ضمانًا كافيًا لاستدامة الشركة؛ فمن بين 18 شركة ذات رؤية مستقبلية حدداها بدأت ثلاث شركات فقط، هي: فورد، وجنرال إلكتريك، وجونسون آند جونسون، بفكرة أو منتج أو خدمة مخططة وناجحة.
إذًا وجود الفكرة العظيمة والمخطط لها أمر مهم، وعلى قدر كبير من الأهمية؛ لكنه لا يعني أن الشركة قد حجزت لنفسها مقعدًا في المستقبل البعيد.
بل يغرب مؤلفا كتاب Built to Last كثيرًا حين يقولان إن الافتقار إلى الفكرة العظيمة مهم في حد ذاته؛ إذ من شأن هذا الافتقار أن يجبر رواد الأعمال على التركيز على بناء شركة عظيمة بدلًا من مجرد الترويج لمنتج أو خدمة واحدة مهما كانت عظيمة.
اقرأ أيضًا: كتاب Dare To Inspire.. كيف تجعل الإلهام مستدامًا؟
الرؤية والالتزام
ويطرح مؤلفا كتاب Built to Last فكرة أخرى وثيقة الصلة بديمومة الشركات، فلئن كانت الشركة العظيمة، والتي من المرجح أن يكون الدوام من نصيبها، هي التي تملك رؤية واضحة ومحددة، فإن هذه الرؤية وحدها لا يمكن أن تؤدي إلى شيء ما لم يكن هناك التزام بها.
إذًا يمكن القول اعتمادًا على طرح المؤلفين أن الرؤية والالتزام وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن الركون إلى أحدهما دون الآخر، ناهيك عن أن هذا الطرح يذكرنا بالجدل الذي ثار قديمًا في الأوساط الفلسفية والنظرية وهي أن الأيديولوجيا لا تقوم إلا من خلال الالتزام بها.
فلو اعتبرنا أن رؤية الشركة هي أيديولوجيتها، ويجب أن يكون الأمر كذلك، ومن ثم يجب أن يكون كل الموظفين ملتزمين بها. وهذا يقودنا إلى المحور التالي.
اقرأ أيضًا: كتاب The Hard Thing About Hard Things.. معاناة رواد الأعمال
أداء الموظفين
إن الشركة ذات الرؤية، حسب ما يطرح مؤلفا كتاب Built to Last، ذات متطلبات مختلفة من موظفيها؛ إذ إنها لا تكتفي بطلب الالتزام بالرؤية التي وضعت من قِبل المؤسسين، فهذا أمر مفروغ منه على أي حال.
وإنما هي أكثر تطلبًا، وأكثر إرهاقًا، ومن ثم فمن الواجب على الشركة التي تبغي لنفسها الديمومة، وحجز مقعد في المستقبل على الدوام، أن تكون دقيقة في اختيار موظفيها؛ كيما تستطيع اختيار من هم أقدر على بذل الجهد الشاق من أجل الانتصار للرؤية والالتزام بها وتحقيقها.
يقول مؤلفا كتاب Built to Last:
«وجدنا أن الشركات ذات الرؤية المستقبلية تميل إلى أن تكون أكثر تطلبًا من موظفيها من الشركات الأخرى، سواء من حيث الأداء أو التطابق مع الأيديولوجية».
اقرأ أيضًا: كتاب فن اللا مبالاة.. كيف تمتلك مفاتيح الثقة والنجاح؟
سمات الشركة ذات الرؤية
وبعد دراستهم المستفيضة لوضع الكثير من الشركات يخلص مؤلفا كتاب Built to Last إلى أن هناك عدة سمات عامة يجب أن تتوافر في الشركات ذات الرؤية، ومن هذه السمات نذكر منها ما يلي:
- رائدة في صناعتها.
- تحظى بإعجاب واسع من قِبل رجال الأعمال المطلعين.
- ذات أثر لا يُمحى في العالم.
- كان لديها أجيال متعددة من الرؤساء التنفيذيين.
- مرت بدورات حياة متعددة للمنتج/ الخدمات.
وبناءً على هذا الطرح من الممكن القول إن الشركة لن تكون صاحبة رؤية من تلقاء نفسها، ولا دفعة واحدة، وإنما يجب عليها أن تقطع طريقًا شاقًا وطويلًا كي تصل إلى هذه المرحلة، كما أنها _اعتمادًا على طرح مؤلفي كتاب Built to Last_ يجب أن تكون ذات أثر إيجابي مستدام، وما هذا الأثر إلا تعبير عن الرؤية والتزام بها.
اقرأ أيضًا:
كتاب The 4-Hour Workweek.. لا سبيل لتأجيل الأحلام
كتاب Start with Why.. سؤال الجدوى والفعالية
El libro rojo de las mujeres emprendedoras.. سلاح في سوق العمل