على مدار السنوات الماضية، أصبحت المؤسسات أكثر ترابطًا رقميًا من أي وقت مضى. ما يؤدي إلى شعور الموظفين بضعف الروابط الإنسانية في العمل ونقصًا في عنصر التعاطف داخل الشركات.
كذلك، تعتمد الميزة التنافسية الحقيقية على قدرة القادة على توجيه التجربة الإنسانية داخل المؤسسة.
مما لا شك فيه أننا نعيش اليوم مفارقة واضحة. حيث تزيد التكنولوجيا من الاتصال. ومع ذلك، يشعر العاملون بالانفصال.
أما على صعيد قطاعات العمل، يعاني الموظفون من ضعف الاندماج، مقاومة التغيير، صعوبة تقديم أفضل ما لديهم. ما يخفض مستويات الثقة. ويبطئ عملية اتخاذ القرار. كما يحد من الابتكار.
كذلك، يواجه الرؤساء التنفيذيين تحديات معقدة. حيث لم يعد السؤال كيف ندير التغيير؟ بل كيف نقود التجربة الإنسانية لهذا التغيير؟
ومن هنا يظهر التعاطف كقدرة قيادية حاسمة تشكل الميزة التنافسية في المرحلة المقبلة.
كيف يحفز “التعاطف” أداء الموظفين؟
بحسب الإحصاءات، يعاني 60% من الموظفين حول العالم من ضعف الانخراط في العمل. ما يتسبب في ارتفاع معدلات الاستقالة وتراجع الإنتاجية وانخفاض مستويات الأمان النفسي.
من ناحية أخرى، يبقى الموظفون في المؤسسات التي تظهر قيادتها تعاطفًا بمعدل الضعف.
لذا، التعاطف يولد الثقة، وتتراكم هذه الثقة بمرور الوقت لتحفز التعاون وتحول التواصل الاجتماعي إلى نتائج ملموسة.
أما على صعيد الإدارات، يحدث التعاطف فارقًا عند اتخاذ قرارات إستراتيجية كبيرة.
فعلى سبيل المثال، عند تنفيذ تحول محوري في الشركة، يمكن للرئيس التنفيذي الذي يستمع بصدق للمشكلات ويعترف بالضغوط. أن يشارك في صياغة الحل. أن يحقق طفرة مؤسسية ملحوظة.
التعاطف.. قائد الحلول الابتكارية
يبرز الابتكار عند تبادل واحترام وجهات النظر المتنوعة. ما يسمح بوجود بيئة آمنة للجميع.
كما تعتمد المؤسسات اليوم على فرق متعددة الثقافات وطرائق تواصل مختلفة. حيث يتمكن القائد من تعديل أسلوبه ليتناسب مع احتياجات الآخرين يفتح الباب لحوار حقيقي وفهم أعمق.
كذلك، سيبحث الموظفون عن الغاية والانتماء والمرونة مجرد التعويض المالي. ذلك بالتزامن مع وجود قوى عمل أكثر تنوعًا ووعيًا رقميًا وقائمة على القيم مع حلول 2026.
كما تشكل التغيرات البيئية والاجتماعية، نماذج العمل المرنة، والتطور التكنولوجي توقعات جديدة تجاه القيادة.
بالتالي، يتحول التعاطف إلى مهارة أساسية لفهم ما يحفز الأفراد ويصعب عليهم القيام بأدوارهم.
علاوة على ذلك، يكتشف القادة الذين يسعون بوعي لسماع الأصوات المهمشة، رؤى إستراتيجية ربما يعجز المنافسون عن الوصول إليها.
حكمة القيادة
يتبنى الكثير من القادة إستراتيجيات التحليل والمنطق والأرقام. بينما يعتمد نجاح المؤسسة على السلوك البشري. متأثرًا بالإدراك والتجارب الإنسانية.
أما بالنسبة لتنفيذ مشاريع تكنولوجية أو حلول ذكاء اصطناعي، يسلط مجلس الإدارة الضوء على الكفاءة.
بينما يجب على القائد أن يدمج ذلك مع العلاقات الاجتماعية. حيث يقلل إشراك الفرق في تصميم خطة التنفيذ، وشرح الهدف بوضوح، الاحتكاك ويحافظ على الثقة.
القيادة المتوازنة تأخذ في الاعتبار أيضًا الالتزامات القانونية الخاصة بسلامة بيئة العمل نفسيًا وجسديًا. يساعد التعاطف في اكتشاف المخاطر مبكرًا، وفهم الضغوط، وتطبيق إجراءات وقائية. تجاهل هذه الجوانب قد يعرّض المؤسسة لمخاطر تنظيمية وضرر بسمعتها.
كما أفادت المؤسسات التي تقود بالتعاطف معدلات أقل في الدوران الوظيفي وتحسنًا في رضا العملاء. ما يؤكد ما يراه معظم الرؤساء التنفيذيين. ألا وهو التعاطف عنصر النجاح الأساسي.
كيف يتحول التعاطف إلى ضرورة قيادية؟
يبحث الموظفون اليوم عن قادة حقيقيين، شاملين، قادرين على الموازنة بين الأداء والجانب الإنساني.
كذلك، أصبح التعاطف ضرورة إستراتيجية تحدد قدرة المؤسسة على الابتكار والمرونة وتحقيق التغيير.
وبالتالي، يتعين طرح سؤال هل يمكنكم تحمل تكاليف الانفصال الإنساني. بدء من فرق غير منخرطة، وقرارات بطيئة، وإنتاجية منخفضة؟
أم ستختارون نهجًا إنسانيًا يقوده التعاطف ويجمع بين العقل والقلب ليصنع الثقة والانسجام ودوافع الأداء عبر المؤسسة؟
يبدو أن التفاني في العمل والالتزام بالمواعيد النهائية والاحترافية أمور ضرورية لتحقيق النجاح في الحياة المهنية. ومع ذلك، قد يشعر البعض بالإحباط رغم اجتهادهم، وكأنهم يُتجاهلون أو أن جهودهم لا تثمر التقدم المنشود.
وعلاوة على ذلك، الحقيقة أن الأمر لا يتعلق دائمًا بمقدار الجهد المبذول؛ بل هناك العديد من العادات الدقيقة التي قد تعيق التقدم المهني دون أن ندرك ذلك. هذه العادات قد تكون مرتبطة بالتواصل مع الزملاء والمديرين، أو بطريقة إدارة الوقت والمهام أو حتى بأسلوب التعامل مع التحديات والصعوبات.
المقال الأصلي: من هنـا



