تعكس التحركات الأخيرة لشركة OpenAI تحوّلًا نوعيًا في مشهد التكنولوجيا العالمي؛ إذ بات استثمار OpenAI عنوانًا رئيسًا لمرحلة جديدة من التنافس المحموم على ريادة الذكاء الاصطناعي.
والشركة المطوّرة لتطبيق ChatGPT لا تكتفي بتوسيع نطاق منتجاتها أو تعزيز قدراتها التقنية، بل تمضي بخطى متسارعة نحو ترسيخ مكانتها كأحد أكبر الكيانات التكنولوجية قيمةً في التاريخ الحديث، مستندة إلى زخم غير مسبوق من اهتمام المستثمرين العالميين.
وبحسب ما نقلته وكالة رويترز -نقلًا عن تقرير لموقع The Information- أجرت OpenAI محادثات أولية مع عدد من المستثمرين بهدف جمع تمويل جديد عند تقييم يقدَّر بنحو 750 مليار دولار.
بينما يشير التقرير إلى أن الشركة قد تتمكن من جمع ما يصل إلى 100 مليار دولار. استنادًا إلى مصادر مطلعة على هذه المناقشات، في خطوة تعكس تنامي شهية الأسواق تجاه استثمار OpenAI رغم حالة الترقب والحذر التي تسود بعض أوساط المستثمرين.
وفي حالة التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن هذا التمويل فإن ذلك سيمثل قفزة تقارب 50% مقارنة بالتقييم الذي تم تداوله في شهر أكتوبر الماضي، والبالغ 500 مليار دولار.
كما يأتي هذا الارتفاع اللافت بعد صفقة سابقة باع فيها موظفون حاليون وسابقون في الشركة أسهمًا بقيمة تقارب 6.6 مليار دولار. ما عزز من ثقة السوق في جدوى استثمار OpenAI وقدرته على تحقيق عوائد طويلة الأجل.
آفاق الطرح العام وتحولات القيمة السوقية
وفي سياق متصل تستعد OpenAI، المدعومة من عملاق البرمجيات مايكروسوفت. لخطوة أكثر طموحًا تتمثل في التحضير لما قد يكون واحدًا من أكبر الطروحات العامة الأولية في التاريخ.
وتشير التقديرات إلى أن التقييم المحتمل للشركة عند الطرح قد يصل إلى 1 تريليون دولار. وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم الرهانات المعقودة على استثمار OpenAI بوصفه أحد أعمدة الاقتصاد الرقمي المستقبلي.
كذلك توضح التقارير أن الشركة بدأت بالفعل في وضع الأسس التنظيمية والقانونية اللازمة للإدراج في الأسواق المالية. مع احتمال تقديم ملفاتها إلى الجهات الرقابية المختصة في وقت مبكر من النصف الثاني من عام 2026.
هذه الخطوة -إن تحققت- تمنح المستثمرين فرصة غير مباشرة للمشاركة في مسيرة شركة باتت تُعد لاعبًا محوريًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
ومن ناحية أخرى فإن الجمع بين جولة تمويل ضخمة محتملة وطرح عام أولي مرتقب يعكس إستراتيجية متكاملة تهدف إلى تعزيز السيولة المالية، وتوسيع نطاق الاستثمار في البنية التحتية للحوسبة. فضلًا عن تسريع وتيرة البحث والتطوير.
بينما يبدو أن استثمار OpenAI لا يقتصر على تحقيق مكاسب مالية آنية، بل يمتد ليشمل بناء منظومة تقنية قادرة على منافسة القدرات البشرية أو حتى تجاوزها.
شهية الحوسبة وتحفّظ المستثمرين
وتسلط هذه التطورات الضوء على حقيقة أساسية مفادها بأن قطاع الذكاء الاصطناعي يمر بمرحلة عطش غير مسبوقة إلى قدرات الحوسبة المتقدمة.
والشركات الكبرى تسابق الزمن لبناء نماذج وأنظمة أكثر تطورًا. وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة في مراكز البيانات والرقائق المتقدمة والبنية السحابية. الأمر الذي يجعل استثمار OpenAI في صدارة هذا السباق العالمي.
وفي هذا الإطار وقّعت شركات بارزة -من بينها إنفيديا وأوراكل- صفقات بمليارات الدولارات في مجال الذكاء الاصطناعي مع OpenAI خلال العام الجاري،. في مؤشر واضح على الثقة المتزايدة بقدرات الشركة التقنية ورؤيتها المستقبلية.
لكن هذا الزخم لا يلغي حقيقة أن المستثمرين ما زالوا يتعاملون بحذر. مترقبين أي إشارات قد تدل على تباطؤ محتمل في الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي.
وبين التفاؤل الكبير والتحفظ المشروع يبقى استثمار OpenAI نموذجًا معبرًا عن مرحلة انتقالية يعيشها الاقتصاد العالمي. حيث تتقاطع الابتكارات التقنية مع رؤوس الأموال الضخمة في معادلة معقدة.
فيما يعتمد نجاح هذه الاستثمارات، في نهاية المطاف، على تمكّن الشركة من تحويل الإنفاق الهائل إلى منتجات فعالة وعوائد مستدامة. وهو ما يحدد ما إذا كانت التقييمات الحالية، التي تتراوح بين 750 مليار دولار و1 تريليون دولار، تعكس قيمة حقيقية أم مجرد رهانات مستقبلية عالية المخاطر.



