في خطوة إستراتيجية جديدة استحوذت شركة بيركشاير هاثاواي، التابعة للمستثمر الأسطوري وارن بافيت. على 17.9 مليون سهم من الشركة الأم لجوجل -ألفابت إنك- خلال الربع الثالث من العام الحالي.
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع تقليص الشركة لحصصها في كل من بنك «أوف أمريكا وآبل إنك». ما يعكس إعادة تشكيل محفظة استثماراتها الضخمة ومواصلة تنويع أصولها المالية في ظل بيئة اقتصادية متغيرة.
ووفق تقرير “بلومبرج” تقدّر حصة بيركشاير في ألفابت، التي تمثل 0.31% من الأسهم القائمة، بحوالي 4.9 مليار دولار. وارتفعت أسهم ألفابت بنسبة 1.6% لتصل إلى 280.86 دولارًا في التداول الممتد الساعة 4:28 مساء يوم الجمعة الماضي بتوقيت نيويورك. ما يعكس التفاؤل حيال تأثير هذا الاستثمار في السوق ومحفظة بيركشير.
ويعمل بافيت -البالغ من العمر 95 عامًا- والذي يخطط للتنحي عن منصب الرئيس التنفيذي بنهاية العام، على إيجاد طرق استثمارية جديدة لاستغلال جزء من السيولة النقدية الضخمة التي تمتلكها شركته. والتي بلغت رقمًا قياسيًا قدره 382 مليار دولار بنهاية الربع الثالث.
تحركات استثمارية كبرى
وفي إطار إستراتيجية التوسع المتنوع وقّعت بيركشاير هاثاواي اتفاقية للاستحواذ على قطاع البتروكيماويات لشركة أوكسيدنتال بتروليوم مقابل 9.7 مليار دولار. بالإضافة إلى شراء حصة بقيمة 1.6 مليار دولار في شركة يونايتد هيلث جروب إنك.
وتأتي هذه الصفقات لتسلط الضوء على نهج الشركة في تنويع مصادر دخلها والاستفادة من الفرص الاستثمارية طويلة الأمد.
كما قلصت بيركشاير حصتها في شركة آبل بنسبة 15%؛ لتظل الحصة المتبقية تقدر قيمتها بنحو 60.7 مليار دولار بنهاية الربع. ولا تزال الشركة الأمريكية العملاقة، ومقرها كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، تشكل نحو ربع محفظة الأسهم الخاصة ببيركشير.
وهو ما يعكس استمرار الاعتماد على استثمارات ذات أداء ثابت ومنافسة مستدامة.
وعلى صعيد البنوك باعت المجموعة 37.2 مليون سهم من بنك أوف أمريكا، ما تركها بحصة تبلغ 7.7% في المؤسسة المالية الواقعة في قلب وول ستريت.
كما أعلنت بيركشاير خروجها الكامل من حصتها في شركة بناء المنازل الأمريكية D.R. Horton Inc.، في خطوة تهدف إلى إعادة تركيز الاستثمارات نحو قطاعات ذات عوائد مستدامة.
«ألفابت» والمرونة الاستثمارية
قرار استحواذ بيركشاير على حصة في ألفابت لا يتعارض مع التوجه الاستثماري المعروف لـ “وارن بافيت”، بل يعكس تطورًا طبيعيًا في فلسفته الاستثمارية. إذ كان بافيت متحفظًا لفترة طويلة تجاه الاستثمار في شركات التكنولوجيا بسبب طبيعتها المتقلبة وصعوبة تقييمها على المدى الطويل.
بينما يفضل الاستثمار في شركات تمتلك خنادق اقتصادية قوية وميزة تنافسية مستدامة.

إلا أن بافيت بدأ يغير موقفه منذ استثماره الكبير في شركة آبل، التي تمثل نموذجًا للتكنولوجيا ذات الثبات والموثوقية وفق معاييره الخاصة. واستحواذ بيركشاير على ألفابت، أحد عمالقة قطاع التكنولوجيا ويمتلك ميزات تنافسية قوية، يعد موافقة ضمنية على تبني توجه مماثل.
وربما جاء هذا القرار نتيجة تقييم فريق الإدارة الاستثمارية الذي اختاره بافيت، والذي يدير هذه الاستثمارات نيابة عنه.
ويعكس هذا التحرك المرونة والانفتاح في إستراتيجية بافيت الاستثمارية، مع الحفاظ على المبادئ الأساسية التي طالما آمن بها. مثل: التركيز على القيمة على المدى الطويل، واختيار الشركات ذات الأداء المتفوق، والالتزام بالاستثمارات المستدامة.
في حين تظهر هذه الخطوة أن بافيت لا يزال يوازن بين الابتكار والمخاطرة المحسوبة، وبين التمسك بالأسس التقليدية وتبني فرص النمو الجديدة في أسواق التكنولوجيا.
سيولة قياسية وإستراتيجيات النمو المستقبلية
يشير الخبراء إلى أن هذه الاستثمارات تأتي في وقت حاسم لبيركشاير؛ حيث تمتلك الشركة أكبر مستوى من السيولة في تاريخها. ما يمنحها القدرة على الاستحواذ على صفقات ضخمة وتحقيق مكاسب طويلة الأمد.
وتؤكد هذه التحركات إستراتيجية بافيت في تنويع مصادر الإيرادات، سواء عبر قطاع التكنولوجيا، والبتروكيماويات، أو الرعاية الصحية. بما يضمن للشركة صمودًا أمام تقلبات السوق ومواصلة النمو على المدى الطويل.
وبهذا تواصل بيركشاير هاثاواي مسارها التقليدي في البحث عن الاستثمارات ذات القيمة العالية. مع دمج المرونة والابتكار في قراراتها؛ ما يجعلها نموذجًا يحتذى في عالم الاستثمار. ويعكس رؤية بافيت العميقة في إدارة محفظة مالية ضخمة ومتنوعة.


