شهدت أسواق العملات المشفرة خلال الأسابيع الماضية موجة هبوط حادة ومفاجئة. وأكد ريتشارد تنج؛ الرئيس التنفيذي لشركة بينانس، أن الانخفاض القوي في سعر البيتكوين خلال الشهر الماضي جاء نتيجة مباشرة لتقليص المستثمرين الرافعة المالية في محافظهم من العملات الرقمية.
في حين أكد أن هذا التوجه يعكس حالة من العزوف عن المخاطرة، وهي تتماشى مع ما تشهده غالبية فئات الأصول الرئيسة حول العالم.
وفي سياق هذا التراجع هبطت البيتكوين بأكثر من 21.2% خلال شهر نوفمبر وحده. ما رفع خسائرها خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى نحو 23.2%.
ويثير هذا الانخفاض مخاوف متزايدة بشأن إمكانية أن تنهي العملة العام دون مستوى 90 ألف دولار. ويأتي ذلك الهبوط بعدما سجّلت العملة الرقمية الأشهر ذروة تاريخية جديدة تجاوزت 126 ألف دولار في أكتوبر الماضي. وهو ما اعتبره الخبراء دلالة واضحة على دخول مرحلة تصحيح قوية.
وفي سياقٍ متصل أشار “تنج”؛ خلال مؤتمر إعلامي عقد في سيدني، إلى أن ما يحدث في سوق العملات المشفرة ليس معزولًا. بل يتزامن مع تراجع أوسع في الأسواق العالمية بشكلٍ عام.
كما لفت إلى أن كل فئات الأصول تمر بدورات وتقلبات طبيعية ومعهودة. وأن ما تشهده السوق الآن يعكس حالة عامة من بيع الأصول عالية المخاطر.
تقلبات الأسواق العالمية
تشهد الأسواق المالية العالمية موجة بيع قوية هذا الأسبوع؛ حيث تصاعدت المخاوف بشأن إمكانية انفجار فقاعة التقييمات المدفوعة بالتطورات السريعة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
بينما أثار هذا القلق موجة ذعر بين المستثمرين، الذين بدأوا في إعادة تقييم مراكزهم المالية وتقليص انكشافهم على الأصول ذات المخاطر العالية، وعلى رأسها العملات المشفرة.
وعلى الرغم من إعلان شركة إنفيديا أرباحًا تفوقت على التوقعات بكثير. فإن تلك النتائج لم تكن كافية لتهدئة مخاوف الأسواق. إذ أصبحت الأسواق أكثر حساسية تجاه أي إشارات تشير إلى إمكانية انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي.
ويعد هذا العامل مؤثرًا رئيسًا في زيادة عمليات البيع العشوائي، لا سيما تلك التي طالت البيتكوين مؤخرًا.
وفي ظل هذه الظروف الراهنة أكّد تنج أن ما يحدث الآن يمثل جزءًا من حركة تصحيح طبيعية ومعهودة، خاصة بعد الارتفاعات القوية التي سجلتها سوق العملات الرقمية خلال العام ونصف العام الماضيين.
كما قال إن المستثمرين يعتبرون هذه المرحلة فرصة ملائمة لجني الأرباح بعد موجة صعود استثنائية.

أداء قوي في عام 2024 رغم الهبوط الأخير
ورغم الانخفاض الحاد خلال الأسابيع الماضية أشار ريتشارد تنج إلى أن البيتكوين لا تزال تتداول عند مستويات تفوق ضعف قيمتها خلال عام 2024. وهو العام الذي شهد دخول مؤسسات مالية كبرى، مثل: بلاك روك، إلى سوق العملات المشفرة عبر طرح منتجات استثمارية جديدة.
وأضاف أن تدفق المؤسسات الاستثمارية إلى سوق العملات المشفرة أعطى القطاع دفعة قوية وجذب سيولة ضخمة. ما ساهم في ارتفاع الأسعار إلى مستويات تاريخية. إلا أن هذا الزخم أدى أيضًا إلى زيادة عمليات الرافعة المالية. والتي تعد من أهم أسباب الهبوط الأخير مع بدء المستثمرين في تصفيتها.
وأكد تنج أن مرحلة التماسك الحالية تعد صحية لصناعة العملات الرقمية. حيث تمنح السوق فرصة لالتقاط الأنفاس والعودة إلى بناء قواعد سعرية قوية تضمن استدامة النمو في المدى الطويل.
مستقبل «بينانس» ومصير مؤسسها
وفي سياق منفصل رفض تنج التعليق على إمكانية عودة مؤسس بينانس، تشانغبينغ تشاو، إلى منصبه في المنصة بعد أن منحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عفوًا رئاسيًا في أكتوبر الماضي.
وكان تشانغبينغ تشاو، وهو كندي من أصل صيني، أُدين العام الماضي بخرق قوانين مكافحة غسل الأموال في الولايات المتحدة. حيث دفع غرامة قدرها 50 مليون دولار، وقضى ما يقرب من أربعة أشهر في السجن. هذه القضية أثرت بشكلٍ كبيرٍ بسمعة بينانس في الأسواق العالمية، لكنها لم تمنع استمرار توسعها.
وتولى ريتشارد تنج منصب الرئيس التنفيذي في عام 2023، بعد استقالة تشاو، ووضع خطة لإعادة بناء الثقة وتعزيز الامتثال التنظيمي. وهو ما أكسب المنصة استقرارًا أكبر وسط اضطرابات تنظيمية متصاعدة حول العالم.


