تراجعت أسعار النفط عالميًا خلال تعاملات اليوم الخميس، مدفوعةً بتنامي التوقعات بشأن احتمال التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا. الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تخفيف العقوبات الغربية المفروضة على الإمدادات الروسية، ويعيد هيكلة مسار السوق العالمي خلال الفترة المقبلة.
ويأتي هذا الهبوط في وقت يشهد فيه السوق العالمي حالة من الهدوء بسبب عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة؛ ما أسهم في ضعف السيولة وتراجع وتيرة التداول.
ضغوط جيوسياسية وتوقعات وقف الحرب
وبحسب ما أوردته «رويترز» في تقريرٍ لها؛ فإن خام برنت تراجع بنحو 0.5% ليصل إلى 62.8 دولارًا للبرميل. بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 0.6% مسجلًا 58.33 دولارًا للبرميل. وذلك بحلول الساعة 04:45 بتوقيت جرينتش. ويُعزى هذا التراجع إلى تقييم المستثمرين لاحتمالات التوصل إلى اتفاق سلام، بالتزامن مع دراسة مخاطر تخمة الإمدادات في السوق.

وبالتوازي مع ذلك، يستعد المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف للتوجه إلى موسكو الأسبوع المقبل برفقة عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين. لإجراء محادثات من شأنها بحث خطة محتملة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربعة أعوام في أوكرانيا. والتي تعد الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، أكد دبلوماسي روسي رفيع المستوى أن موسكو لن تقدّم تنازلات كبيرة ضمن أي خطة سلام. لاسيما بعد تسريب تسجيل صوتي يظهر أن ويتكوف قدّم نصائح خلال تواصلٍ داخلي بشأن مسار المحادثات.
ومن زاوية أخرى، أوضحت بريانكا ساشديفا؛ كبيرة محللي الأسواق في «فيليب نوفا»، أن أسعار النفط «تنخفض تدريجيًا نتيجة الآمال بتحقيق انفراجة مرتقبة في محادثات السلام. وما قد ينتج عنها من تراجع في علاوة الحرب». مضيفةً أن السوق «لا يزال ضعيفًا ويفتقر إلى اتجاه واضح» قبيل اجتماع تحالف «أوبك+» وتباطؤ نشاط التداول بسبب عطلة عيد الشكر.
مواقف «أوبك+» وتداعيات الإمدادات
وبحسب مصادر داخل «أوبك+»، من المتوقع أن تبقي المنظمة وحلفاؤها مستويات الإنتاج دون تغيير في اجتماع الأحد المقبل. رغم أن بعض الدول الأعضاء -التي تمثل نحو نصف الإنتاج العالمي- قد زادت إنتاجها منذ أبريل بهدف تعزيز حصصها السوقية. ويأتي هذا التوجه في إطار محاولة موازنة السوق وتجنّب مزيد من الضغط على أسعار النفط التي باتت شديدة الهشاشة.
وفي هذا الإطار، أكدت «ساشديفا» أن أي تقدم حقيقي في مفاوضات السلام قد يؤدي إلى تدفق المزيد من النفط الروسي إلى الأسواق العالمية. مشيرةً إلى أن السوق يعاني بالفعل من فائض في الإمدادات. ما قد يبقي الأسعار تحت ضغط على المدى المتوسط، مع احتمالات تسجيل ارتفاعات قصيرة الأجل فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن توقعات خفض الفائدة الأمريكية في ديسمبر أسهمت في الحد من تراجع الأسعار؛ حيث إن خفض الفائدة عادة ما يحفّز النشاط الاقتصادي ويزيد الطلب على النفط.
ووفق محللي بنك «ING»؛ فإن سوق النفط يجد نفسه عالقًا بين التفاؤل بإحراز تقدم في مفاوضات السلام وتأثير ذلك في المعروض من جهة. وبين حالة الإقبال على المخاطرة المدفوعة بتوقعات السياسة النقدية الأمريكية من جهة أخرى.
آفاق السوق في المدى القريب
وبينما يترقب المستثمرون نتائج اجتماع «أوبك+» المرتقب، وتطورات المشهد السياسي بين موسكو وكييف. تبدو الأسواق مقبلة على مرحلة من التقلبات الواضحة. خصوصًا أن أي تغيّر في المسارات الجيوسياسية قد ينعكس مباشرةً على مستويات المعروض والطلب. وإضافة إلى ذلك، يبقى مسار أسعار النفط رهين مستجدات الاقتصاد الأمريكي وتوجهات الفيدرالي. ما يجعل الصورة المستقبلية للسوق مرهونة بمجموعة معقدة من العوامل التي تتقاطع فيما بينها.


