لا شك في أن التحدي الأكبر الذي يواجه العالم، هو كثافة التعداد السكاني الذي ينمو بشكل متسارع على مدار اللحظة؛ حيث من المتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم 10 مليارات بحلول عام 2050، وفق تقرير «التوقعات السكانية العالمية» الصادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، ومع الكثافة والتزايد السكاني أصبح العالم بحاجة الى التطوير على كل المستويات.
إذن، يُمكننا القول، إنه حان الوقت الذي تعمل فيه الشركات والمؤسسات المجتمعية على توفير احتياجات ومتطلبات المجتمع بشكل يُعد داعمًا ليس فقط لحياة الأشخاص، بل للمدن أيضًا، فاحتياجات المجتمع هو السوق الأول والمبرر الأساسي لعمليات التطوير على مستوى الخدمات بمختلف أنواعها التي تُقدم لهذا العالم.
ولعل انتشار المشكلات والقضايا في المجتمعات، هو السبب الأول الذي أدى لظهور مفهوم جديد يُسمى «الابتكار الاجتماعي»، من أجل تضفير عناصر أفكار مختلفة عبر عدة مؤسسات وقطاعات مختلفة بحيث يُولد ذلك علاقات وحلولاً مبتكرة لقضايا المجتمعات كافة، فالمجتمعات أصبحت بحاجة إلى عملية التقاء الاستراتيجيات والمفاهيم والأفكار الجديدة مع احتياجاتها بمختلف المجالات، فهذا وذاك يدفعان المجتمع نحو التطور الدائم.
إن عملية الابتكار الاجتماعي تركز في الأساس على تطوير الأفكار التي تعمل على تلبية احتياجات المجتمعات المختلفة، كالتعليم عن بُعد، وحماية البيئة، والصحة العامة، ورعاية المسنين، والعمل الاجتماعي، كما يعمل أيضًا على ربط القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني عبر المبادرات العامة؛ بحيث تربط بين عالم الأفكار وعالم الأشخاص والمؤسسات والتقنيات.
ما هو الابتكار الاجتماعي؟
باستفاضة، إن الابتكار الاجتماعي هو عبارة عن استراتيجيات وأفكار ومفاهيم وأنظمة جديدة ومتطورة تهدف إلى تعزيز عمل مؤسسات المجتمع المدني وتلبية الاحتياجات لكل أفراد المجتمع، أهمها؛ تطوير قطاع التعليم والصحة، بالإضافة إلى توفير بيئة ملائمة للعمل، فربما يكون مفهوم الابتكار الاجتماعي جديدًا على بعض الأشخاص، ولكن في حقيقة الأمر فإن عملية الابتكار الاجتماعي كانت بداية ظهورها في العصور القديمة على يد ثُلة من الرواد الاجتماعيين من أمثال: بنجامين فرانكلين، وروبرت أوين، وبيير رسونفالون، كما ظهرت في الكثير من الجامعات الأمريكية، مثل: جامعة هارفارد وجامعة كورنل خلال فترة التسعينيات.
فالابتكار الاجتماعي، يُعد بمثابة نقطة التقاء لكل المشروعات الريادية والمؤسسات الاجتماعية، التي تعمل على التطوير الاجتماعي الشامل والمستدام، وهو أحدث تأثيرًا قويًا في قادة الفكر وصناع القرار؛ إذ يسعون دائمًا إلى توفير وسائل حديثة ومبتكرة تعمل على تحقيق أهداف المجتمعات.
الابتكار الاجتماعي وتأثيره في المجتمعات الدولية
هناك دور مهم من الممكن أن يؤديه الابتكار الاجتماعي في تسريع وتيرة التنمية المدنية في إفريقيا وآسيا والبلدان الأقل نموًا، فهو بالتأكيد يسمح للموهوبين الذين لا يمكلون مؤهلات بإبداء آرائهم في المشكلات التي تواجه المجتمع وطرح الكثير من الحلول الجديدة والمبتكرة، بالإضافة إلى تحفيز الشباب وكبار السن وإضفاء معنى لحياتهم، وتوفير آلية لتحسين المستويات المعيشية للفقراء.
فالابتكار الاجتماعي بدوره يستكشف كل العمليات التنظيمية والاجتماعية التي تُنتج عنها عمليات الابتكار، كالإبداعِ الفردي، والهيكل التنظيمي، والسياق البيئي، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية.
في نهاية المطاف، إن كل أفراد ومؤسسات ومنظمات المجتمعات تقع على عاتقهم مسؤولية الفكر الاجتماعي والذي ينتج عنه عملية الابتكار الاجتماعي، وهو ما يؤدي إلى تلبية كل احتياجات المجتمع، ولنأخذ مثالًا هنا على مدينة دبي، فلو أمعنا النظر سنلاحظ أن جميع الأفراد والمؤسسات يعملون تحت مظلة الابتكار الاجتماعي، من أجل تنفيذ أفكار جديدة ومبتكرة وعمليات تطوير شاملة؛ حتى أصبحت دبي من أفضل وأعرق مدن العالم.
اقرأ أيضًا:
الابتكار والميزة التنافسية للشركات