لا يعلم الإنسان مصيره في هذه الحياة؛ حيث إن ولادته الأولى تعطيه مكسبًا كبيرًا بمنحه الفرصة لاجتياز الاختبارات المختلفة، ويبقى اللغز محيرًا في إمكانية تغيير الفرد لقدره، وهو الأمر ذاته الذي طرحته هوليوود في The Pursuit of Happyness ومغامرة اكتشاف الذات التي كتبت سطورًا من النجاح، تؤرخ بمرور الزمان.
كان بحث “كريس جاردنر” عن السعادة والمال غير مجدٍ؛ فرائد الأعمال الشهير لم يذق فقط الإفلاس؛ بل عرف كيفية العيش بلا مأوى مع نجله الوحيد، بعدما خسر كل شيء؛ إلا نفسه.
قررت الحياة بين عشية وضحاها أن تختبر كريس جاردنر؛ الذي جسّد دوره الفنان العالمي “ويل سميث” في الفيلم الذي حمل عنوان The Pursuit of Happyness أو “البحث عن السعادة”، بصفعة كادت أن تقصي عليه.
الفيلم هو سيرة ذاتية؛ حيث تم تناول فترة صعبة في حياة رائد الأعمال “كريستوفر جاردنر” بطريقة درامية، من إخراج جابريل موكينو عام 2006، كما نال استحسان النقاد، وتم ترشيحه للعديد من الجوائز منها “جولدن جلوب”، والأوسكار.
بداية رحلة البحث
في سان فرانسيسكو الأمريكية عام 1981، استثمر كريس مدخرات عائلته في ماسحات عظام ضوئية؛ إلا أن بضاعته لم تكن تستحق ثمنها؛ ما كان له تأثير سلبي في حياته العملية والشخصية على حد سواء.
خسر كريس كل أمواله، وهجرته زوجته، تاركة له ولده الوحيد “كريستوفر جونيور”، لتبدأ مغامرته مع التغلب على التحديات.
ظل كريس يحاول بيع ماسحاته الضوئية “سكانر”؛ ثم التقى بمدير إحدى الشركات داخل سيارة أجرة، وسرعان ما استطاع أن يثير اهتمامه بحله أحجية “مكعب روبيك”.
في رحلة بحثه عن السعادة، كان المال غاية جاردنر؛ وبينما وقع فريسة تائهة في عالم يحكمه أصحاب التأثير والرأي، وجد نفسه على أعتاب فرصة تلوح في الأفق بعيدًا؛ فلم يكن ليتركها تضيع من يديه.
اقتنص كريس فرصة أن يصبح سمسارًا متدربًا لدى شركة “دين ويتر”؛ حيث كانت تقتضي عمل المتدربين دون راتب؛ حتى يتم اجتياز أحدهم للامتحان.
وافترض أن الحياة ابتسمت له؛ إلا أنها بدأت في لطمه من جديد؛ حيث تأزم الوضع عندما حجزت مصلحة الضرائب على حسابه المصرفي؛ بسبب ضرائب الدخل غير المدفوعة.
طُرد كريس ونجله الصغير صاحب الخمس سنوات من منزلهما، وأصبحا بلا مأوى، ثم قرر الأب أن يعيش مع ابنه في أحد الحمامات الخاصة بمترو الأنفاق.
اقرأ أيضًا: 7 أفلام تحكي قصص نجاح رواد الأعمال في العالم
حياة الشقاء
وجد الرجل صاحب البشرة السمراء نفسه بلا عمل، ومأوى، بينما يبحث عن مبلغ صغير من النقود؛ لتأمين قوت يومه، أو تأمين الطعام لصغيره على الأقل.
ازداد الاختبار صعوبة عندما كان مضطرًا لإخفاء ألمه عند التعامل مع وحيده؛ الذي اعتاد أن يطرح على والده الكثير من الأسئلة، ولم يكن كريس ليكف عن لعب دوره كأب بكفاءة بالغة، فكان يتحدث إلى صغيره بالأقوال المهمة التي يمكنها أن تبث نور الأمل في ظلام قلوب اليائسين.
كان يعلم جيدًا أنه يجب أن يؤمن الطعام لنجله الصغير؛ الذي لعب دوره في الفيلم “جايدن سميث”، في أول دور له في هوليوود.
استطاع ويل سميث أن يجسّد الألم والمعاناة مع الفقر وقلة الحيلة، في ظل عدم حصوله على المقومات الكافية للحصول على وظيفة؛ فما بالك بتغيير معالم لعبة البورصة العالمية.
اقرأ أيضًا: 4 أفلام من هوليوود تُنير طريق رائد الأعمال
ظهور كريس جاردنر
تناول الفيلم أحجية مكعبة روبيك؛ التي كان ويل سميث مولعًا بها، وكانت إضافة درامية على الأحداث الحقيقية، أما المفاجأة الأساسية في الفيلم كانت عندما ظهر “كريس جاردنر” شخصيًا في اللقطة الأخيرة، وكأنه يقول: “ها أنا ذا، لقد نجوت، ووصلت إلى قمة السعادة”.
يستند عنوان الفيلم إلى الكتاب الذي سرد فيه كريس جاردنر قصته في البحث عن السعادة فكان The Pursuit of Happyness ومغامرة اكتشاف الذات الحقيقية، علمًا بأنه استبدل الحرف “I” باللغة الإنجليزية في كلمة happiness أو سعادة، بحرف الـ”y”؛ لتدل على حالة السعادة نفسها، كما تشير إلى المكان الذي احتضن فيه طفله الصغير.
اقرأ أيضًا: كريس جاردنر.. عملاق البورصة والباحث عن السعادة
قصة نجاح واقعية
اعتمد المخرج على اللقطات المتتالية، مستعينًا بـ 16 مقطعًا من الموسيقى التصويرية، التي وضعها الفنان “أندريا جويرا”؛ وواكبت الأحداث الدرامية، والتراجيدية بفعالية، كما ساهم اختياره للألوان في التعبير سواء عن الأمل، اليأس، والألم، واللحظات الفارقة في حياة الشخصية.
يُعتبر فيلم “البحث عن السعادة” -رغم مرور أكثر من 10سنوات على عرضه بدور السينما العالمية- من أهم الأعمال التي تتركك في حالة تأهب للمستقبل، مبنية على قصة نجاح واقعية حدثت بالفعل، فلكل إنسان شيء ما في هذا العالم يناضل من أجله، وحان الوقت لذلك.
اقرأ أيضًا:
5 روايات تساعدك في تطوير الذات
الفنان راكان كردي لـ«رواد الأعمال»: حصلت على 32 جائزة.. وأطمح للمشاركة بالمعارض الدولية
5 أفلام رسوم متحركة ترفع شعار “لا للمستحيل”