أدعو إلى إنشاء جهاز خاص لدعم أصحاب براءات الاختراع
مساهمات الكراسي البحثية محدودة لحداثتها وقلة المستثمرين فيها
نجحنا في تنمية روح الشراكة بين الجامعات وقطاعات المجتمع
البحث العلمي أهم العوامل في بناء المجتمع المدني
حوار: محمد فتحي
لزمن طويل ظلت فكرة “اقتصاد المعرفة” حلمًا يراوده وهمًا يكبر معه؛ حتى بدأ في تأسيس نواة لهذه الفكرة بإنشاء مؤسسة تعمل على تسويق منتجات الكراسي البحثية في الجامعات السعودية، وتتخذ من المعرفة وصناعتها رسالة لها، فكانت تلك بداية خالد بن يعقوب الرماح ، ثم تطورت الفكرة إلى إنشاء شركات تعمل في خدمة المعرفة، ونشر ثقافتها وصناعة أدواتها؛ حتى وصلت اليوم إلى “مجموعة المعرفة النوعية القابضة” ، فكان لنا معه هذا الحوار لنسلط الضوء على تلك المسيرة العملية والعلمية..
خالد بن يعقوب الرماح في سطور؟
سعودي، من مواليد 1968م، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة المعرفة النوعية القابضة؛ إحدى أهم الشركات المتكاملة في اقتصاد المعرفة وتسويقها في المجتمع المحلي والإقليمي، وأحد المستشارين بالتدريب والتطوير الإداري وفنون القيادة والتخطيط الاستراتيجي بالوطن العربي.
مارست التدريب منذ 21 سنة، وتدرب على يدي الآلاف حول العالم، واستفاد من برامجي ومشاريعي وأفكاري جهات وأفراد من كافة دول الخليج العربي وبعض الدول العربية والإسلامية، كمصر والسودان والمغرب وتركيا وماليزيا.
عملت مستشارًا لدى العديد من الجهات الحكومية والخاصة والقنوات الفضائية داخل وخارج المملكة، منها: ” المركز الوطني لأبحاث الشباب، وكرسي الصحة النفسية بجامعة الملك سعود، ومركز الملك سلمان للغويات بجامعة الإمام محمد بن سعود، ووزارة التجارة السعودية، ووزارة التعليم ووزارة الداخلية.
حدثنا عن مشروعك “المعرفة النوعية القابضة”، وتجربتك في تسويق المنتجات العلمية للجامعات؟
لزمن طويل ظلت فكرة “اقتصاد المعرفة” حلمًا يراودني وهمًا يكبر معي ، حتى يسر الله لي البداية بتأسيس نواة لهذه الفكرة، وهي مؤسسة مهمتها تسويق منتجات الكراسي البحثية في الجامعات السعودية، وتتخذ من المعرفة وصناعتها رسالة لها. فكانت تلك البداية، ثم تطورت الفكرة إلى إنشاء شركات تعمل في خدمة المعرفة ونشر ثقافتها وصناعة أدواتها؛ حتى تم تأسيس “مجموعة المعرفة النوعية القابضة” والتي تضم مجموعة شركات تهتم بقضايا النشر العلمي والتدريب والتطوير والاستشارات التربوية والإدارية والتقنية الحديثة والإعلام الحديث وتدريب وتوظيف الشباب السعودي لدى القطاع الخاص، وتسويق المنتجات العلمية للكراسي والمراكز البحثية في الجامعات.
وأعتقد أن تسويق منتجات الكراسي العلمية والمراكز البحثية في الجامعات تجربة غنية وفريدة من حيث كوننا الوحيدين في هذا التخصص، ومن حيث أهمية الفكرة في خدمة البحث العلمي وفي تقريب المسافة بين منتجات المراكز البحثية والقطاع العام والخاص والغير ربحي.
إلى أي مدى نجحت في تعزيز التعاون بين الجامعات وقطاعات البحث العلمي ؟
إن عملية تعزيز التعاون وتنمية روح الشراكة بين الجامعات وقطاعات المجتمع المختلفة مطلب مهم في ظل الانفتاح المعلوماتي الكبير، يركز المعلومات ويوجهها بشكل صحيح للجهة المستفيدة، فالجامعات تنتج المعرفة والقطاعات المختلفة في المجتمع تستفيد منها وتحولها إلى أشكال مختلفة من الحياة.
لقد حرصنا في “المعرفة النوعية القابضة” على تطوير هذه الشراكة من خلال عقد ورش العمل، وإقامة ملتقيات ومؤتمرات علمية، تبني الشراكات وتقرب وجهات النظر، وترسم طريق التكامل نحو المستقبل ؛ فكان لهذه الجهود أثر كبير في تحسين جوانب الشراكة، وتعزيز سبل التعاون بين الجامعات وقطاعات المجتمع المختلفة.
التعامل باحتراف مع التحديات
ماذا عن أهم الفعاليات نفذتها مجموعة المعرفة النوعية لخدمة البحث العلمي ؟ وما العقبات التي واجهتك؟
مؤتمر ريادة الأعمال الثالث 2014، وملتقى الكراسي العلمية بجامعة الملك سعود 2014 ، وتدشين ملتقى موسوعة الوسطية 2015 ،والمؤتمر السعودي الدولي الثاني للنشر العلمي 2015 ، وحفل تدشين موسوعة أبحاث الوسطية 2015 ، وندوة الأرشفة الإلكترونية لعمادة تطويرالاعمال بجامعة الملك سعود 2016، والملتقى التطوعي الأول لوزارة التعليم 2016، والمؤتمر الدولي الثالث عشر لجمعية النحالين الآسيوية 2016. وكعادة الملتقيات والمؤتمرات هناك عقبات تحدث غالبًا في اللحظات الأخيرة، لكن بحمد الله تجاوزنا ذلك لتعاملنا معه بشكل احترافي ومهني .
بناء المجتمع المدني
حدثنا عن مدى مساهمة مخرجات الكراسي العلمية والبحثية بالجامعات في بناء المجتمع المدني؟
يعد نشاط البحث العلمي وما ينتج عنه من مخرجات، أحد العوامل المهمة في بناء المجتمع المدني وتطوره؛ حيث تعمل مخرجات عملية البحث العلمي وأنشطته على إيجاد المعرفة التي تأتي بالجديد أو تطور الموجود أو تحسن من أدائه وتطبيقاته. وتحرص دول العالم المتقدم على دعم أعمال المراكز البحثية والجمعيات العلمية لمعرفتها بأهمية ذلك، وأثره الكبير في بناء المجتمع وتحقيق مصالحه، وفي بلادنا الحبيبة حرصت حكومتنا على دعم هذه المشاريع وأقرت القوانين المنظمة لعمل الكراسي البحثية وساهمت في تفعيل مخرجاتها في الواقع، إلا أن مساهمات الكراسي البحثية لا تزال محدودة لحداثة هذه الصناعة وقلة المستثمرين فيها.
تسويق الأبحاث العلمية
صف لنا واقع مراكز البحوث في الجامعات؟ وكيف يمكن تفعيل سياسة تسويق الأبحاث العلمية على المدى القصير؟
ساهم توجه الدولة نحو اقتصاد المعرفة في زيادة عدد المراكز البحثية والكراسي العلمية، وزادت أعداد البحوث العلمية بشكل ملحوظ؛ حيث تحظى كثير من هذه المراكز بدعم سخي من الدولة أو القطاع الخاص.وما نعمل عليه في “المعرفة النوعية القابضة” هو تفعيل الشراكة بين الجامعات والقطاع الخاص لتحقيق استفادة أكبر من المنتجات العلمية للمراكز البحثية. ولتحقيق استفادة سريعة من هذه المنتجات يجب إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية لجمع منتجات كافة الكراسي والمراكز البحثية في الجامعات بتخصصاتها المختلفة وبشكل علمي؛ لتصبح في متناول المهتمين في القطاع الخاص وغيره.
الجامعة المنتجة
كيف يمكن تبني أسلوب الجامعة المنتجة ؟
لقد أصبح من الأهمية بمكان تبني أسلوب الجامعة المنتجة، ونقل هذه التجربة الناجحة إلى جامعاتنا بحيث تتعدد مواردها المالية وتتشارك مع مجتمعها في الإنجاز والتطوير والتحسين. وأرى أن الخطة الأولى لذلك هي بناء شراكة حقيقية فاعلة مع القطاع الخاص في المجتمع بحيث تزداد الكراسي البحثية وتتعدد مصادر دعم الأبحاث العلمية، وتقوم تحالفات بين الجامعات وشركات القطاع الخاص، ويحصل التبادل العلمي والتطبيق العملي بين الطرفين، وتساهم الجامعة في إعادة تقييم العملية التربوية والتعليمية في التعليم العام بما يحقق مزيدًا من التركيز على صناعة جيل معرفي مواكب لعالمه.
التفوق في صناعة المعرفة
وماذا عن تعزيز الوعي الاجتماعي تجاه البحوث العلمية لدى قطاعات المجتمع ؟
تقاس الأمم والشعوب اليوم بمنتجاتها العلمية، وبقدرتها على تحويل العلم والمعرفة إلى واقع ملموس. ويسهم الإعلام الحديث بالشراكة مع القطاعات التربوية والتعليمية في إعطاء البحث العلمي حقه من التعريف والتمكين بنشر ثقافته وأهمية العناية به وتشجيعه. إن عملية تعزيز الوعي الاجتماعي تجاه البحوث العلمية وأهميتها بحاجة إلى تعزيز حضور هذا الموضوع إعلاميًا، وتخصيص برامج وتقارير وتغطيات عن جدواه، ووسائل تطويره وتفعيله في المجتمع، وأن يصل هذا الحراك الإعلامي إلى المؤسسات التربوية والقطاعات الخاصة، بحيث يتشكل تحالف اجتماعي ووعي عام بأهمية التفوق في صناعة المعرفة وإنتاجها.
بعد إندماج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، كيف تتحقق الاستفادة المطلوبة؟
تشكل خطوة دمج وزارة التعليم العام بالتعليم العالي فرصة عظيمة للاستفادة من النتاج العلمي الكبير والمحكم لأبحاث الجامعات في مجال تطوير التعليم العام وتحسين مخرجاته، بحيث تستخدم نتائج وتوصيات هذه الأبحاث في رفع مستوى كفاءة عملية التعليم العام، وتحسين مخرجات العملية التعليمية من دون اللجوء إلى وسطاء أو جهات خارج الجسد التعليمي المتمثل بوزارة التعليم. وستحضر بقوة مسألة تقييم مخرجات التعليم العام من حيث واقع الطلبة في الجامعات واحتياجاتهم العملية وكفاءتهم العلمية، وتظهر بشكل أكثر وضوحًا لدى صانع القرار إيجابيات وسلبيات العملية التعليمية، سواء في التعليم العام أو العالي بمقارنتها باحتياجات السوق وواقع المخرجات التعليمية.
هل ترى دورًا للبحث العلمي في رؤية 2030 ؟
تحتاج البيئة العلمية إلى إفاقة قوية بروح وطنية، تصد كثيرًا من المفاهيم التي شابها بعض الخلل، كإيجاد بنك معلومات يربط الجامعات السعودية بإداراتها الحيوية والمجتمع، ويُسهل التواصل والاتصال وصولًا إلى الهدف المأمول الذي لا يتأتى إلا عبر البحث العلمي واستثماره من خلال مجتمع علمي يبني مجتمعًا معرفيًا بحثيًا، لا ينتهي فيه دور شبابنا على شهادة قد لا تؤهله حتى لسوق العمل.
هل هناك هيئة لتسويق الاختراعات والابتكارات محليًا وعالميًا بالمملكة؟
تتيح التكنولوجيا الجديدة والاختراعات فرصًا تجارية عديدة، لكنها لا تعطي نتائج أبعد بشكل مقبول ومطلوب لتسويق أفضل الابتكارات، وتحويلها إلى استثمار معرفي ناجح؛ إذ يقع العبء الأساسي في توطين التقنية وتبني براءات الاختراع الوطنية، على عاتق المؤسسات التعليمية والبحثية والشركات والمؤسسات الوطنية، خاصةً تلك التي لها فوائد تطبيقية جديدة ومردود اقتصادي واعد، فالاختراع إذا لم يتحول إلى منتج مفيد ذي عائد اقتصادي مجدٍ، فإنه لا يعدو غالبًا أن يكون مجرد فكرة تُسجل فقط في إدارة براءة الاختراع.. ويقتل المخترع من جهة والموهبة من جهة أخرى، فسعادة العقول تكمن في تبني أفكارها وإشهارها.
مع الزيادة المطّردة في أعداد الباحثين والمتخصصين في العلوم والهندسة والعلوم الأخرى، شجعت الدول البحث العلمي، وإنشاء الأجهزة التي تعنى به، إضافة إلى المراكز البحثية المتخصصة كمدينة الملك عبدالعزيز بفروعها ومعاهدها المختلفة، وإنشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين، لكن كل ذلك ليس إلا وسيلة للوصول إلى الهدف والحضور الفعلي للعقول المتميزة ورعايتها ونضوجها والاستفادة منها، وجعلها منتجًا وطنيًا يتلوها أهم خطوة وهي تبني تلك المخترعات الوطنية وخصوصًا ذات الجدوى الاقتصادية.
لا يوجد ضمن الأنظمة القائمة ما يخدم فكرة تبني تلك المخترعات وإخراجها إلى النور؛ لذا من الأفضل إنشاء جهاز خاص لدعم المخترعين أو هيئة عليا لمن يحصلون على براءة اختراع داخليًا أو خارجيًا، أو مساعدتهم بإيجاد شريك ممول لهم؛ وبالتالي تسويقه؛ ما ينعكس إيجابيًا على المخترع وعلى وطنه. وربما يكون له دور في التنسيق بين المراكز العلمية والبحثية وبين الشركات ورجال الأعمال لاستقطاب أكبر عدد من المختصين والمخترعين، وفتح باب التطوير أمام تلك العقول النيرة التي يشدها البحث.
مامدى مساهمة رواد الاعمال في هذا المجال؟
ارتكزت مراهنة التحول الوطني على أمة هذا الوطن وعقولها في رؤية استثمارية واضحة المعالم تضع المملكة في مصاف عوالم المعرفة، كأول مجتمع له عمق إسلامي، ووضع اقتصادي جاذب للاستثمار يستحوذ على صناديق سيادية، وموقع جغرافي فريد، يساعد على تغيير هوية الاقتصاد من ريعي إلى إنتاجي وفق نهج علمي وعملي يغطي كافة عناصر ومقومات استدامة التنمية وشموليتها.
لذا يجب النظر إلى العمق العلمي والفكري والاقتصادي للبحث العلمي ودور ريادة الأعمال في جعل الحلم رؤية، والرؤية رسالة، والرسالة واقعًا ملموسًا، يساهم في رفعة تلك الصناعة بشقيها الأساسي والتطبيقي جنبًا إلى جنب الدولة، خاصة وأن هناك قطاعات اقتصادية كبرى تحقق أرباحًا طائلة من الدراسات والأبحاث المُكلفة كالشركات والبنوك، لكن الاستفادة منها محدودة.
لذلك كان لمجموعة المعرفة النوعية، الريادة في التسويق العلمي للمنتجات العلمية وعدد من المشاريع الريادية التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة داخل المجتمع السعودي ورعايتها للأفكار العلمية والبحثية من خلال ورش العمل والمؤتمرات التي تصل خلالها الباحثين برجال الأعمال ممن يساهمون في تذليل العقبات أمامهم لتجاوز كل المخاوف برؤية تستكشف افاق المستقبل عبر تنويع مصادر الاستثمار خاصة في صناعة البحث العلمي.