تعد الشركات الصغيرة والناشئة من المحركات القوية الداعمة لاقتصاديات الدول الكبرى، وعندما نتحدث عن تلك الشركات، فيجب علينا التنويه إلى أن المصطلحات السابقة هي مسميات غير دقيقة، ليس فقط لأن لتلك الشركات تأثيرًا كبيرًا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية للعديد من الدول، بل أيضًا لأنها تمثل نحو نصف عمالة القطاع الخاص في بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا لأرقام إدارة المشروعات الصغيرة.
وواقع الأمر، أن معظم الأعمال التجارية التي تقع في حي صغير، أو تقبع داخل منطقة وسط المدينة الصاخبة، هدفها العمل على ازدهار علامة تجارية تقدمها للمجتمع، إلا أن بعض المواقع، لا تشيد بالعمل الشاق لأصحاب مثل هذه المشروعات، بل يتم تهميشها أحيانًا، سواء من خلال اللوائح الداخلية، أو النظرة المجتمعية للبعض منها، لكن يظل رواد الأعمال يتمتعونبفرص بعيدة المدى، تغير محيطهم المباشر؛ من خلال استقطابهم للأماكن البعيدة من العالم.
الاتصالات الفردية
كيف يمكن لمطعم بحي جديد أن يترك آثارًا طويلة المدى؟ إنه أمر بسيط للغاية، فالمؤسسون لا يركزون اهتمامهم فقط على التسويق، ولكن أيضًا على رد الفعل بشكل ثابت. ومن جانب آخر، يقدّر المستهلكون الشركات التي تحتفظ بالأموال مستحقة الدفع للضرائب، والتي توفر أيضًا مكانًا لعمل الموظفين يربطهم بجذورهم.
وبوجه عام، إذا ما كانت شركتك تندرج تحت هذه الفئة، وكنت تبحث عن طريقة لزيادة تميزك، فاعتمد على الاستراتيجيات الثلاث التالية:
١- منح أجورٍ عادلة:
إن تعويض موظفيك هو الشيء الواجبعليك القيام به؛ فذلك يزودهم بدخلٍ يمكن إنفاقه على الشركات المحلية، وربما حتى على عملك، كما قد ترى أيضًا منفعة أكثر بشكل مباشر في دفع رواتب عادلة لهم؛ إذ تعمل تُحسِّن من سمعتك المحلية كصاحب عملٍ جيد؛ وهو أمر يهم عملاءك، كما يعطيك أفضلية في التعيينات الوظيفية المستقبلية المحتملة لشركتك.
كذلك، لا يمكن تجاهل حديث بعض الساسة عن الأجور المعيشية التي تتناسب ومتطلبات الحياة، فقد يكون حديثهم مخيفًا لرواد الأعمال، وكونك منهم قد يجعلك تواجه صعوبة في التفكير في طرقٍ جديدة لزيادة معدلات رواتب موظفيك في كافة المجالات.
هذا يعني أن الانتقال إلى سياسة الأجور الأكثر عدالة يتطلب نهجًا شاملًا، يتطلب منك البدء في إعداد هيكل أجورٍ عادل، وتقييم كافة الأدوار بشركتك. وبمجرد أن يصبح لديك مثل هذا الهيكل في مكانه الصحيح، ستحتاج إلى معايرة السوق المحيط بك بالأسواق المماثلة، مع مراعاة أنك توظف بعض موظفيك في بعض الأماكن؛ وبالتالي ستخسر البعض الآخر.
بمرور الوقت، انظر إلى أداء كل موظف، وقرر كيف توزع زيادات الأجور، كما عليك أيضًا أن تقرر ما إذا كنت ترغب في رفع معدلات أجور شركتك أكثر قليلًامن منافسيك أو تتساوى معهم في الأجور، وأغلب الظن أن المعيار الأساسي الذي يحكم متوسط الأجور في مثل هذه المشروعات هو نوعية نشاطك، والمنطقة الكائن بها مشروعك.
٢- مسؤوليتك عن مصادر منتجاتك:
ينفق بعض المستهلكين- بما في ذلك ٨٦٪ من جيل الألفية- أموالهم على منتجات الشركات التي تصدر مواد المنتج مباشرة، لكن كيف تعلن عن التزامك بهذا في جميع النقاط في سلسلة التوريد الخاصة بك؟ استكشف ما إذا كانت صناعتك تتطلب شهادات أو إشارات لانتقاء خيارات التجارة العادلة لكل شيء، بدءًا من المواد التي تشتريها إلى الطرق التي تستخدمها لإنشاء منتجاتك.
أيضًا، يعد الالتزام بالمصادر الأخلاقية سر نجاح عملك؛ وهذا ما أشار إليه جوليو زيجارا بالون؛ صاحب سوق “زي بي” بسانت لويس؛إذ يرى باعتباره بائعًا للمنتجات التجارية المصنّعة يدويًا، أنه قد “منح العملاء في الولايات المتحدة فرصة ليقولوا: أنا أختار شراء هذا مقابل ذلك”، كما يقول: “إذا كنت قادرًا على رؤية ومعرفة كيفية تأثير دولاراتك على حياة مئات الآلاف من الحرفيين في جميع أنحاء العالم، فستكون أكثر ميلًا للالتزام الأخلاقي للمضي قدمًا نحو النجاح”؛ حيث يقارن جوليو بين زيادة الاهتمام بمنتجات التجارة بحركة الأغذية المزروعة محليًا.
وبنفس الطريقة يتساءل المستهلكون عن مصدر الغذاء وكيفية إنتاجه، إنهم دومًا ما يكونون شغوفين إلى معرفة ما إذا كانت المنتجات التي يشترونها تُنتج دون استغلال العمال أو البيئة! فمن خلال الالتزام بالمصادر الأخلاقية، يمكن لعملك أن يتحدث عن نفسه، ويحدث فارقًا.
٣- نسج مهمتك الاجتماعية في قصتك:
لماذا يقتصر عملك على مجرد بيع منتج أو خدمة؟ انسج مهمة في قصة عملك وشاركها مع العالم؛ فذلك لا يُشعرك فقط بالهدف، بلأيضًا سيجعلك تشاهد مزايا القيام بذلك؛ إذ كشفت نتائج استطلاع أجرته شركة Cone للاتصالات، أن نحو ٨٥٪ من مستهلكي الألفية ينتقلون إلى العلامة التجارية الجديدة، إذا كانت مرتبطة بقضية ما تدعمها.
فعلى سبيل المثال، قامت ليلى جانا؛ صاحبة أحد المشروعات التابعة لشركةSamasourceلحلول البيانات، باستخدام العمل عبر الإنترنت للمساعدة في انتشال الأشخاص من براثن الفقر؛ باستقطاب عمال غير مدربين يعيشون في البلدان النامية. ولا تقدم شركة ليلى الفرصة لتحسين حياة هؤلاء الأشخاص فحسب، بل تمنح العملاء سببًا آخر لاختيار شركتها عن منافسيها. وعلى خطى ما سبق، قد يكون لديك بالفعل مهمة اجتماعية تدفعك لاتخاذ القرار في شركتك، فإذا لم يكن الأمر كذلك، فقد حان الوقت لمعرفة ما هو الأقرب والمناسب إلى شركتك، ثم شارك هذا الاكتشاف مع العالم من خلال كل قرارٍ تتخذه.
إن العمل الجيد ليس هو الشيء الصحيح فقط الذي يجب عليك القيام به، لكنه يمكن أن يكون خطوة تجارية ذكية، فالمصداقية، وإعادة التفكير في الطرق التي يمكنك أن تمنحها لمجتمعك، قد تجعلك تجني إيراداتأكثر بكثير مما كنت تتخيل.
ريت باور