يتوافر بالمملكة مقومات سياحية متعددة عبر مساحتها الشاسعة وتضاريسها المتباينة التي شكلت مناطق سياحية في الشرق والغرب والشمال والجنوب، علاوة على المحميات الطبيعية، والمحميات البحرية، والمرتفعات الجبلية.
ويشكل هذا المزيج ثراءً سياحيًا هائلًا، يضاف إليه ما تتمتع به المملكة من تنوع طبيعي في مناطقها المختلفة، أقل ما تُوصف به أنها طبيعة بكر، كما تتمتع بكنوز سياحية غير معروفة، ربما تكون أهم بكثير من بعض الآثار الموجودة في دول أخرى. ولو أخذ هذا التنوع حقه من التعريف والتسويق، فإنه سيدفع عددًا كبيرًا من السياح للتوجه للمملكة؛ ما يُنعش قطاع السياحة؛ لتزيد نسبة مساهمته في الناتج القومي الإجمالي.
وكغيره من القطاعات المهمة، يُعد قطاع السياحة واحدًا من أهم القطاعات الناشئة في المملكة التي يُعوَّلُ عليها كثيرًا في دعم الاقتصاد؛ إذ أسهم في زيادة الناتج المحليّ الإجمالي بنسبة تزيد عن 7% قبل خمسة أعوام، كما أدى النمو في هذا القطاع إلى زيادة نسبة التوظيف؛ حتي بلغت نحو 26% من مجموع العاملين في القطاع السياحي.
كذلك، بلغ عدد شاغلي الوظائف المباشرة نحو 670 ألف وظيفة، وقد تزيد بإضافة أعداد شاغلي الوظائف غير المباشرة؛ ما يعني زيادة القوى العاملة؛ إذ طبقًا لبعض التقارير فإن دخل القطاع بلغ نحو 46 مليار دولار من السياحة الوافدة قبل ثلاثة أعوام؛ إذ أنفق السياح الأجانب حوالي 48 مليار دولار، أما السياح المحليون فبلغ إجمالي إنفاقهم في هذا العام حوالي 28 مليار دولار.
ويتطلب قطاع السياحة، مزيدًا من الاهتمام والدعم والتمييز، لاسيَّما وأنه مجال عمل مثمر، مضمون النتائج، كما يتطلب خلق فرص تنافسية عبر حوافز تشجيعية تزيد من الإقبال عليه؛ أي ينبغي إعادة النظر في استراتيجيات العمل الحالي؛ لأننا نعيش في عصر شامل في معلوماته، سريع في تطوراته، غريب في تغيراته، رائد في توجهاته؛ لذا قد يصعب استخدام الأساليب التقليدية في تطوير القطاع والنهوض به، بل يجب وضع استراتيجية عامة تُترجم إلى خطط، تُفصَّل إلى خطط وبرامج قصيرة المدى وطويلة المدى.
وقبل ذلك، نحتاج إلى تحديد الرؤى والأهداف التي نسعي إلى تحقيقها؛ لأن وضع رؤية لأي عمل، هو الأساس الذي يحدد مدى نجاح أو فشل هذا العمل؛ وهو أمر ليس بسهل؛ إذ يعتمد على عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية ودينية، تحتاج إلى تحليل دقيق للأوضاع الراهنة، واستشراف واقعي للأوضاع المستقبلية، ليس على مستوى العمل فقط، بل أيضًا على مستوى جميع الأعمال التي تؤثر أو تتأثر بهذا العمل, وكذلك على مستوى المناطق التي تؤثر أو تتأثر بتلك المنطقة، وليس منطقة العمل فقط.
إن العناصر المكملة لنجاح قطاع السياحة وتطوره متوفرة في المملكة، سواء كانت وسائل نقل أو مؤسسات خدمية كالفنادق ومنازل الضيافة التي تتناسب وقدرة السياح، وهي عناصر تحتاج إلى تطوير، وخطة تعريفية شاملة تُبرِز إمكانات المملكة السياحية.
ولايزال المجال مفتوحًا أمام الأفراد والمؤسسات الخاصة للعمل في ظل وجود دعم حكومي مقدر للقطاع، فإذا ما تكاملت تلك الجهود، فستصبح السياحة من القطاعات الرائدة في دعم اقتصاد المملكة طبقًا لما هو مخطط في رؤية 2030.