ينطبق على هينينغ مانكل وصف المثقف الملتزم بالمعنى الذي كان جان بول سارتر أسهب في شرحه، والذي يعني به التزام المثقف بقضايا المهمشين والذين يرزحون تحت نير التعسف والظلم الاجتماعي، ولذلك لم يكن غريبًا أن يكون مانكل مناصرًا للقضية الفلسطينية، وتربطه بالبلدان الإفريقية روابط قوية.
كان الإنسان هو محور اهتمام هينينغ مانكل ويمكن قراءة منتوجه الأدبي من زاوية تأويلية ما على ضوء هذا الالتزام الإنساني. بهذا المعنى يمكن القول إن مانكل كان مثقفًا عضويًا _وفقًا لتحديد أنطونيو جرامشي_ بمعنى أنه يمزج بين النظرية والممارسة، ويرى أن الثقافة هي فن العيش بالأفكار، وأن الرؤى التي لا تجد لها طريقًا إلى الواقع فلا جدوى منها.
وفي الخامس من أكتوبر عام 2015 رحل عن عالمنا أحد أشهر كتاب الجريمة في العالم، واحتفاءً بهذه الذكرى يرصد «رواد الأعمال» أهم المحطات في حياة هينينغ مانكل وذلك على النحو التالي.
اقرأ أيضًا: إراسموس.. رائد الأدب الإنساني
وُلد هينينغ مانكل في 3 فبراير عام 1948م في ستوكهولم عاصمة السويد في 1948، وانتقل لاحقًا إلى منطقة بوروس في محافظة فيستر يوتيلاند، وكان جده يدعى أيضًا هينينغ مانكل، وكان مؤلفًا موسيقيًا.
وعند بلوغه سن العشرين كان «مانكل» بدأ مسيرته كمؤلف، كما عمل مساعد مخرج في المسرح المركزي في ستوكهولم، وتعاون في السنوات اللاحقة مع العديد من المسارح السويدية.
وكان هينينغ مانكل في شبابه ناشطًا سياسيًا يساريًا، وشارك في احتجاجات 1968 في السويد والتي خرجت ضد حرب فيتنام والحرب البرتغالية الاستعمارية ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وانتقل بعد عام 1970 من السويد إلى النرويج وعاش مع امرأة نرويجية كانت عضوًا في الحزب الشيوعي العمالي، وشارك بفعالية في أنشطة الحزب ولكنه لم ينضم إليه.
وبعد أن عاش في زامبيا ودول إفريقية أخرى، دٌعي هينينغ مانكل ليصبح مديرًا فنيًا لمسرح تياترو أفينيدا في مدينة مابوتو عاصمة موزمبيق.
تزوج من إيفا برغمان ابنة المخرج الشهير إنغمار برغمان، وفي 12 يونيو 2008 حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة سانت أندروز في اسكتلندا، وفي يناير 2014 أعلن هينينغ مانكل للجمهور خبر إصابته بمرض السرطان، ثم عاد في مايو وذكر أن العلاج سار بشكل جيد وأن حالته الصحية في تحسن.
تبرع هينينغ مانكل في عام 2007 بمبلغ 15 مليون كرونة سويدية (مايقارب 1.5 مليون يورو) لصالح منظمة ترعى الأطفال في غرب موزامبيق. كما تبرع بمبالغ كبيرة لمنظمات خيرية أُخْرَى، معنية بمكافحة الفقر، مثل منظمة “يد بيد”.
ومن أعماله نذكر ما يلي: قاتل بلا وجه (1991)، الكلاب في ريغا (1992)، اللبوة البيضاء (1993)، الرجل الذي ابْتَسَم (1994)، مَسار خاطئ (1995)، موت المصور (1996)، المرأة الخامسة (1996)، التأخر خطوة واحدة (1997)، جدار النار (1998)، الهرم (1999)، الرجل الجَزِع (2009)، يد مُربكة (2013).
ومن مسرحياته ما يلي: الظّباء (1989)، شجرة البرتقال (1983)، عصف السماء (1999)، حكايات عند حواف الزمن (1999)، أمسية خريفية قبيل الصمت (2008)، أحسبني سمعت كلابًا (2008)، الرجل الذي يبني أكواخًا (1998)، أيام وليال في شارتر (2008)، شيخ يرقص (2003)، أشجان الفراشة (2002)، الجرو (2003)، قبيل الفجر (1999)، الزمن المظلم (2001)، الحاكم المعتوه (1989)، القاتل عديم الضمير هاسه كرلسون (1989).
وحاز هينينغ مانكل على جائزة الأكاديمية السويدية لكتاب الجريمة لأفضل رواية جريمة سويدية، عن رواية «قاتل بلا وجه»، وحصل في عام 1991 على جائزة نيلز هولجيرسون عن «جسر إلى النجوم»، وفي العالم التالي حصل على جائزة المفتاح الزجاجي لأفضل رواية جريمة في شمال أوروبا عن رواية «قاتل بلا وجه».
وفي عام 1995م حصل على جائزة الأكاديمية السويدية لكُتاب الجريمة لأفضل رواية جريمة سويدية، عن رواية «مَسار خاطئ»، كما حصل على جائزة أستريد ليندغرين السويدية، وجائزة الخنجر الذهبي من رابطة كتاب الجريمة، وجائزة كوراينه الدولية للكتاب عن «التأخر خطوة واحدة»، وجائزة المخبر الأمريكية لأفضل رواية جريمة أوروبية عن «عودة معلم الرقص»، وجائزة كوراينه الدولية للكتاب الألماني المسموع عن «الصيني».
وتوفي في 5 أكتوبر 2015 في غوتنبرغ بالسويد.
اقرأ أيضًا:
10 معلومات مهمة عن غسان كنفاني
أهم المعلومات عن “جيمس ميرليس” عالم الاقتصاد الحائز على “نوبل”
هيريت ستو والقدرة على وصف الواقع