لا شك أن إقرار نظام التجارة الإلكترونية في المملكة، يأتي استكمالًا للآليات الملائمة لتحقيق أهداف رؤية 2030، في إطار منظومة متكامل ذات رؤية طموحة وسياسات واعية للنهوض بالمملكة؛ من خلال تعزيز التنويع الاقتصادي، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار، ودعم ريادة الأعمال وخلق فرص عمل، وتوفير قنوات جديدة للصناعة المحلية.
ويأتي هذا النظام تعزيزًا لموثوقية التجارة الإلكترونية؛ بهدف زيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني، وتحفيزًا لأنشطة التجارة الإلكترونية؛ وذلك من خلال 26 مادة توفر الحماية اللازمة لتعاملات التجارة الإلكترونية من الغش والخداع والتضليل والاحتيال، بما يحفظ حقوق التاجر والمتسوق الإلكتروني معًا.
وتُعرَّف التجارة الإلكترونية وفق هذا النظام، بأنها “كل التعاملات الإلكترونية ذات النشاط الاقتصادي التي تهدف لبيع أو تبادل منتجات أو خدمات، أو الإعلان عنها، أو تبادل البيانات الخاصة بها، وتسري أحكامه على التاجر أو الممارس عبر الوسائل الإلكترونية، المتسوق الإلكتروني “.
ولعل أهم ما يميز هذا النظام؛ هو تعزيزه لسبل الإفصاح عن بيانات التواصل مع المتجر الإلكتروني، أو الممارس للنشاط، بما يحفظ جميع الحقوق، وبيان الخصائص الأساسية للسلع والخدمات، كما يحمي البيانات الشخصية للمتسوق الإلكتروني، ويحدد مسؤوليتها ويمنع استخدامها لأغراض غير مصرح لها، أو مسموح بها.
وقد تكامل برنامج التحول الوطني 2020 مع رؤية 2030 خلال السنوات الماضية، في وضع تصور شامل لتحقيق التنويع الاقتصادي، القائم على تقليل الاعتماد على النفط، ودعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، ووضع الخطط المطلوبة لتحقيق المستهدف.
ومن هنا تبرز أهمية نظام التجارة الإلكترونية كجزء من برنامج التحول الوطني القادر على دعم أهداف البرامج الاستراتيجية الطموحة للمملكة؛ حيث يساهم هذا البرنامج بفاعلية في دعم نمو قطاع التجارة الإلكترونية السعودية؛ من خلال:
- تطوير البينة التحتية للاتصالات.
- تحسين قطاع الخدمات اللوجستية.
- تعزيز سهولة أداء الأعمال.
- دعم الصناعة المحلية.
- تحفيز الابتكار وريادة الأعمال.
وجميعها أهداف، تدعم بقوة النمو المتواصل لهذا القطاع الواعد، علاوة على التقدم الذي تحقق في هذا القطاع، في إطار حرص المملكة على الريادة الإقليمية والعالمية؛ إذ تعد من أكبر أسواق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وذلك للانتشار الواسع للإنترنت، والهواتف الذكية، وزيادة تحسين البنية التحتية للاتصالات وخدماتها، وزيادة الوعي بأهمية التقنيات والتكنولوجيا، بما أدي إلى زيادة الاستثمارات في قطاع التجارة الإلكترونية والتوسع فيه، فضلًا عن أن امتلاك المملكة منظومة متكاملة من التجارة الإلكترونية، سواء من حيث جانب الطلب، أو العرض، أو البيئة التي يتم من خلالها التعامل الإلكتروني؛ ما يدعم استدامة التطور والنمو في هذا القطاع الواعد.
ولا شك أن إقرار هذا النظام، وما يترتب عليه من دعم لقطاع التجارة الإلكترونية، سيكون له مردود اقتصادي كبير، سواء على البيئة الاستثمارية، أو تحقيق التنوع الاقتصادي للمملكة ووضعها في مكانة متقدمة بين دول العالم، كما ستساهم هذه التوجهات بشكل فعال في تحقيق ريادة الأعمال للاقتصاد السعودي، وتحسين البيئة الاستثمارية؛ الأمر الذي يدعم رؤية 2030 نحو اقتصاد مزدهر تتنوع فيه مصادر القوة والدخل.
وكغيره، سوف يواجه النظام الجديد، تحديات في الواقع العملي؛ الأمر الذي يُعول على اللائحة التنفيذية مواجهته، وخاصة فيما يتعلق بقضيتين أساسيتين هما: أمن المعلومات، وحماية المستهلك؛ لما لهما من أبعاد متعددة، وجوانب أخلاقية، قد يصعب التعامل معها في الوقت الحاضر.